تتصاعد في الآونة الأخيرة تكهنات حول إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، مما قد يوفر للأخيرة فرصة للتركيز على غزة، حيث تسعى منذ بدء التصعيد قبل أكثر من عام لإنهاء ما تعتبره تهديداً مستمراً على جبهتها الجنوبية.
هل يتفاوض يتخلى حزب الله عن غزة؟
وفقاً لصحيفة "إسرائيل اليوم"، يعتزم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقد جلسة مشاورات اليوم لمناقشة إمكانية إنهاء المواجهة على الجبهة اللبنانية. في السياق ذاته، ذكرت مصادر إسرائيلية أخرى أن مبعوثي الإدارة الأميركية، آموس هوكشتاين وبريت ماكغورك، سيزوران إسرائيل قريباً لمحاولة التوصل إلى اتفاق ينهي القتال في لبنان. وتشير تقديرات مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، نقلها موقع "أكسيوس"، إلى أن حزب الله ربما يكون مستعداً للنأي بنفسه عن دعم حماس في غزة، مما يعزز احتمالية إبرام اتفاق سلام قريباً.
وفقاً لموقع "أكسيوس"، فإن الاتفاق المحتمل يتضمن عدة بنود، من أبرزها:
- وقف إطلاق النار يعقبه فترة انتقالية لمدة 60 يوماً.
- التزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701.
- نقل أسلحة حزب الله الثقيلة شمال نهر الليطاني بعيداً عن الحدود الإسرائيلية.
- انتشار الجيش اللبناني بحوالي 8,000 جندي على طول الحدود.
- انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية إلى الجانب الإسرائيلي من الحدود.
في 21 أكتوبر الجاري، التقى المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين برئيس البرلمان اللبناني نبيه بري في بيروت، حيث صرح هوكشتاين أن زيارته تهدف إلى تعزيز أسس إنهاء النزاع، من خلال تطبيق القرار 1701 بموضوعية وشفافية. ويؤكد هوكشتاين أن مستقبل لبنان لا يجب أن يكون مرتبطاً بالنزاعات الإقليمية.
وأوضح محمود القماطي، نائب رئيس المجلس السياسي لحزب الله، أن الحزب لم يتلقَّ أي مشروع رسمي أو مبادرة سياسية، مؤكداً أن الأولوية الحالية للحزب هي للميدان، وأنه لن يقبل بأي تفاوض تحت النار. في وقت سابق، شدد نعيم قاسم، الأمين العام لحزب الله، على ضرورة وقف إطلاق النار في غزة قبل مناقشة أي حلول مع إسرائيل.
ومنذ بداية التصعيد الإسرائيلي على غزة في أكتوبر العام الماضي، تبنّى حزب الله موقفاً داعماً للمقاومة في القطاع. وعلى الرغم من تكبده خسائر كبيرة، بما في ذلك اغتيال الأمين العام حسن نصر الله وبعض القادة البارزين، لم يتراجع الحزب عن مواقفه، حيث يرفض الفصل بين جبهات المقاومة، ويرى في الدفاع عن غزة جزءاً من معركته العقائدية والمبدئية.
وأفادت وسائل إعلام عبرية بأن شهر أكتوبر الحالي كان بمثابة "أكتوبر الأسود" لإسرائيل، حيث تكبدت قوات الاحتلال خسائر بشرية كبيرة. وأشارت تقارير إلى إرهاق الجيش الإسرائيلي بعد تحقيقه مكاسب عسكرية واستخباراتية مؤثرة في الأشهر الأخيرة، مما يجعل القيادة العسكرية ترى في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار فرصة سانحة لإنهاء الحرب واستعادة الأسرى الإسرائيليين.
و تتجه الأنظار نحو تطورات الأيام المقبلة، في ظل المساعي الأميركية للوصول إلى تهدئة بين حزب الله وإسرائيل، والتي قد تؤدي إلى انحسار النزاع على الجبهة اللبنانية، في وقت تستمر فيه التعقيدات على جبهة غزة.
من جانبه، قال أستاذ القانون والنظم السياسية الفلسطيني، الدكتور جهاد أبو لحيّة، إن تمسك لبنان بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، الذي أكده كل من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري، يعكس حرص لبنان على استعادة الهدوء بعد العدوان الإسرائيلي الذي خلف آلاف الضحايا ودمارًا واسعًا في المساكن والبنية التحتية.
وأضاف أبو لحيّة في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن القرار 1701 يمثل إطارًا دوليًا يدعمه لبنان ويستند إليه، إذ يطالب حزب الله بتطبيقه دون أي تعديلات جوهرية على بنوده، وفي ظل هذا التوجه، يسعى لبنان إلى التوصل لاتفاق تهدئة، خاصة مع تزامن المحادثات الجارية حول وقف إطلاق النار في غزة. ويرى أبو لحيّة أن تمسك حزب الله بربط جبهة لبنان بغزة قد يُسهّل الوصول إلى تهدئة شاملة على كلا الجبهتين.