في تشكيل حكومة الدكتور مصطفي مدبولي الثانية تبنت الدولة مفهومًا جديدًا على سياسات التعامل مع القضية او الأزمة السكانية وهو إعادة النظر في الثروة الشرية وتحولها من النظرة السلبية باعتبارها عبئا إلى إعتبارها فرصة ومورد يستدعي التنمية من خلال تبني مفهوم التنمية البشرية و تعيين نائباً لمجلس الوزراء لإدارة ذلك الملف أسوة بالدول كثيفة السكان.
ويأتي قانون تنظيم شئون اللاجئين معبرًا عن إستراتيجية الدولة في التنمية البشرية و ذلك بإدخال هؤلاء الأخوة و الضيوف في النظام الرسمي للدولة ، ليكون ذلك الإدخال و الدمج تحويل وجودهم من عبء الي فرص للتنمية الاقتصادية فضلاً عن التأكيد علي ثقل مصر الإقليمي في ملف اللاجئين ، و ما يستدعيه ذلك من تلقي الدعم من المؤسسات الدولية و الإتحاد الأوروبي .
ويجيء توقيت مناقشة القانون متزامنًا مع تحركات محلية طاردة للاجئين العرب داخل الدولة تــــــركـــــــيا التي جلبت إستثمارات بلغت في بعض التقديرات 10 مليارات دولار من اللاجئين السوريين فقط منذ عام 2011 حتى الآن.
وبمطالعة توجهات القانون من حيث تيسيره للإندماج داخل المجتمع للاجئين انه قد أتاح الإلتحاق بالتعليم و في الرعاية الصحية و تأسيس الشركات او الإنضمام للشركات القائمة أسوة بالمواطنين المصريين .
ولما كان ذلك التقنين من شأنه أن يساهم في الدفع بمعدلات التنمية الاقتصادية و زيادة الدخل المصري من العملة الصعبة سواء من رسوم التقنين او من حصيلة الإستثمارات المباشرة بالقطاعات المختلفة و من تحويلات مواطن اللاجئين من الخارج الي داخل مصر او من خلال المؤهلين تعليمياً او الموهوبين الذين يعملون بأعمال و مجالات التعهيد التي تدر للداخل المصري تحويلات بالعملات الأجنبية ، فضلا عن الدفع بمعدلات ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة .
لذلك نأمل ان يخرج القانون متدرجاً في الشروط و القيود لتقنين أوضاع اللاجئين في مصر علي حسب تصنيفات و المؤهلات العلمية و الخبرات المهنية و التجارية و الإستثمارية لهم .
وعلي صعيد آخر يجب أن يضع القانون حوافز مُتمثلة في تحقيق شروط التقنين في خالة شراء عقارات في المُجتمعات العمرانية الجديدة أو المجتمعات الزراعية أو الصناعية لتسريع عجلة الإمتداد العمراني في تلك المناطق.
وأما بالنسبة للجانب الفكري والثقافي للمصريين ، فيجب ان تقوم هيئة شئون اللاجئين التي سينشئها القانون ان يكون من ضمن اختصاصتها العمل على دمج اللاجئين في النسيج المصري من خلال التوعية والتثقيف خصوصا الديني سواء من خلال وزارة الأوقاف او الكنيسة المصرية .
أما بالنسبة لمعالجة الجوانب السلبية لمسألة اللاجئين مثل المشكلات الأمنية الداخلية او المرتبطة بمسائل الامن القومي، فنرى انه يجب ان يتضمن القانون حظرا على الإقامة بالمناطق الحدودية على سبيل المثال، وتغليظ العقوبات على إقامة تنظيمات السياسية أو النقابية أو العرقية ، مع استحداث فروعا أمنية يكون من دورها مكافحة أي نشاط تنظيمي سياسي داخلي على أساس الجنسية او العرق.
وكذلك يجب أن يتضمن القانون على توسيع شروط الترحيل لمن يقوم بأي نشاط إجرامي أو مخل بالأمن الاجتماعي واتخاذ آليات صارمة لضمان حسن التطبيق وعدم إساءة استغلال مزايا هذا القانون، الذي يؤكد على دور مصر التاريخي والرائد في المنطقة العربية والافريقية.