شهدت المملكة المغربية في السنوات الأخيرة تطورًا مهمًا في قطاع السيارات بفضل الجهود المتواصلة للحكومة المغربية، حيث أصبحت واحدة من أهم المراكز الصناعية في أفريقيا والمنطقة العربية، وتحولت صناعة السيارات من كونها مجرد قطاع تجميع إلى قطاع متكامل للتصنيع.
حققت صناعة السيارات في المغرب سنة 2023 مبيعات تقدر بحوالي 14 مليار دولار بفضل المنظومة الصناعية التي تضم حوالي 250 مصنعًا، وتساهم هذه المنظومة في تصنيع أكثر من 570 ألف سيارة، أي تقريبًا سيارة كل دقيقة عمل، مع توقعات بزيادة هذا الرقم إلى مليون سيارة بحلول سنة 2030، ولعل المساهم الأكبر هو "مجمع طنجة"، أحد أكبر مصانع السيارات في أفريقيا، حيث ينتج أكثر من 400 ألف سيارة، إلى جانب المصنع المتواجد بمدينة القنيطرة، وقد أتاحت هذه المصانع للمغرب استيراد التقنيات والخبرات اللازمة، مما أدى إلى نمو قاعدة صناعية متخصصة وزيادة عدد الشركات المحلية والأجنبية الموردة لقطع السيارات والمكونات المختلفة.
بفضل الاستثمارات العالمية في هذا القطاع بالإضافة إلى شركات صناعة السيارات الكهربائية، دخل المغرب في منافسة حقيقية وأعلن عن طرح أول سيارة مغربية بالكامل، كما أعلن عن أول نموذج سيارة تعمل بالهيدروجين قام بتطويرها مواطن مغربي، مما يعزز علامة "صنع في المغرب"، وهكذا نجح المغرب في إنتاج أكثر من 40 ألف سيارة كهربائية، وهي الخطوة التي تعكس التزام المملكة المغربية باستخدام الطاقة المتجددة في التصنيع.
من العوامل التي ساهمت في دفع عجلة التنمية في المغرب، موقعه الاستراتيجي، حيث إن قربه من أوروبا جعله مركزًا مثاليًا للتصدير، أيضا وجود موانئ بمواصفات عالمية مثل "ميناء طنجة المتوسط" الذي تفوق على ميناء "الخزيرات"، أسهم في تعزيز القدرة التنافسية، بالإضافة إلى ذلك، وفرت الإعفاءات الضريبية والجمركية، إلى جانب اليد العاملة المؤهلة، بيئة مناسبة لجذب الاستثمارات.
لم تقتصر الصناعة في المغرب على السيارات فقط، بل توجهت المملكة المغربية إلى تطوير صناعة الطائرات، حيث أصبحت مركزًا مهمًا في مجال الصناعات الجوية في أفريقيا باستقطاب أكثر من 140 شركة عالمية، ما يجعل قطاع صناعة الطيران أحد القطاعات الواعدة للاقتصاد المغربي.
من خلال هذه الجهود، أثبت المغرب أنه ليس فقط مركزًا صناعيًا عالميًا، بل نموذجًا يُحتذى به في التنمية المستدامة، ليصبح رائدًا في صناعة السيارات والطائرات في المنطقة والعالم.
*كاتبة وإعلامية مغربية