تُعدُّ سورة الفاتحة من أعظم السور في القرآن الكريم، لما تحتويه من معانٍ سامية ومقاصد شرعية جليلة.
يُطرح كثيرًا سؤال: هل سورة الفاتحة تقضي الحوائج؟ وقد أجابت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي موضحة فضائل هذه السورة، وأسرارها التي يغفل عنها البعض.
مشروعية قراءة الفاتحة في قضاء الحوائج
قراءة سورة الفاتحة في افتتاح الدعاء أو اختتامه، أو عند قضاء الحوائج، أو حتى في مجالس الصلح وغيرها من شؤون الناس، تُعدّ من الأمور المشروعة، هذا ما تدل عليه الأدلة العامة التي تشير إلى استحباب قراءة القرآن الكريم، بالإضافة إلى الأدلة الخاصة التي توضح مكانة الفاتحة وخصوصيتها في تحقيق المقاصد وتيسير الأمور.
الأدلة العامة على فضل قراءة القرآن
يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ﴾ (فاطر: 29).
كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ» (رواه مسلم).
وتشير القواعد الأصولية إلى أن الأمر المطلق في النصوص الشرعية يفيد العموم، مما يعني أن قراءة القرآن الكريم مشروعة في جميع الأحوال والأزمنة والأماكن، ما لم يرد نص ينهى عن ذلك.
فضل سورة الفاتحة في قضاء الحوائج
أما الأدلة الخاصة التي تدل على خصوصية سورة الفاتحة في قضاء الحوائج، فتظهر من خلال النصوص الشرعية التي أكدت مكانتها الفريدة. يقول الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾ (الحجر: 87). كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هِيَ السَّبْعُ المَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوْتِيتُهُ» (رواه البخاري).
وفي حديث آخر، قال النبي لجابر بن عبد الله رضي الله عنهما: «يَا جَابِرُ، أُخْبِرُكَ بِخَيْرِ سُورَةٍ نَزَلَتْ فِي الْقُرْآنِ؟» قَالَ: «بَلَى، يَا رَسُولَ اللهِ.» قَالَ: «فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، فِيَهَا شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ» (رواه البيهقي).
أسرار الفاتحة في العلاج والرقية
تمتاز سورة الفاتحة بأنها شفاء تام ورقية نافعة لكل داء، وهذا ما يظهر في قصة الصحابي أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عندما رقى رجلاً بلدغة عقرب بالفاتحة، فشفاه الله على الفور. وحين أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، قال له: «وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟» (متفق عليه).
أقوال العلماء في فضل الفاتحة
تناول علماء المسلمين عبر العصور أسرار سورة الفاتحة وفضلها في شفاء الأمراض وقضاء الحوائج. يقول الإمام ابن القيم في كتابه زاد المعاد:
"فاتحة الكتاب هي الشفاء التام والدواء النافع والرقية التامة ومفتاح الغنى والفلاح.
حافظة القوة ودافعة الهم والغم والخوف والحزن، لمن عرف مقدارها وأحسن تنزيلها على دائه".
كما كان الإمام ابن تيمية يجعل الفاتحة وردًا يوميًا يكرره من بعد الفجر حتى ارتفاع الشمس، مما يدل على إدراكه لفضلها وخصوصيتها.
استفتاح الأمور بسورة الفاتحة
يرتبط اسم الفاتحة بكونها افتتاحية لكل شيء، كما افتُتح بها الكتاب العزيز. لذلك، فإن قراءة الفاتحة في بداية أي أمر تُعد طلبًا للهداية والمعونة من الله تعالى.
وفي الختام سورة الفاتحة ليست مجرد فاتحة القرآن، بل هي أم الكتاب، السبع المثاني، وعنوان الشفاء والبركة. فضلها العظيم يجعلها سببًا في قضاء الحوائج، تيسير الأمور، وشفاء الأمراض، متى ما قرئت بيقين وتوجه خالص لله سبحانه وتعالى.