- تأثر بأفكار «جابوتنسكي» المتطرفة ووصف بأنه «أكثر اليهود تطرفًا فى العالم»!!
- منذ الصغر يحلم بـ«إسرائيل الكبرى في المنطقة»، وأن تكون لها السيادة على العالم.
- يعتبر «بيجين» مارقًا يهوديًا لأنه سلم «سيناء» إلى السادات، ويراها عاصمة للدين اليهودي.
- يكره العرب العرب، وكان يحلم منذ الصغر بأن يكون «هتلر» الألماني.
أصدرت «دار كنوز» للنشر والتوزيع كتابًا جديدًا للكاتب الصحفى مصطفى بكرى بعنوان «نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى» حيث يتضمن الكتاب تاريخ نتنياهو وأفكاره المتطرفة التى استقاها من رؤية «زئيف جابوتنسكى» رئيس الحركة التصحيحية المتطرفة. ويتناول الكتاب العديد من الوقائع التى كان لها تأثيرها منذ الطفولة فى حياة رئيس الوزراء الإسرائيلى والتى كانت حافزًا لوصوله إلى رئاسة الحكومة منذ عام1996، وعلى مدى فترات تاريخية أخرى.
ويتوقف الكاتب أمام الكثير من مقولات بنيامين نتنياهو التى تضمنها كتابه «مكان تحت الشمس» ومذكراته وأوراقه الخاصة مفندًا خطورتها..
وتنشر الأسبوع هذا الفصل من الكتاب والذى يحمل عنوان «بذور التطرف».
«بنيامين نتنياهو سيكون من أكثر اليهود تطرفًا فى العالم» هذه العبارة قالها أحد أصدقاء والد نتنياهو وهو المؤرخ الإسرائيلى «يوسف كلاوزفر» الذى كان رئيسًا لتحرير دار المعارف العبرية.
لقد تأثر بنيامين نتنياهو بأفكار والده فى رؤيته للتاريخ اليهودى، وكانت هذه نقطة مهمة فى تشكيل البنيان الفكرى لبنيامين، حيث إن والده الذى شعر بالإهانة الشديدة فى إسرائيل لأفكاره المتطرفة والتى لم تتلاءم حتى مع غلاة التطرف فى إسرائيل الذين كانوا يسعون إلى تثبيت أركان دولة إسرائيل، استطاع بفضل صديقه المؤرخ «يوسف كلاوزفر» أن يعيد تكيفه مع المجتمع الإسرائيلى وعمل نائبًا لرئيس تحرير ”دار المعارف العبرية” وهو المنصب الذى فرض على الوالد والابن معًا أن يتعمقا فى دراسة التاريخ اليهودى، ولذا فإن نتنياهو اعتاد فى صغره أن يدون ملاحظات ذات قيمة عالية فى بناء خطواته، حيث إنه كان يشترى الكشاكيل الدراسية ويكتب عليها من الخارج ”بنيامين لإسرائيل” و”إسرائيل لبنيامين”، وكان أحد المقربين من بنيامين وهو مسئول إستخبارى فى الــ ”سى آى إيه” يردد دومًا أن بنيامين كان ذكيًا منذ صغره ومحددًا لخطواته وكان لا يدع أى فرصة تفوته، يدرك أكثر مما يدرك أى سياسى إسرائيلى فى ذلك الوقت أن الغلبة فى إسرائيل ستكون لدعاة التطرف، وأنه يحب إسرائيل بقدر ما يحب ذاته، وهو يرى أنه كلما كبرت إسرائيل كبرت ذاته، ولذلك فإن مصلحته الباعثة على الحركة هى السبب فى تبنيه لأفكار التطرف، لقد كان يباهى بأنه لا يكره العرب فقط، وإنما يكره حيوانات العرب أيضًا، لأنها تعيش معهم، ويروى: إنه اطلع في إحدى المرات على أحد هذه الكشاكيل التى كان يدون فيها خواطره وأفكاره ووجد أنه كان يحلم بأن يكون مثل هتلر الألمانى، وتكون له دولة قوية وواسعة ومترامية الأطراف، وحدد هذه الدولة الكبيرة بأنها تشمل كل منطقة الشرق الأوسط وأن يكون الشمال الإفريقى العربى والخليج العربى بالإضافة إلى كل بلاد الشام وحتى حدود البحر الأحمر الجنوبية تحت سيطرته الكاملة، والغريب أن بنيامين زعم بأنه سيكون رئيسًا لكل هذه البلدان من خلال الانتخابات وأن يكون حق الانتخاب مقصورًا على الإسرائيليين وحدهم لأن العرب لن يكون لهم حق الانتخاب، خاصة أنه كان يحلم فى مذكراته بأن يفعل بالعرب مثلما فعل هتلر باليهود والذى يمقته ويصفه أحيانًا بأنه "عربىي".
