في الجزء الثاني من اعترافاته الفاضحة لمافيا تزوير جوازات السفر في جماعة "الإخوان" والكيانات الإرهابية، يكشف الإرهابي المصري الهارب سامي كمال الدين عما دار بينه وبين أعضاء وقيادات في التنظيم الإخواني بشأن تورط أعضاء الجماعة وحلفائهم في جرائم تزوير جوازات السفر. ومن خلال اعترافاته، سلّط الضوء على تورط عناصر بارزة وشبكات تزوير عابرة للحدود، استفاد منها أعضاء الجماعة وحلفاؤهم في التهرب من الملاحقة القانونية والسفر بوثائق مزورة، وسط اتهامات خطيرة بالتستر على جرائم التزوير.
كشف الإرهابي الهارب سامي كمال الدين، في مقطع فيديو نشره عبر "فيسبوك" مساء الأربعاء السابع والعشرين من نوفمبر 2024، أنه تسلّم جواز السفر الجديد من التكفيري الهارب "محمد.ز. ك". وأضاف أنه فور عودته إلى المنزل أبلغته زوجته بأن الجواز مزور. فاستجاب لمخاوفها بعد إجراء مقارنة بين الجوازين القديم والجديد، وأسرع إلى أحد مطارات دولة الملاذ الآمن، حيث طلب من ضابط الجوازات فحص الجواز المشتبه في تزويره. وادعى أن الضابط أكد له، بعد الفحص الفني، أن الجواز مزور ونصحه بعدم استخدامه.
كما أوضح الإرهابي الهارب أنه اتصل بالتكفيري الذي استخرج له الجواز مقابل تسعة آلاف دولار أمريكي، وأبلغه بما دار بينه وبين ضابط الجوازات في المطار، ثم أعطى الهاتف للضابط ليتحدث مع التكفيري المزور. وادعى أن "الضابط تحدث إلى المزور بفاصل من كلمات اللوم الهادئ والعتاب الرقيق". وإن صحت هذه الرواية المزعومة، فهي تعني أن الإرهابي سامي كمال الدين يتهم ضابط شرطة في دولة الملاذ الآمن بالتستر على المتورطين في جريمة التزوير!
اعترف الإرهابي بأنه، في ظل فرحته الغامرة بجواز السفر الجديد وقبل اكتشاف فضيحة التزوير، طلب من التكفيري المزور استخراج جوازات سفر لعدد من أفراد أسرته. فكان الرد: "ستدفع تسعة آلاف دولار أمريكي عن كل فرد". فتساءل مستنكرًا إصراره على مبلغ التسعة آلاف دولار في حين أنه كان يستخرج جوازات سفر لآخرين بنفس الطريقة مقابل خمسة آلاف أو سبعة آلاف دولار، وأردف قائلًا: "لو كان معي المال كنت دفعت، قبل أن أكتشف أن جوازي الجديد مزور!".
أكد الإرهابي الهارب، في اعترافاته المنشورة عبر "فيسبوك"، أنه كتب عدة رسائل في مجموعة على "واتساب" تضم قيادات "الإخوان" وآخرين من أعضاء الكيانات الإرهابية، يطالب من خلالها بمساعدته في استرداد التسعة آلاف دولار التي دفعها للتكفيري المزور. إلا أنه وجد من يحاول إقناعه بأن جوازات السفر المزورة سليمة مائة في المائة، لكنها استُخرجت بطرق ملتوية من داخل مصر. وزعم أنه تم استخراج جوازات سفر بنفس الطريقة لكل من: "م. القدوسي، حسام فوزي جبر، عيد المرزوقي، وآخرين". وأضاف أن بعضهم استخدم هذه الجوازات في السفر ولم يتم توقيفهم في المطارات الدولية. وقال: "إن إعلاميًا إخوانيًا دفع 7000 دولار أمريكي للمزور، ولما اكتشف أن جوازه مزور، قالوا له: الجواز سليم، اذهب إلى المطار، وإذا قُبض عليك، سنرد لك أموالك".
وفي واقعة أخرى من وقائع تزوير جوازات السفر، أكد الإرهابي الهارب أن مذيعًا إخوانيًا شارك في تزوير جواز سفر لمسئول إخواني سابق في إحدى القنوات الإخوانية، مقابل سبعة آلاف دولار أمريكي. وأضاف أن المسئول الإعلامي السابق سقط بالجواز المزور في قبضة الشرطة عندما حاول السفر عبر أحد مطارات دولة الملاذ الآمن، وظل محبوسًا لمدة ثمانية أشهر على ذمة قضية تزوير مستندات رسمية. بينما ينتظر المذيع المتهم بالتزوير قرار المحكمة المختصة بنظر الاتهامات الموجهة إليه في يناير 2025.
قال الإرهابي الهارب إنه اتصل بالقيادي الإخواني مدحت الحداد، بصفته رئيسًا لما يسمى "اتحاد الجمعيات المصرية" في دولة الملاذ الآمن، وأبلغه بما ارتكبه المذيع عضو الجماعة. وطلب منه مساعدة الإخواني المحبوس بسبب التزوير. كما أكد أنه تحدث مع محمد جمال هلال، حمزة زوبع، وآخرين، وطلب منهم مساعدة "الأخ" المحبوس. وتشير كل هذه الاتصالات إلى أن قيادة الجماعة وكياناتها كانت على علم تام بوقائع تزوير جوازات السفر التي ارتكبها المذيع الإخواني وآخرون من أعضاء المافيا.
ويبدو من اعترافات الإرهابي سامي كمال الدين، المنشورة عبر "فيسبوك"، أنه يقدم بلاغًا مفتوحًا إلى سلطات دولة الملاذ الآمن، ويضعها أمام اختيارين: إما اتخاذ إجراءات قانونية ضد مافيا التزوير تنتهي بالحبس وترحيلهم خارج البلاد، ولا سيما أن أحدهم على صلة بالدواعش وكان يتنقل من دولة إلى أخرى في حماية إخوانية، أو اتهامها بالتستر على جرائم التزوير وحماية مافيا التزوير الإخوانية التي تستفيد منها تنظيمات مسلحة عابرة للقارات.
في ظل هذه الاعترافات الصادمة، هل ستتحرك سلطات دولة الملاذ الآمن لمحاسبة المتورطين وإنهاء أنشطة مافيا التزوير التي تهدد الأمن الدولي، أم ستظل هذه الجرائم تمر دون عقاب، مما يمنح التنظيمات الإرهابية أدوات جديدة لتوسيع أنشطتها؟ إن التستر على هذه الممارسات أو التساهل معها لا يمثل خطرًا محليًا فحسب، بل يعرض أمن الدول الأخرى لمخاطر جسيمة. فهل ستُطبق نصوص القانون على الجميع، أم سيبقى المستفيدون من هذه الجرائم فوق المساءلة؟