في ليلة حالكة السواد، هزت صرخات الرعب صمت قرية «دكران» الهادئة، بعد أن تحول مأوى الأسرة إلى مسرح لجريمة بشعة، حيث أجهز أب مريض نفسى بساطور حاد على أبنائه الأربعة، صارخًا بجنون في أوهامه في مشهد مروع، سقط الأطفال الأبرياء صَرْعَى، فيما ألقى رجال الشرطة الذين هرعوا إلى مكان الحادث القبض على الأب، الذي ترك خلفه سحابة من الحزن والرعب تخيم على القرية بأكملها.
المنزل الريفي البسيط الكائن بناحية دكران التابعة لمركز أبوتيج جنوب محافظة أسيوط، والمحاط بالزراعات الجميلة الهادئة، لم يكن هادئًا داخل جدرانه، فكان يعيش ألما خفيًا، مرض نفسي فتاك كان ينخر في روح الأب، حتى انفجر في ليلة دامية، حصد أرواح أبرياء، أطفال لم يذوقوا طعم الحياة، سقطوا ضحايا لأمر لا ذنب لهم فيه، وصرخات الأم المكلومة ما زالت تتردد في أرجاء المنزل، وهي تشاهد أبناءها يتحولون إلى ضحايا لأب مريض.
مجرد دخول الأجهزة الأمنية إلى المنزل، المشهد كان مروعًا جثث أطفال ملقاة في بركة من الدماء، وآثار صراع واضحة على جدران المنزل، أدلة دامغة تشير إلى أن الأب هو من ارتكب هذه الجريمة البشعة.
وفي نفس اللحظة تمكن رجال المباحث من القبض على الأب الجاني، الذي اعترف بارتكاب الجريمة، مدعيًا أنه كان يسمع أصواتًا تخبره بفعل ذلك، كما قال الأهالى بالقرية إن المتهم المدعو "محمود ف. أ" يعانى من مرض نفسي وسبق له التعدي على آخرين قبل واقعة قتل أبنائه الأربعة.
وكان اللواء وائل نصار، مدير أمن أسيوط، تلقى بلاغًا من اللواء محمد عزت، مدير المباحث الجنائية، يفيد بوقوع حادث في قرية دكران، حيث قام الأب بقتل أولاده الأربعة.
وعلى الفور، انتقلت الأجهزة الأمنية إلى مكان الحادث، حيث تبين من المعاينة والتحريات التي أجراها المقدم أحمد رشوان، رئيس مباحث مركز أبوتيج، والرائد محمد العمدة، والرائد أحمد ناجي، معاونى المباحث، بإشراف العميد أحمد حربي، رئيس فرع البحث الجنائي، أن المتهم المدعو (محمود ف. أ)، البالغ من العمر ٤٥ عامًا، يعاني من مرض نفسي متزوج ولديه ٤ أبناء.
وكشفت التحريات أن المتهم قام بالتعدي على أبنائه باستخدام ساطور، مما أسفر عن مقتل ابنه "علي" البالغ من العمر ١٠ سنوات، وابنه "محمد" البالغ من العمر ٣ سنوات، بينما أصيب ابنتاه "جنا" ٩ سنوات، و"منة" ٥ سنوات، وتم نقلهما إلى مستشفى أسيوط الجامعي لتلقى العلاج، وتوفيا في وقت لاحق.
القبض على المتهم بقتل أبنائه الأربعة
تمكن ضباط المباحث من القبض على المتهم، الذي تم نقله إلى مركز شرطة أبوتيج، وأُخطرت النيابة العامة للتحقيق في الحادث.
وتولت النيابة العامة مباشرة التحقيقات، والتي أمرت بانتداب خبراء الطب الشرعي لتشريح جثامين المجني عليهم الأربعة، وإعداد تقرير واف عن كيفية وأسباب الوفاة وصرحت بالدفن عقب بيان الصفة التشريحية لهم، وتسليم الجثامين لذويهم لاستكمال إجراءات الدفن.
تمثيل الجريمة أمام النيابة العامة
كما أمرت النيابة العامة بأسيوط، بعرض المتهم على طبيب نفسي لمعرفة حالته النفسية، وَكذلك إجراء تحليل لكشف ما إذا كان يتعاطى أي نوع من المخدرات، على خلفية قتل أبنائه الأربعة بعد إقرار المواطنين بالقرية بأنه مريض نفسي.
وبسؤال أهالي المنطقة، أفادوا بأن الأب يمر بحالة نفسية ويعاني من مرض نفسي منذ فترة ويدخل بسببه في حالة هياج وقام سابقا بالتعدي على بعض أفراد عائلته رغم شهرته بين المنطقة بحسن الخلق، ولكنه تعدى على أبنائه الأربعة وزوجته وعقب تعالي الأصوات أمسك الأهالي به وأبلغوا النجدة.
وواجهت النيابة المتهم بما أسفرت عنه التحريات والضبط، وأقر بصحتها وعليه أمرت النيابة بحبسه ٤ أيام احتياطيًا على ذمة التحقيقات مع مراعاة التجديد له في الميعاد المحدد، وجدد قاضي المعارضات حبسه 15 يوما أخرى.
كما اصطحب فريق من النيابة العامة المتهم إلى مسرح الجريمة لإجراء معاينة تصويرية وتمثيل جريمته، وطلبت النيابة صحيفة الحالة الجنائية للمتهم وجار استكمال التحقيقات.