ويعد كتاب "مكان تحت الشمس" هو المرجع الهام لكل أفكار نتنياهو وبخاصة فى إطار أن تكون لإسرائيل السيادة على العالم وهو يعتبر- كما ورد فى مذكراته- أن اليهود "أذكى" فصائل البشر على عكس العرب الذين هم "أغبى" فصائل البشر، ومع ذلك فإن العرب هم المتحكمون فى اليهود من ناحية الاستيلاء على أرضهم التاريخية كما يقول.
يقول بنيامين فى أوراقه الخاصة عن سيناء: ”إنها المكان الذى جاءت فيه رسالة موسى الذى أُرسل لبنى إسرائيل، ومن الطبيعى أن يكون لليهود عاصمتهم الدينية فى سيناء، إلا أن العرب المعتدين طردوا اليهود من هذه البقعة الطاهرة، حيث إنهم لم يكتفوا بأن يحتضنوا ديانتهم الإسلامية بل قرروا الاعتداء على مقدسات يهودية فى منطقة يهودية الأصل، وهو ما أدى إلى قيامه بتأليف ”ترنيمات يهودية” هيامًا وغرامًا فى سيناء، ووفقًا لأفكاره ومعتقداته فإنه لا ينظر لسيناء على ”أنها مناطق أمن لإسرائيل مثلما ينظر للجولان أو الجنوب اللبنانى، وإنما هناك- كما يرى منطقتان إسرائيليتان لا يجوز التخلى عنهما وهما ”"سيناء والقدس" ولذلك فإن كرهه لبيجين تزايد بعد أن سلم سيناء للسادات فى معاهدة كامب ديفيد، وكان يقول فى مذكراته الخاصة: إن بيجين لم يخطئ تاريخيًا فقط بتسليمه سيناء للسادات، وإنما أصبح مارقًا يهوديًا يحل عليه العذاب في الدنيا والآخرة، ويقول:: "إنه كره كل السياسيين الإسرائيليين بسبب ذلك، كما أنه أصبح لا يطيق النظر فى وجه الساسة اليهود".
ويحلم نتنياهو منذ صغره كما قال فى مذكراته وبعد تعمقه فى دراسة التاريخ اليهودى بأن يبنى فى وسط سيناء مقر رسمى للحكومة الإسرائيلية تحيط به المعابد اليهودية الكبرى، وأن تكون سيناء عاصمة ليس لإسرائيل فحسب وإنما لكل يهود العالم، حيث كان يحلم أيضًا أن تكون سيناء على غرار الفاتيكان عاصمة مسيحيّ العالم، وأن يبنى فى جزء من سيناء «مدينة الدين اليهودى» وهى خاصة بالعبادات، وأن يأتى إليها يهود العالم ليتقربوا إلى الله فى هذه المدينة.
ولم يكتف نتنياهو بأن تكون سيناء عاصمة للدين اليهودى، ولكن أيضًا عاصمة العالم الاقتصادية، حيث يرى ضرورة أن يتم إنشاء أكبر ثلاثة بنوك فى العالم أحدها فى سيناء والثانى فى القدس والثالث فى تل أبيب، وفى كل بنك من هذه البنوك تنشأ مجموعة من البنوك الفرعية ذات التخصصات المحددة مثل بنك للصناعة، وآخر للمشروعات الزراعية وثالث للسياحة وهكذا، وأن كل يهودى فى العالم عليه واجب دينى وأخلاقى هو أن يودع أمواله فى هذه البنوك، وأن يتعامل معها، هذا بالإضافة إلى إنشاء صندوق خاص لدعم الأنشطة اليهودية، هذا الصندوق سيتم تمويله من رجال الأعمال اليهود والمؤسسات الاقتصادية اليهودية فى جميع أنحاء العالم.
