يبدأ التصويت الحاسم في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، غدًا الثلاثاء، حيث تشارك الجاليات المسلمة ممن لها حق التصويت في الانتخابات بأجندة مطالب تتصدرها قضية وقف العدوان على غزة، وتشير استطلاعات رأي إلى أن أصوات المسلمين، لاسيما في الولايات المتأرجحة، قد تكون حاسمة في تحديد الفائز. ومع تزايد حجم الجالية العربية والمسلمة، تتصاعد الدعوات لتنظيم وتوحيد أصوات المسلمين، وتوجيهها بشكل أفضل، بهدف زيادة تأثيرها السياسي وتمكينها من التعبير عن اهتماماتها بفاعلية في السياسات الأمريكية المقبلة.
لأول مرة، تحظى أصوات المسلمين والعرب في الولايات المتحدة باهتمام كبير من مرشحي الرئاسة، بفضل تزايد أعدادهم في السنوات الأخيرة نتيجة الهجرات المتتابعة من بلدانهم. ورغم أن نسبة الناخبين المسلمين لا تتجاوز 1% من مجموع الناخبين، إلا أن وجودهم في الولايات المتأرجحة، مثل ميشيغان، بنسلفانيا، وجورجيا، يمنحهم تأثيرًا ملموسًا في السباق الرئاسي. ويكتسب دورهم أهمية إضافية في ظل التقارب الكبير بين المرشحين، كامالا هاريس ودونالد ترامب، وفقًا لاستطلاعات الرأي الأخيرة.
وفقًا لمراقبين، أصبحت الحرب الدائرة منذ أكثر من عام على قطاع غزة، والتي اتسعت في الشهر الأخير لتشمل جنوب لبنان، ذات أولوية كبرى لدى الناخبين المسلمين والأمريكيين من أصول عربية في الولايات المتحدة، حيث وحّدت مواقف وآراء المسلمين والعرب تجاه المرشحين للرئاسة. وبحسب استطلاعات رأي أُجريت مؤخرًا بين الناخبين المسلمين الأمريكيين فإن أولوية 61% منهم وقف الحرب على غزة، يليها مطلب إبقاء الولايات المتحدة خارج النزاعات الخارجية بنسبة 22%.
هذا التوجه يُعد تحولاً كبيرًا مقارنةً بالانتخابات الرئاسية لعام 2020، التي فاز فيها المرشح الديمقراطي الحالي جو بايدن، حيث كانت الأولويات لدى الناخبين المسلمين في الولايات المتأرجحة متمثلة في الرعاية الصحية بنسبة 19%، والاقتصاد بنسبة 14%، والعدالة الاجتماعية بنسبة 13%. هذه الاهتمامات تبدو الآن أقل بروزًا، في ظل تصاعد العنف، وما يوصف بإبادة جماعية مستمرة يقودها الكيان المحتل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، الضفة الغربية، وجنوب لبنان.
يبدو أن مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب سيحصل على جانب كبير من أصوات المسلمين في الانتخابات الرئاسية في مواجهة مرشحة الحزب الديمقراطي التي تشغل حاليًا منصب نائب الرئيس، ويرجع هذا الدعم إلى الإحباط من إدارة الحزب الديمقراطي التي لم تتخذ خطوات كافية لوقف ما يُوصف بحرب الإبادة في غزة، بل قامت بتقديم المزيد من الدعم العسكري والاقتصادي السخي لدولة الاحتلال، رغم تصاعد الجرائم المروعة بحق الفلسطينيين.
يأتي تأييد الكثير من الناخبين المسلمين لترامب، رغم تناقض خطابه تجاه المسلمين، حيث يطمئنهم بوعوده بإنهاء الحرب، بينما يُعرف بدعمه الكبير لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومشاريعه التوسعية. وكان ترامب قد اتخذ سابقًا قرارات تصب في صالح إسرائيل خلال فترة رئاسته، من أبرزها الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان، واعترافه بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان. كما صرح مؤخرًا بضرورة توسيع دولة الاحتلال نظرًا لصغر مساحتها.
ورغم التناقض في خطاب ترامب تجاه المسلمين والعرب، إلا أنه يكتسب دعمًا أكبر من منافسته نظرًا للسياسات الحالية لأمريكا تجاه قضايا العرب، وخيبة أملهم في أداء الحزب الديمقراطي الذي يُحكم البيت الأبيض الآن. يرى العديد من المسلمين الأمريكيين أن هاريس، كنائبة للرئيس الحالي جو بايدن، متورطة في ما يعتبرونه إبادة جماعية للفلسطينيين، وذلك من خلال دعم أمريكا العسكري لإسرائيل. في المقابل، يعتمد دونالد ترامب في خطابه الانتخابي على لغة مبهمة تشير إلى قدرته على إحلال السلام في الشرق الأوسط، وهو ما دفع الإمام بلال الزهيري، الزعيم المسلم، إلى إعلان دعمه له في ديترويت يوم الجمعة الماضي.
وفي المقابل، يرى يهود أمريكيون أن كامالا هاريس ليست داعمة كليًا لإسرائيل، خاصة بعد دعوتها لتخفيف المعاناة عن سكان قطاع غزة، وتصريحاتها التي وصفت فيها ما يجري حاليًا بالإبادة الجماعية، وقد أثارت هذه التصريحات ردود فعل سلبية من اليهود الأمريكيين، وبعض المتطرفين في إسرائيل، على الرغم من تأكيدها المتكرر على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وسعيها لتزويدها بأحدث الأسلحة للحفاظ على تفوقها في المنطقة في مواجهة ما يُسمى بالتهديدات الإيرانية.
وفيما يتعلق بتأثير أصوات كل من المسلمين واليهود في الانتخابات، تلعب أصواتهم دورًا حاسمًا في عدة ولايات متأرجحة، ويمكن أن تكون أصوات المسلمين حاسمة في ميشيغان وجورجيا، بينما تحظى أصوات اليهود بثقل كبير في بنسلفانيا وأريزونا، حيث يميل نحو 60%-70% منهم عادة إلى التصويت لصالح مرشح الحزب الديمقراطي، رغم تعارض مصالحهم مع المسلمين، خاصة فيما يخص القضية الفلسطينية.