صالح أبو مسلم
صالح أبو مسلم
تعد صحوة الإرهاب في شمال غرب سوريا، خلال الأيام الماضية، جرس إنذار خطيرًا فيما يتعلق بخطر عودة الإرهاب والتطرف الذي ما يزال يهدد سوريا وبلدان المنطقة ويهدد الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، فقد عاد الإرهاب في سوريا متمثلاً في جبهة النصرة أو ما يسمى بجبهة تحرير الشام بزعامة "أبو محمد الجولاني"، تلك الجبهة الإرهابية التي تعد إحدى أذرع تنظيم القاعدة في سوريا، والتي تشكلت عام ٢٠١١ إبان الثورة السورية، لتصبح لاحقاً من أبرز قوى المعارضة المسلحة في سوريا، فقد تمكنت تلك الجبهة الإرهابية خلال الأيام الماضية، وبمساعدة عسكرية ولوجستية من دول إقليمية ودولية، من السيطرة علي مدينة حلب ومدينة حماه، وتقدمها الآن نحو مدينة حمص، ولربما إلى مدن أخرى مستهدفة الجيش السوري بغية إسقاط الدولة السورية، وتشكيل دولة خلافة إسلامية في الشام.
إن عودة الإرهاب، وعودة تلك الذئاب المنفردة وسط ما يجري في المنطقة من حرب إبادة وحشية إسرائيلية علي غزة ولبنان وسوريا يشير إلي وجود قوى إقليمية ودولية تتمثل في إسرائيل وأمريكا ولربما تركيا باعتبارها حليفة المعارضة في شمال سوريا، وهو الأمر الذي أكده مندوب سوريا في الأمم المتحدة "قصي الضحاك" مؤخرا عندما أعلن في مجلس الأمن أن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الكثير من الأهداف العسكرية والمدنية بالمدن السورية أسهمت إلى حد كبير في إنعاش وصحوة الإرهاب المتمثل في جبهة النصرة والمعارضة السورية في شمال غرب سوريا، وبأن الهجوم الإرهابي علي حلب قد جاء - وفق قوله - متزامناً مع تدفق الإرهابيين عبر الحدود الشمالية من خلال الدعم العسكري واللوجستي الذي تلقوه من دول بعينها، وبما يخالف قرارات الأمم المتحدة والاتفاقات المتعلقة بخفض التصعيد التي أقرها مسار اسيتانا الذي كان قد أكد على الالتزام بسيادة سوريا ووحدة وسلامة أراضيها، ومواصلة العمل على مكافحة الإرهاب، وهي التعاهدات التي لم يقم الجانب التركي بواجبه المنوط به نحوها، وذلك عندما تركت تركيا هذا التنظيم الإرهابي المدرج على قوائم الإرهاب يهجم ويهدد ويسيطر علي الشمال الغربي لسوريا، وبما يسهم في زعزعة واستقرار أمن المنطقة وتحريك الخلايا الإرهابية، والتمهيد لعودتها من جديد، مهددة الأمن والاستقرار لدول المنطقة مرة أخرى، وبما يهدد أمن واستقرار كل بلدان العالم غير البعيد عن مخاطر وتداعيات الإرهاب. وفي هذا الصدد يؤكد بعض الخبراء والمحللين أن أمريكا التي تتواجد بقواعدها منذ سنوات داخل سوريا كانت علي علم بتلك الأحداث الإرهابية المباغتة، وبما يؤكد تنسيقها مع جبهة النصرة، ومع إسرائيل ودول إقليمية أخرى أسهمت في استيلاء جبهة النصرة علي حلب وحماه، وتهديد أمن المنطقة وتهجير سكانها، وبما يخدم مصالح أمريكا وإسرائيل في سوريا وفقاً لمخطط إعادة رسم خريطة المنطقة. إن هذا الطرح قد أكده مندوب روسيا في مجلس الأمن "فاسيلي نيبينزيا" الذي اتهم مؤخرا أمريكا بدعم التنظيمات الإرهابية ومباركة أهدافها، بما يهدد وحدة التراب السوري والأمن والسلم الدوليين.
وانطلاقاً من صحوة وعودة الإرهاب في سوريا من خلال جبهة النصرة والفصائل المسلحة في سوريا، فإن بعض الدول العربية المحورية المهمة بالمنطقة، والتي انكوت بنار الإرهاب كانت من أوائل الدول التي أعلنت دعمها ومساندتها للدولة السورية ومؤسساتها الوطنية، وعلي رأس تلك الدول كانت مصر، الإمارات، الأردن، والعراق، منبهين العالم بمؤسساته الدولية إلى خطر عودة الإرهاب، وتحميله المسئولية لكي يقوم بالتصدي لهذا الإرهاب الخطير الذي يهدد سوريا والعالم، وبدعم تلك الدول العربية لكل تلك الجهود السلمية والدولية النزيهة التي تعمل علي إيجاد حل سلمي للأزمة السورية، وبما يحقق تطلعات وآمال الشعب السوري نحو الأمن والاستقرار وحماية ترابه الوطني.