وكان نتنياهو يرى أن إنشاء هذا الصندوق بالقرب من مدينة الدين اليهودى فى سيناء، وإنه لن يخضع فقط للتبرعات الاختيارية أو الطوعية من رجال الأعمال، وإنما أيضًا من خلال التبرعات الجبرية بحيث يفرض على أى يهودى فى إسرائيل وغير إسرائيل أن يتبرع بنسبة محددة من أمواله يتم تحديدها بنسب معينة حسب ثراء ومكانة كل شخص، وأن يتم تجميع هذه المدخرات والتبرعات لإنشاء مراكز إعلامية كبرى وكذلك أنشطة إنتاجية عالية لدعم دولة اليهود، كما يرى أن الدول المجاورة جميعها يجب أن تخدم الدولة اليهودية فى سيناء والقدس وتل أبيب حيث يزعم فى مذكراته الخاصة أنه لم يكن هناك احتلال إسرائيلى لأى منطقة عربية فى أى وقت، وإنما هناك احتلال عربى لأرض إسرائيل وأن إسرائيل إذا ما أغارت على البلاد العربية فإن الدافع الرئيسى لذلك هو استرداد أراضيها، لقد ترسخت هذه الأفكار فى ذهن نتنياهو منذ الصغر، فهو يرتبط بالقدس ارتباطًا عاطفيًا ويرتبط بسيناء ارتباطًا دينيًا، ويرتبط بتل أبيب ارتباط الطموح والأمل، هكذا وصف نتنياهو من قبل إحدى صديقاته فى الولايات المتحدة.
ولا شك أن هذا الوصف ينطبق فعلًا على المراحل الحياتية لبنيامين نتنياهو، حيث أن ارتباطه العاطفى بالقدس يعود إلى استقراره فى حى «الطالبية»، وكانت لدى والده غرفة مستقله خاصة به، كان يطلق عليها مملكته الخاصة، وكان «بنيامين» وثيق الصلة بشقيقيه يوناثان وعيدو، حيث إن الوقت الذى يقضيه معهما كان يحب أن يستمع فيه إلى شقيقه الأكبر يوناثان تحديدًا، ولم يكن يعلق كثيرًا بآرائه، حتى أن أخويه كانا يصفانه بأنه داهية البيت، نظرًا إلى أنه كان يستحوذ على النصيب الأكبر من حب والديه، وفى ذات الوقت كان قليلًا ما تكون له مطالب ملحة.. وكان يلجأ إلى العديد من الحيل لتنفيذها، وكان «بنيامين» يلح دوما على والده بأن يسمح له بالانتماء إلى حركة «بيتار» وهى فصيل من حركة «حيروت»، وكانت المهمة الأساسية لهذه الحركة هى إنشاء جيل من الشباب والأطفال الإسرائيليين القادرين على حمل لواء النضال والرفعة لشأن إسرائيل، إلا أن انضمام بنيامين لمجموعة بيتار لم يكن سهلًا كما كان يتوقع، حيث إنه كان لديه اعتقاد بأن والده يملك القرار فى هذا الصدد، إلا أن بيتار فى ذلك الوقت كانت تضم أبناء رجال الأعمال والإسرائيليين البارزين فى المجالات السياسية والتكنولوجية وغيرها، أو بعبارة أخرى صفوة المجتمع الإسرائيلى، وكان بنيامين من صغره يعتقد بأنه من هؤلاء الصفوة، وأنه ليس أقل شأنًا من أى شخص منهم بخاصة أن والده المثل الأعلى له، والموجه الحقيقى لكل تصرفاته.. كان يراه أستاذًا ومنظرًا كبيرًا لدولة إسرائيل، وعندما فشل والد نتنياهو فى أن يجعل ابنه يلتحق بمجموعة بيتار أو حركة حيروت ألح بنيامين على معرفة السبب من والده، هنا انفجر