كشف تقرير لوكالة رويترز للأنباء، اليوم عن كواليس الاتصالات التي أجراها الرئيس السوري السابق بشار الأسد، مع روسيا وإيران في محاولة لتأمين الدعم في مواجهة الجماعات المسلحة التي وصلت إلى دمشق وأنهت حكمه في الثامن من ديسمبر الجاري.
وقالت "رويترز" نقلا عن 10 مصادر مطلعة على المحادثات، أن الرسالة التي وصلت إلى بشار الأسد مفادها "لن يكون هناك إنقاذ عسكري من روسيا، التي ساعد تدخلها في عام 2015 في تحويل مجرى الحرب الأهلية لصالح الأسد، أو من حليفه القوي الآخر إيران".
وقالت المصادر أنه تم توضيح ذلك لبشار الأسد في الأيام التي سبقت خروجه، عندما سعى للحصول على المساعدة من مختلف الجهات في سباق يائس للتشبث بالسلطة وتأمين سلامته.
وقال ثلاثة دبلوماسيين إقليميين إن بشار الأسد زار موسكو في 28 نوفمبرالماضي، بعد يوم من هجوم الفصائل المسلحة على محافظة حلب الشمالية وشن هجوم خاطف عبر البلاد، لكن دعواته للتدخل العسكري لم تجد آذانا صاغية في الكرملين الذي لم يكن راغباً في التدخل.
وقال هادي البحرة، رئيس المعارضة السورية الرئيسية في الخارج، إن الأسد لم ينقل حقيقة الوضع إلى مساعديه في الداخل، نقلاً عن مصدر داخل الدائرة المقربة من الأسد ومسؤول إقليمي.
وأضاف البحرة: "لقد أخبر قادته ومساعديه بعد رحلته إلى موسكو أن الدعم العسكري قادم، ولكنه كذب عليهم كانت الرسالة التي تلقاها من موسكو سلبية".
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحفيين يوم الأربعاء إن روسيا بذلت الكثير من الجهد في المساعدة على استقرار سوريا في الماضي لكن أولويتها الآن هي الصراع في أوكرانيا.
وبعد أربعة أيام من هذه الرحلة، في الثاني من ديسمبر، التقى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بالأسد في دمشق بحلول ذلك الوقت، كان المتمردون من جماعة هيئة تحرير الشام قد سيطروا على حلب، ثاني أكبر مدينة في سوريا، وكانوا يتقدمون جنوبًا مع انهيار الجيش السوري كان الأسد منزعجًا بشكل واضح أثناء الاجتماع، واعترف بأن جيشه ضعيف للغاية بحيث لا يمكنه شن هجوم.
وقال دبلوماسي إيراني كبير لرويترز إن الأسد بدا منزعجا بشكل واضح خلال الاجتماع، واعترف بأن جيشه ضعيف للغاية بحيث لا يستطيع المقاومة الفعالة.
لكن الأسد لم يطلب قط من طهران نشر قوات في سوريا، وفقا لمسئولين إيرانيين كبيرين قالا إنه يفهم أن إسرائيل قد تستخدم أي تدخل من هذا القبيل كسبب لاستهداف القوات الإيرانية في سوريا أو حتى إيران نفسها.
وبعد استنفاد خياراته، قبل الأسد أخيرا حتمية سقوطه وقرر مغادرة البلاد، منهيا حكم عائلته الذي يعود تاريخه إلى عام 1971.
وقال ثلاثة أعضاء من الدائرة الداخلية للأسد إنه أراد في البداية اللجوء إلى الإمارات العربية المتحدة، حيث استولى المتمردون على حلب وحمص وكانوا يتقدمون نحو دمشق.
وقالوا إن الإماراتيين رفضوا ذلك خوفا من رد فعل دولي عنيف لإيواء شخصية خاضعة لعقوبات أمريكية وأوروبية لاستخدامها المزعوم للأسلحة الكيميائية في حملة على المتمردين، وهي الاتهامات التي رفضها الأسد باعتبارها ملفقة.
ومع ذلك، فإن موسكو، على الرغم من عدم رغبتها في التدخل عسكريا، لم تكن مستعدة للتخلي عن الأسد، وفقا لمصدر دبلوماسي روسي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته.
وقال مسئولان إقليميان إن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، الذي حضر منتدى الدوحة في قطر يومي السبت والأحد، قاد الجهود الدبلوماسية لتأمين سلامة الأسد، حيث أشرك تركيا وقطر في الاستفادة من علاقاتهما مع هيئة تحرير الشام لتأمين خروج الأسد الآمن إلى روسيا.
وقال مصدر أمني غربي إن لافروف فعل كل ما في وسعه لتأمين رحيل الأسد الآمن.
وكشفت ثلاثة من المصادر أن قطر وتركيا اتفقتا مع هيئة تحرير الشام لتسهيل خروج الأسد، على الرغم من إدعاءات رسمية من قبل البلدين بعدم وجود اتصالات مع هيئة تحرير الشام، التي صنفتها الولايات المتحدة والأمم المتحدة كمنظمة إرهابية.
وأوضحت ثلاثة من المصادر إن موسكو نسقت مع الدول المجاورة لضمان عدم اعتراض أو استهداف طائرة روسية تغادر المجال الجوي السوري وعلى متنها الأسد.
وقال مسئول حكومي تركي إنه لم يكن هناك طلب روسي لاستخدام المجال الجوي التركي لرحلة الأسد، رغم أنه لم يتطرق إلى ما إذا كانت أنقرة عملت مع هيئة تحرير الشام لتسهيل الهروب.