نقف تبجيلاً وانبهارًا لهذا الشعب العظيم، ونتذكر ما قام به أبناء الوطن أثناء كل فترة عصيبة، وأمام كل انكسار وهزيمة يتفجر من هذه الأرض المباركة أبطال أوفياء لديهم من الجسارة والإصرار والتحدي والصبر، ما يجعلهم قادرون علي المواجهة والعمل أثناء المحن لتأتي المنح.
وما أحوجنا الآن للتبحر وسرد الحكاية الأسطورية التي حدثت من الشعب المصري بعد نكسة 1967، والتي تفرض علينا أن نرويها للأجيال الجديدة، لكي يتفهموا ويستشعروا نوع آخر من الفداء والتضحية لا يقل أهمية عن التضحية بالنفس فانبهر العالم كله وأولهم العدو باصطفاف كل أطياف الشعب، فوجدنا من الجميع الوقوف صامدًا، ضحى بكل نفيس وغالي من أجل جيشه ووطنه واسترداد أرضه والدفاع عن عرضه.
فبالروح والدم والتنازل بكل حب ورغبه نجده ضحي بكل نفيس وغالي من أجل الحفاظ علي الجيش والوطن، وظهر كالنسر داخل ساحات النضال، فمنذ العدوان الثلاثي 31 أكتوبر 1956، ومرورًا بالنكسة 1967، وحرب أكتوبر المجيدة 1973، وحتي مواجهته مع الإرهاب أظهر براعه ونضال لم نشاهده من قبل مع شعب آخر.
وبالرغم من قسوة الفترة بين 1967، 1973 ومرارة الهزيمة في 5 يونيو 1976، ومع رهان العدو علي استسلام المصريين وخضوع القيادة المصرية للهزيمة، حيث خرجت تصريحات من قاده إسرائيل تحمل نبرة الغرور والاستخفاف بقدرة المصريين علي الحرب والقتال، كل هذا كان كفيلًا بتدمير شامل للروح المعنوية للشعب المصري بأكمله، وبالرغم من الخسائر الفادحة التي تكبدها الجيش والشعب، إلا أنه غير المشهد لصالحه وجعله أعظم مشهد يدرس في التاريخ، فقد جاءت الأولوية (للقوات المسلحة) من حيث إعادة وتدريب ورفع للكفاءة، وتهيئة الروح المعنوية وبث فيها النضال والتحدي والإصرار علي النصر، وكل هذا بفضل من الله عز وجل، وللشعب المقاتل، فوجدنا الكل في سباق مع الزمن من أجل تحرير الأرض كأولوية لا تضاهيها أهداف أخري، وتكاتف الجميع لمساندة قواته المسلحة ودعم المجهود الحربي وعلي سبيل المثال:
الجهد من خلال التطوع في المستشفيات وعلي الجبهة وبالمال، حيث تبرع المصريون بكل غالي ونفيس دون كلل أو ملل من أجل أن تعود القوات المسلحة مره أخرى قادرة على مواجهة العدو وتحرير الأرض، وتأتي بسالة المصريين وتتحدث عن نفسها، فكلما اقتربت ساعة الصفر كانت الجبهة الداخلية هي الأم والحصن المنيع داخل نفوس جنودنا الأبطال، فأصبح الشعب مع الجيش نسيجًا واحدًا بكل أطيافه (الجندي، والعامل، وربة المنزل، ورجال الدين، والمبدعين، والفنانين.. .إلخ)، وكان للصبر والإيمان والإرادة القوية مردود عظيم علي الجميع
وشاهدنا ربط للأحزمة علي البطون من أجل توفير الخبز والغذاء للمقاتلين علي الجبهة، وتوقفت حالات العراك الشعبي في المدن والأحياء الشعبية، وسادت حالة من السلم والإخاء والتكاتف وجسدت أروع النماذج خلال هذه الفترة، حيث لوحظ تراجع كبير في معدلات الجريمة في الشارع المصري، وعادت سجلات الشرطة تخلو من الجرائم الجنائية، وتغيب تام للمصلحة الشخصية امتثالًا لوحدة الهدف وعظمة الغاية (النصر المؤكد)، الإنتفاضة الإنسانية العظيمة للمصريين للتبرع بالدم.
ولا ننسي الدور والحضور القوي للقوى الناعمة خلف الجيش لمحاربة الإشاعات، والحرب النفسية التي كانت تبثها وسائل الإعلام الإسرائيلية، للسيطرة علي عقول المصريين والشباب، وبث روح الخوف والهزيمة بداخلهم، فجاءت (الدراما التليفزيونية، والأغاني الوطنية، والدين الذي كان حاضرًا بقوة)، كل هذا شكل في نشر الوعي وتشكيل الهوية الوطنية للأطفال والشباب، مما ساعد في التلاحم الحقيقي الشعبي الذي كان سبب نصر أكتوبر.
دعوة صادقة جاء وقتها الهام والضروري للحفاظ على كل نقطة دماء أريقت من أجل كل فرد يعيش الآن داخل وطنه آمنًا مطمئنًا يعمل وينهض ويفرح مع أبنائه وأصدقائه وعائلته، وتلك الدعوة هي أن نتكاتف جميعاً من أجل الحفاظ على أمننا وسلامة أراضينا، نعمل من أجل الحفاظ على بقاء جيشنا قوى، نرفض كل الأعمال البذيئة أو الشائعات المغرضة ونعمل على سحقها من أجل رفعة وبناء وطن قوى متسلح بجيش وشعب لا يقهر، نتكاتف مع الدولة من أجل بناء إنسان قوى يعمل وينتج ويكون مؤثر ويصبح قوياً بقدرته على الإنتاج والصناعة من أجل استقراره داخل وطنه وأن ينعم والأجيال الجديدة بالسلام والآمن وقوة الوضع الاقتصادي.
ويجب علينا أن نضحى كما ضحى من سبق من المصريين، وأن نتحمل من أجل بناء الوطن، فكما فعل السابقين من أبناء الوطن وضحوا بالجهد والمال وكل ما يملكوه في سبيل الدعم الحربى، وجب علينا الآن الصبر والتضحية بكل غالى من أجل بناء وطن قوى مستقر قادر على الوقوف أمام أي خطر يهدده.
وفى الختام نتذكر قول أحد الفلاسفة فطرة الرجل معجون بحب الوطن، وقال آخر يداوى كل عليل بعقاقير أرضه إن الطبيعة تتطلع لهوائها وتنزع إلى غذائها، فنعى جيداً أن حب الوطن والتضحية من أجله هو واقع يستحق أن نعمل بحب وتفان من أجل المحافظة عليه فالوطن هو الماضى والحاضر والآرث، فالشعب المصرى لايقهر ولايستطيع أحد النيل منه أو الدخول معه فى معركة أخرى.
اقرأ أيضاً
الرئيس السيسي: احنا بنتعامل مع كل الأزمات بالعقل والصبر