الأب وقال لأبنائه إن المتآمرين كثروا من حولى، وإنهم أصبحوا لا يتحملون أن أعيش بينهم، وشرح كيف أنه يفشل فى داخل المجتمع فى تحقيق أى هدف له أو لأبنائه، وأن الإهانات أصبحت تتوالى عليه، وفى هذه الجلسة العاصفة، كما يصفها نتنياهو فى أوراقه الخاصة، قرر والده أن يرحل الجميع إلى الولايات المتحدة، ويقول نتنياهو: إن هذه الجلسة العائلية لا يمكن أن تمحى من ذاكرتى لأنها كانت صريحة وكان من الواضح فيها أن والدى يعانى أكثر مما يتحمل، وأن صورة الرجل القوى وسط هؤلاء المسئولين والسياسيين الإسرائيليين أصبحت تتبخر، إلا أن نتنياهو كان لديه اعتقاد جازم بأن هناك مؤامرات حقيقية ضد والده، وضد أسرته جميعًا وأنه كان يعانى عقده نفسية لازمته طوال حياته خاصة تجاه أبناء السياسيين الذين كان فى مقدورهم الالتحاق بمجموعة «بيتار»، وأنه كان يكرههم لأنهم على حد اعتقاده كانوا يسرقون منه الحلم والأمل فى بناء دولة إسرائيل وأن يكون هو فيها أحد مسئوليها الكبار، وكان نتنياهو يعانى بالفعل هذه العقدة التى استمرت معه حتى بعد توليه منصب رئيس الوزراء الإسرائيلى، لأنه كان يتعمد إهانة واحتقار كل الذين جرحوا كبرياءه فى صغره، على الرغم من أن هؤلاء لم يكونوا مسئولين عن ذلك، ولذلك فإن نتنياهو إذا كان يكره أعضاء حزب العمل فإنه يكره بذات القدر العديد من شخصيات الليكود، وأنه استطاع أن يصل إلى قمة الليكود من خلال مداهنته للعديد من شخصيات الليكود، حيث يوصف أن لديه القدرة على إقناع أى شخص بأي أفكار أو معتقدات من خلال جلستين أو ثلاث أو حتى جلسة واحدة وأنه فى أحيان كثيرة يكون غير مؤمن بالكثير من الأفكار التى يقولها، وأحيانًا أخرى يبدى أنه مع آراء الغير ويؤيدها ويتعهد بأنه سيدعو إلى تحقيقها فى أقرب وقت ممكن، ولكن فور الفكاك من هذا الشخص، فإنه يتفحص هذه الأفكار، ويقوم بتنفيذ مايراه صحيحًا، وأن نتنياهو فى حياته سيطر عليه طابع الشك فى الآخرين، وهو بذلك كان متأثرًا بوالده الذى كان يتحدث عن الكثير من الأصدقاء الذين خدعوه ولم يقفوا معه، بل دبروا له المؤامرات والمكائد حتى يبتعد عن «أرض إسرائيل».
وكان والده يقول له عن كل سياسى يعرفه أنه هو الذى صنع هذا السياسى، وأن هذا السياسى تنكر له بعد ذلك، كما أن دراسته للتاريخ اليهودى عمقت فيه جانب المراهنة، بحيث بات يقتنع بأنه أذكى من الآخرين ويستطيع ليّ الحقائق وإقناع الآخرين بهذا التزييف.
وتشير المعلومات إلى أن نتنياهو كانت لديه رغبة فى أن يتعلم العربية من أجل قراءة الصحف العربية، ومعرفة كيف يفكر العرب من خلال لغتهم مباشرة دون اللجوء إلى التراجم الخاصة، إلا أن والد نتنياهو رفض هذه الأفكار وقال له إنك لست بحاجة لأن تتعلم شيئًا عن العرب أو اللغة العربية، فهم أعداء لنا ويكفينا أن نعرف هذا.
