الغسل من الجنابة هو واجب شرعي بإجماع العلماء، وقد جاء ذلك تأسيًا بسنة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- حيث كان يلتزم بطريقة معينة في الغسل، وينبغي للمسلمين أن يتعلموا كيفية الغسل من الجنابة .
فقد ورد في صحيح مسلم عن السيدة عائشة "رضي الله عنها" أنها قالت: «كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يُفْرِغُ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ الْمَاءَ فَيُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي أُصُولِ الشَّعْرِ، حَتَّى إِذَا رَأَى أَنْ قَدْ اسْتَبْرَأَ حَفَنَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثَ حَفَنَاتٍ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ».
كيفية الغسل من الجنابة
الغسل من الجنابة يتطلب اتباع عدة خطوات للتأكد من الطهارة التامة، ومن هذه الخطوات:
1. النية: يجب أن ينوي المسلم الطهارة من الحدث الأكبر عند الشروع في الغسل.
2. التسمية: يُستحب أن يبدأ المسلم غسله بقول "بسم الله الرحمن الرحيم".
3. غسل اليدين ثلاث مرات: يُستحب غسل اليدين أولاً، حيث إن اليدين هما وسيلة أخذ الماء، ولضمان النظافة العامة قبل البدء.
4. غسل الفرج باليد اليسرى: يجب غسل منطقة الجنابة باليد اليسرى للتخلص من النجاسة، حيث يطهر المسلم هذه المنطقة استعدادًا للغسل الكامل.
5. تنظيف اليد اليسرى بعد غسل الفرج: يُستحب أن يقوم المسلم بتنظيف يده اليسرى بالماء والصابون بعد غسل الفرج لضمان إزالة كل أثر للأذى.
6. الوضوء الكامل: يُستحب الوضوء كما يُفعل للصلاة، وهذا يغني عن الوضوء بعد الانتهاء من الغسل، إلا إذا لمس المسلم فرجه أثناء الغسل؛ فيجب الوضوء حينها مجددًا.
7. غسل القدمين: هناك خلاف بين العلماء حول توقيت غسل القدمين؛ فبعضهم يرى أن يكون ذلك في الوضوء، والبعض الآخر يرى أن يُؤخَّر إلى آخر الغسل، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كلا الحالتين.
8. تعميم الماء على الشعر: يُفضل أن يُدخل المسلم أصابعه في أصول الشعر لتعميم الماء والوصول إلى الجذور، خاصة إذا كان الشعر كثيفًا.
9. إفاضة الماء على الرأس ثلاث مرات: بعد تخليل الماء للشعر، يُفضل إفاضة الماء على الرأس ثلاث مرات لإتمام الطهارة.
10. تعميم الماء على باقي الجسد: يجب تعميم الماء على الجسم بأكمله، ويُستحب أن يبدأ المسلم بالجهة اليمنى ثم اليسرى.
حكم تأخير الاغتسال من الجنابة في الشتاء
قالت دار الإفتاء، إنه ينبغي المسارعة إلى الطهارة من الجنابة ما استطاع المسلم إلى ذلك سبيلا، وإلا فيستحب له أن يتوضأ إذا أراد معاودة الجماع أو الطعام أو النوم أو الخروج لقضاء حوائجه والتصرف في بعض شئونه.
وأشار إلى أنه إذا كان الجنب سيتضرر باستعمال الماء في وقت البرد مثلا، فإن عليه أن يتخذ الوسائل التي يستطيع من خلالها أن يغتسل ولا يتضرر، وذلك مثل تسخين الماء، والاغتسال في مكان دافئ ونحو ذلك.
وورد أنه قال ابن قدامة في المغني: وإن خاف من شدة البرد وأمكنه أن يسخن الماء، أو يستعمله على وجه يأمن الضرر مثل أن يغسل عضوا عضوا، وكلما غسل شيئا ستره لزمه ذلك، وإن لم يقدر تيمم، وصلى في قول أكثر أهل العلم، وإن كنت تتضرر باستعمال الماء مهما عملت، ثم تيممت وصليت، ثم بعد ذلك قدرت على استعمال الماء، فلا قضاء عليك، ولا تلزمك الإعادة، كما هو الراجح من أقوال أهل العلم.
هل يقضي من تيمم خوف البرد الشديد وصلى ثم أمكنه الغسل ، ورد أنه إذا عجزت عن استعمال الماء، فكان الواجب أن تتيمم، وتصلي قبل خروج الوقت.
أما وقد حصل ما حصل، فالواجب عليك قضاء هذه الصلاة بالتيمم إذا استمر عجزك عن استعمال الماء, وإذا قدرت على استعمال الماء، وجب أن تغتسل وتقضي تلك الفائتة، ولا تأثم في هذه الحالة إذا كنت جاهلا أو ناسيا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه وغيره، وصححه الألباني.
هل الاستحمام يغني عن الغسل من الجنابة؟
يعتبر الغسل المطلوب شرعًا هو سيلان الماء على كامل البدن بنية الطهارة، ويشترط أن يصل الماء إلى كل جزء من أجزاء الجسم والجذور، ويُستحب البدء بالجانب الأيمن ثم الأيسر اقتداءً بما جاء عن السيدة عائشة رضي الله عنها.
شروط صحة ماء الاغتسال
لتكون مياه الغسل صالحة للطهارة، يجب ألا تتغير بصفة تمنع تسميتها ماءً خالصًا، كأن تتغير بطعم أو لون أو رائحة تمنع ذلك، أما الوضوء قبل الاغتسال فهو سنة وليس فرضًا، مما يعني أن الوضوء فيه ثواب ولكنه ليس شرطًا لصحة الغسل.
دعاء بعد الغسل من الجنابة
حذّر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- من النوم على جنابة دون غسل، ونصح بأداء الغسل أو الوضوء أولًا ثم الاغتسال الكامل في وقت لاحق. من الأدعية التي يُستحب قولها بعد الغسل: "اللَّهُمَّ طَهِّرْ قَلْبِي وَتَقَبَّلْ سَعْيِي وَاجْعَلْ مَا عِنْدَكَ خَيْرًا لِي، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ".
حكم الغسل بعد شرب الخمر
ذكر الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، أن الخمر نجس، لكن لا يلزم الغسل بعد شربه. يُفضل فقط المضمضة قبل الصلاة لإزالة آثار النجاسة.