سناء السعيد
سناء السعيد
أثارت إسرائيل ضجة عارمة ضد القرار الذى تبنته مؤخرا المحكمة الجنائية الدولية، وأصدرت بمقتضاه مذكرتى اعتقال بحق "بنيامين نتنياهو" رئيس الوزراء، "يوآف غالانت" وزير دفاعه. على أساس الاتهام الموجه للرجلين فى أنهما أشرفا على الهجمات التى استهدفت السكان المدنيين فى قطاع غزة، والتي اعتبرتها المحكمة جرائم حرب تشمل استخدام التجويع كسلاح حرب بالإضافة إلى القتل والاضطهاد وغيرها من العمليات غير الإنسانية. وطالب "كريم خان" المدعي العام بالمحكمة الجنائية بالبت بشكل عاجل فى أوامر اعتقال "نتنياهو"، و"غالانت"، وهو القرار الذى تم تأييده من الاتحاد الأوروبى، حيث رحب به وزير خارجيته وقال: (القرار ملزم، وينبغي على الدول احترامه وتنفيذه). أما منظمة العفو الدولية فقالت إن "نتنياهو" أصبح الآن مطلوبا رسميا بعد قرار المحكمة.
الجدير بالذكر أن المحكمة الجنائية الدولية لا تملك سلطة تنفيذ الأوامر التى تصدرها، ولكن ستكون أى دولة وقعت على نظام روما الإنساني ملزمة باعتقال "نتنياهو"، و"غالانت" إذا ما وصلا إلى أراضيها. وانتقدت إسرائيل قرار المحكمة وأدانته، وبادر الرئيس الإسرائيلى فانتقد القرار ووصفه بأنه ظالم للعدالة والانسانية، متهما المحكمة بأنها حولت العدالة الدولية إلى مادة للسخرية، واتهمها بالتحيز للإرهاب والشر. وقال مكتب "نتنياهو": (نرفض رفضا قاطعا الأكاذيب السخيفة والكاذبة التى وجهتها المحكمة الجنائية الدولية لإسرائيل)، وقالت "هآرتس" فى معرض التعليق: (مذكرات الجنائية الدولية حضيض أخلاقى لإسرائيل).
وقال وزير خارجية اسرائيل "جدعون ساعر" إن المحكمة المذكورة فقدت شرعيتها بعد إصدارها مذكرات اعتقال بشأن حرب غزة، وإن المحكمة أصدرت أوامر سخيفة دون سلطة. وبادر وزير الدفاع "غالانت" فانتقد مذكرة الاعتقال بحقه وقال: (إنها تشكل سابقة خطيرة ضد الحق فى الدفاع عن النفس والحرب الأخلاقية)، كما انتقدها "بني غانتس" قائلا: (إن القرار الذي صدر عن المحكمة هو عمى أخلاقى، ووصمة عار تاريخية لن تنسى أبدا). أما "ايتمار بن غفير" فقال: (إن الرد على قرار المحكمة إنما يعنى فرض السيادة على جميع أراضي يهودا والسامرة "الضفة"، ويعنى الاستيطان فى جميع أنحاء البلاد، وأن القرار يعد معاديا للسامية تحت ستار العدالة). غير أن السلطة الفلسطينية رحبت بالقرار وقالت إنه يعد انتصارا للعدالة الدولية وحقوق الإنسان، ورأت أن مذكرات التوقيف التي أصدرتها المحكمة ضد "نتنياهو" و"غالانت" هى خطوة لاستعادة مصداقية النظام الدولي القائم على قواعد النظام القضائى. ووصفت حماس القرار بأنه سابقة تاريخية مهمة، ويأتى لتصحيح مسار طويل من الظلم التاريخى للشعب الفلسطينى.
أما الولايات المتحدة الأمريكية الملتحفة بإسرائيل فانتقدت القرار وصرحت بأنها ترفضه، وقال السيناتور "ليندسي غراهام": (حان الوقت لمجلس الشيوخ للتحرك ومعاقبة هذه الهيئة غير المسئولة). كما بادرت الأرجنتين بإدانة القرار وزعمت بأنه يتجاهل حق إسرائيل المشروع فى الدفاع عن نفسها. وانتقدت النمسا مذكرة الاعتقال وقالت إنها غير مفهومة ومثيرة للسخرية. ولكن تظل رؤية المحكمة هى الأساس، والتى أقرت بأن القرار نافذ بغض النظر عن قبول إسرائيل باختصاص المحكمة أو عدمه وذلك لأسباب منطقية ترتكز على الاعتقاد بأن "نتنياهو" ووزير الدفاع "غالانت" قد أشرفا على الهجمات على السكان المدنيين فى القطاع، وعلى استخدام التجويع كسلاح حرب وقتل واضطهاد وغيرها من الأفعال غير الإنسانية.