ولا شك أن هذه الفكرة سيطرت كثيرًا على مجريات حياة نتنياهو الذى تفرغ تمامًا لدراسة التاريخ اليهودى، دون أن يطلع على شيء من تاريخ العرب، أو طموحاتهم السياسية، أو الإرث التاريخى فى أراضيهم، إلا أن والد نتنياهو طلب من ابنه أن يتقن اللغة الإنجليزية، وأن يجيدها بدلًا من اتجاهه لدراسة اللغة العربية، واقتنع نتنياهو بتلك الأفكار، واستطاع أن يتقن اللغة الإنجليزية إلا أن إتقانه للإنجليزية لم يكن مرتبطًا باللغة ذاتها وإنما لإمكانية اطلاعه على جميع الوثائق الأجنبية التى تتحدث عن العرب، وكان نتنياهو أيضًا من العاشقين للسينما ومشاهدة الأفلام الأمريكية، وكان والداه يشجعانه على ذلك، لدرجة أنه قرر أن يتجه إلى كتابة السيناريو فى الأفلام الروائية، خصوصًا وأنه كان لديه خيال خصب فى تخيل الأحداث وبناء المواقف.
وتروى إحدى صديقاته فى الولايات المتحدة أن بيبى كان مغرمًا بدرجة كبيرة بالسينما ومشاهدة أفلام العنف والأفلام الحربية، وكان يتمنى أن يكون أحد أبطال الأفلام العسكرية، وكان كثيرًا ما يشرد بذهنه ثم يعود ويقول لأصدقائه لقد كنت فى قناة السويس أقاتل المصريين، وإننى نجحت فى هزيمتهم، ثم يقوم بتأليف رواية كاملة عن هذا السيناريو، وكيف أحبط خطط المصريين للإستيلاء على العديد من المناطق، وكان يتخيل نفسه أحيانًا المخطط الأول لعملية قناة السويس، وأحيانًا أخرى من الضباط الكبار المشاركين فى مثل هذه العمليات، وتخيل فى مرة ثالثة أنه جندى قرر أن يحارب المصريين وجهًا لوجه، وأن ضباطه أعجبوا به وبشجاعته، وأن قائد الجيش الإسرائيلى أنعم عليه بنيشان إسرائيلى وقرر ترقيته إلى ضابط لشجاعته غير العادية فى قتال المصريين، وكان كثيرًا ما يتشاور مع أخيه الأكبر «يوناثان» فى مثل هذه الروايات، وإنه فى أحدى المرات قرر الاثنان تأليف قصة مشتركة أطلق عليها ”عوزى الحبيب” وهى فى مجملها تحكى قصة أم إسرائيلية فقدت ولديها فى معارك عسكرية مع الدول العربية، قررت الانتقام بطريقتها الخاصة، وأنها أستأجرت، منزلًا بالقرب من الحدود المصرية- الإسرائيلية، وكانت تصطاد المصريين وتقوم بقتلهم الواحد تلو الآخر، ثم قررت توسيع دائرة نشاطها ودخلت إلى مصر بجواز سفر مزور على أنها مصرية وقتلت ألف مصرى من خلال أساليب ماكرة عديدة، ومنها انتقلت إلى سوريا وأقامت هناك فترة قتلت فيها ألف سورى ثم توجهت إلى لبنان وقتلت ألف لبنانى، ثم عادت إلى إسرائيل وهى راضية عما فعلته وأصبحت تنادى ”عوزى الحبيب نم مستريحًا لقد أخذت حقك من الأعداء”، وعوزى هذا هو ابنها الأكبر، ولا شك أن قصة بنيامين فيها العديد من المواقف التى تبين مدى سخط نتنياهو وكرهه للمصريين، ونقمته على العرب جميعًا، وكان يوناثان من الشخصيات التى لعبت دورًا مهمًا فى حياة بنيامين بل إن قتله فى عملية يكار عنتيبى أثرت كثيرًا فى حياة بنيامين، وكان يعتبر أن أخاه ضحى بحياته من أجل إسرائيل، وأنه مصمم على الانتقام لأخيه من كل العرب، بطريقته الخاصة، وبعد مقتل أخيه فى عملية «عنتيبى» كتب فى مذكراته الخاصة أنه يريد أن يبلغ والديه بأنه انتقم لمقتل أخيه، وأنه كان يؤلمه جدًا الحزن الذى أصابهما لمقتل ”يوناثان” الذى كان من شرفاء هذا القرن كما كان يطلق عليه وكان من المخلصين فى أحاديثهم وحبهم لدولة إسرائيل.
