شهدت وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرًا انتشارًا واسعًا لمنشورات تشجع على التواصل مع روبوت الذكاء الاصطناعي "شات جي بي تي" كبديل للأصدقاء، مما أثار نقاشًا حول إمكانية أن يسد الذكاء الاصطناعي الفجوة التي تملؤها العلاقات الإنسانية ورفقة الأصدقاء.
فمع التقدم الهائل في تقنيات الذكاء الاصطناعي وقدرته على التفاعل وفهم احتياجات المستخدمين، يبدو أن التكنولوجيا تسعى إلى تقديم بديل للتواصل الاجتماعي. لكن يبقى السؤال: هل يمكن لهذه الروبوتات أن تحل محل "الخل الوفي"؟
وإن كنت لا تعلم عزيزي القارئ فالتطبيقات الحديثة مثل "شات جي بي تي" أتاحت للمستخدمين بالفعل إمكانية إجراء محادثات تبدو طبيعية، حيث أصبح بإمكان هذه الأنظمة التعرف على مشاعر المستخدمين واستجابتهم بشكل متعاطف ومرن، كما يمكنها تقديم نصائح الدعم النفسي، وإجراء محادثات غير رسمية، مما يجعل البعض يشعر بوجود "رفيق" رقمي متاح دائمًا، يوحي بالأمان والاستماع الفوري.
ورغم هذه المزايا، تظل الصداقات الإنسانية ذات قيمة فريدة يصعب على الآلات محاكاتها، فالإنسان بطبيعته يحتاج إلى علاقات حقيقية تقدم له دعمًا عاطفيًا وتفاهمًا يتجاوز مجرد المحادثات السطحية.
إذ تمنحنا الصداقات الحقيقية إحساسًا بالانتماء والأمان، وتفتح لنا آفاقًا للنمو الشخصي من خلال التفاعل مع أشخاص يشاركوننا أفكارهم ومشاعرهم، ويقفون إلى جانبنا في أوقات الفرح والحزن.
لذا، بينما يمكن اعتبار الذكاء الاصطناعي أداة فعّالة لدعم بعض احتياجاتنا اليومية، إلا أن الاعتماد عليه كبديل عن العلاقات الإنسانية العميقة يبقى أمرًا محدودًا، فالآلات مهما تطورت، تظل عاجزة عن تقديم الدعم الصادق الذي يستند إلى تجارب حياتية ومعانٍ إنسانية حقيقية.
في النهاية، قد يلعب الذكاء الاصطناعي دور "الرفيق الافتراضي"، لكنه لن يكون قادرًا على أن يصبح بديلًا عن الصديق الوفي الذي يفهمنا، ويشاركنا مشاعرنا بعمق يتجاوز نطاق البرمجة والتحليل.