تامر أفندي يكتب: "الفكرة بالفكرة ونحن الأقوى".. دراما المتحدة تغيير في تكتيك المواجهة .. بوابة المساء الاخباري

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ونحن نودع شهر رمضان الكريم، ونودع معه حكايات أبطال لمسلسلات عشنا معها طيلة 30 يومًا، ولأول مرة لم يكن فيها ابتذال يمنعنا من مشاهدتها، ولأول مرة يخرج كُتاب الدراما جميعًا من فخ العشوائيات.. يجب أن نقول ونؤكد أننا قد بدأنا نستعيد عافيتنا، ونضع أقدامنا على طريق افتقدناه لسنوات، عُدنا إلى دراما تخلق الواقع ولا تنقله، فما جدوى أن ينقل القلم والكاميرا والشخوص سوءات الواقع دون وضع روشتات الإصلاح!

أنا أثق أن ثمة أشخاصًا ما يُدركون أهمية الرسالة، وأن هذا الاختراع العجيب في كل البيوت يُمكن من خلاله شحذ الهمم وتقليل.. بل والقضاء على معدل الجريمة، ومواجهة قوى الظلام والشر، يُمكنه دفع الروح المعنوية لشبابنا ليعمروا ويتعلموا ويتطوروا.

في دراما المتحدة هذا العام تيمة أساسية، وإن اختلفت الكتابات والكُتاب، ألا وهي انتصار الخير على غير عادة، وما كان الخير في بدايته إلا فكرة لو نمت وطُرحت لكان في ثمارها انتصار الحياة على الموت.
إن خط الدراما هذا العام بقصد دفع الروح للنظر لأعلى بعيدًا عن بحور الدماء.. نقل قضية الخير والشر للسماء.. ذكر المُشاهد بأن هناك قاضي عادل لن يتأخر حُكمه وستُرد الحقوق لأصحابها.

فكرة انتصار الخير هذه كانت ما طعمناه من نهود أمهاتنا، فكرة انتصار الخير هذه كانت حواديتنا ونحن صغار، كانت المصابيح التي تُنير ديارنا قبل قلوبنا وعقولنا، كُنا نراها محفورة في سواعد أجدادنا.. كانت كحجاب يعلق على صدورنا.. فكرة صارت معتقدًا ودينًا خالصًا لنا بأن الله لن يتركنا.. بأن مصر حتى وإن كانت في غرفة الإنعاش ستنهض وتتعافى وتقف شامخة رأسها في سيناء وقدميها ينفجر من تحتها الماء العذب في الجنوب. 

كُنا افتقدنا كل ذلك.. توهنا دون إنكار لذلك.. فقدنا الهوية والطريق ولابد أن نعترف أن شتات سنوات يحتاج إلى جهد مضاعف للعودة لنعوض الوقت الذي أضعناه.. وعزاؤنا أننا بدأنا نعود.. أننا جمعنا أقصوصاتنا التي بعثرها الشر.. ووضعنا أيدينا على خريطة العودة.. وبات لزامًا علينا أن نشجع كل من يحاول.. أن نساند كُل من يضيء مصباحًا في طريقنا ويمهد لنا صعبًا. 

ربما لم يعجب البعض نهايات المسلسلات، كانوا يتصورون نهايات غير ذلك لما اعتدنا عليه من سنوات من انتصار تجار الدم والكيف والسلاح وأصحاب الجبروت وقوى الشر والظلام.. فلم نكن نظن أن حسن الصباح مات.. أبعد هذا الجبروت يموت حسن الصباح ويُلقى كجيفة وتُهدم قلعته.. فسبحان من له الملكوت؟ 
لكن الذي ما كنا نتقبله ولو تقبلنا فناء الجسد أن تموت فكرة الشر.. أن نغير نحن تكتيك المواجهة ولا نخوض في أسواق الكلام.. أن نضع رسالتنا ولا نشترك في الجدال عليها.. أن تعود لنا شخصيتنا المصرية المتفردة.. هذا نحن وهذا رأينا وهذه رؤيتنا.. فليجادل من يُجادل وليناقش من يناقش بعيدًا عنا وليقتتل من يقتتل بعيدًا عن هذا البلد الآمن، الذي لم ينتصر فيه شر من قبل.. الذي لم يجد الشيطان له فيه "غنيمة" ولم يستطع إيهام العوام بسحره.. فركعتين حول أضرحة آل البيت تُمحوان ما يدسونه من سم في العقول لسنوات.. 
غلبة مصر وقوتها في فطرتها في دينها.. في الخير الساكن في قلوب أهلها.. تلك حكمة الله لتبقى حائط الصد الأخير لهذه الأمة.. فليعي من أراد أن المصريين يليق عليهم أن يكونوا أبطالًا في الواقع قبل الدراما وحين يجسدوانعملًا ناجحًا فهم يجسدون أنفسهم.

وقبل أن أختم ما فعله صُناع مسلسل "الحشاشين" إعجاز.. نعم إعجاز أن يأتي كاتب مصري من أقاصي الصعيد بعد كل هذه الكتابات عن ملك الجبل، ويهدم فكرته وفكرة من تبعه لسنوات في 30 حلقة لأمر جلل!.. فلقد أخرجنا حسن الصباح من قبره ومن قلعته وحاكمناه أمام العالم وكشفنا كل أتباعه.  ثم في نهاية ال30 حلقة نفخناه كُتراب ولم يبقَ منه حتى الفكرة، نحن فتحنا الباب لمن أراد البحث والاستزادة وتتبع أثر الضلال من لدن حسن الصباح وأتباعه وصولًا إلى حسن البنا وجماعته.. نجحنا في تحقيق ما لا يحققه مئات الكُتب في سنوات.. إنها إذًا الدراما الأقرب إلى قلوب الناس.. اللغة التي يفهمها العوام.

ولست أغالي في عشقي للفكرة، ولا في يقيني بأن ثمة مَن يُخطط ليس فقط للدراما، ولكن للمنظومة كلها بتوجيه الطاقات المٌهدرة لفعل الخير، وأتمنى أن تستمر تلك التيمة لتستعيد مصر عافيتها وفكرها ليُشرق وجهها من جديد، فلقد اشتقنا إلى صوتها. 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق "القرار كان صح".. إمام عاشور يعلق على أزمة كهربا وكولر
التالى شهيدان ومصابون في قصف الاحتلال منزلا في دير البلح - بوابة المساء الاخباري