ونقطة الخلاف بين نتنياهو وأخيه يوناثان، أن الأخير كان يعشق الولايات المتحدة وكان يرى أنه من الممكن أن يحقق أمل إسرائيل من خلال العمل فى الولايات المتحدة، كما كان يرى إمكانية تكوين جماعات يهودية كبرى تحقق أمل إسرائيل فى التوسع، فى حين أن نتنياهو كان يرفض تلك الفكرة ويرى أن الولايات المتحدة هى مكان خاص يحتمى به الإسرائيليون، عندما يضيق أمامهم باب العيش فى إسرائيل وأنه لولا ظروف الإهانة والاحتقار التى تعرض لها والده فى إسرائيل، ما كان يمكنه أن يغادر أرض الميعاد، ويقول نتنياهو فى مذكراته الخاصة، وإن والده مثله يعشق إسرائيل، ويرفض الابتعاد عنها، إلا أنه أحس بأنه عاجز عن أن يدبر القوت لأولاده بخاصة أنه مؤهل علميًا، لذلك قرر أن يستعد للعودة من جديد من خلال عمله بالولايات المتحدة، وتقول المذكرات الخاصة: إنه صحب أخاه الأصغر، وكان معه يوناثان وذلك قبل سفرهم مباشرة للولايات المتحدة، فى يناير1963م، وكان نتنياهو عصبيًا ويقول لأخويه: «أيمكن أن نترك بلادنا، أيمكن أن نترك القدس، لا- سافروا وحدكم»، وأخذ أخوه يوناثان يهدئ من روعه، ويقول له: إن الميعاد قريب، وفى القريب سنعود، ولكن يجب أن نكون أقوياء، وأن قوتنا لن تبدأ من هنا، وإنما ستبدأ من الولايات المتحدة.
وخلال الأربعة عشر عامًا المتواصلة والتى قضاها نتنياهو فى الولايات المتحدة كان من أكثر أخوته حرصًا على أن يزور إسرائيل فى الإجازات الصيفية، ويقضى بها وقته، لقد كانت القدس حلمًا له فى سنوات الدراسة هكذا يقول فى أوراقه، وأنه فور الانتهاء من الدراسة لم تكن هناك لذة تعادل لذة سفره إلى القدس، وإنه كان يحرص على أن يقبل أرضها ويقبل جدرانها، وكذلك المسنون من الرجال والنساء، ولا يخفى نتنياهو أنه فى خلال وجوده بالولايات المتحدة تأثر بالأدب الأمريكى، وأن هذا الأدب جعل له خيالًا أوسع وأخصب من الأدب الذى كان يعرفه فى إسرائيل.
ويعترف نتنياهو أيضًا بأن هذا الأدب فتح له آفاقًا واسعة خصوصًا من حيث التخطيط للمستقبل، ورؤية الأمور بروية وبصورة أكثر إدراكًا وأن أعداءه فى إسرائيل لم يصبحوا هدفًا له، بمعنى تكريس موجات العداء المتصلة ضدهم، وإنما قرر أن يكسب هؤلاء الأعداء إلى صفه، وأنه عندما تحين اللحظة المناسبة سيقضى عليهم جميعًا، أما بالنسبة إلى العرب وبخاصة المصريين فهو يرى- فى تطور مراحل فكره بعد سنوات دراسته فى الولايات المتحدة- أن العرب من حقهم أن يعيشوا ولكن فى الصحراء، ويجب أن يعودوا إلى ممارسة أعمال رعى الأغنام وتربية الماشية، وأن يتركوا الوديان حتى يقوم اليهود بتعميرها، وهو يعتقد أن العالم كله يريد ذلك، إلا أنهم يخشون أن يجهروا بهذه الحقيقة.