ألقت صحيفة إندبندنت البريطانية الضوء على استخدام إسرائيل للمياه كسلاح في غزة والأضرار المروعة الناجمة عن ذلك.
جاء ذلك في مقال نشرته الصحيفة اليوم لـ برايان بيرلمان من مركز حقوق الإنسان في كلية الحقوق بجامعة بيركلي الأمريكية، كما شارك في كتابة المقال أيضا مجموعة من الباحثين في مجالات المياه والصحة العامة والطب الاستوائي من جامعات في الولايات المتحدة وبريطانيا وهولندا.
وذكر المقال أن البنية التحتية في غزة تعرضت للخطر، وكذلك قدرة المدنيين الفلسطينيين على الوصول إلى المياه النظيفة الصالحة للشرب. ونتيجة لهذا، تواجه المنطقة أسوأ أزمة مياه منذ عقد من الزمان.
وأشار إلى أنه منذ تصاعد هجوم إسرائيل على غزة العام الماضي، شهدنا انهيار نظام الرعاية الصحية، وارتفاع معدلات سوء التغذية بين الأطفال، ووفاة المدنيين الفلسطينيين بشكل مأساوي. ومع ذلك، ثمة أزمة أكثر هدوءا بدأت تتكشف تحت السطح، إذ يكافح الفلسطينيون في قطاع غزة لتلبية احتياجاتهم الأساسية من المياه.
وأوضح المقال أنه حتى قبل أكتوبر 2023، كانت مياه غزة في أزمة. فقد اعتُبر ما لا يقل عن 96 في المائة من المياه الجوفية غير صالحة للاستهلاك وفقا لمعايير منظمة الصحة العالمية، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الاعتماد المفرط على استخراج المياه الجوفية. وفي المقابل، أدى هذا إلى جعل المياه المستخرجة غير صالحة للشرب بدون تحلية.
وتشير نتائج أبحاث كاتبي المقال - أيضا - إلى أنه عند قدوم عام 2022، عانت أكثر من ثلث الأسر في قطاع غزة من انعدام الأمن المائي في العام السابق، وأفاد ما يقرب من ربع البالغين الذين شملهم استطلاع للرأي في جميع أنحاء الضفة الغربية وغزة بانعدام الأمن المائي بدرجة متوسطة إلى عالية. ومن المتوقع أن يزداد الوضع سوءا.
وذكر المقال أنه تم تدمير البنية التحتية الهشة بالفعل للمياه - سواء من خلال الهجمات المستهدفة أو التأثيرات غير المباشرة للحرب. ولم يمنع الحصار الإسرائيلي للإمدادات الإنسانية وصول المياه النظيفة - والوقود، الضروري لتحلية المياه وتوزيعها - إلى الأفراد الذين يحتاجون إليها فحسب، بل أدى الجيش الإسرائيلي إلى تفاقم المشكلة من خلال إغراق أنفاق حماس بمياه البحر، مما قد يؤدي على الأرجح إلى زيادة ملوحة المياه الجوفية.
وأكد معدو المقال أن إسرائيل فشلت - مرارا - طيلة الصراع الحالي في الوفاء بالتزاماتها القانونية بتوفير المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في غزة.
وتسلط القيود المفروضة على نقل المياه عبر الحدود عبر خطوط الأنابيب التي تديرها شركة المياه المملوكة للحكومة الإسرائيلية، ميكروت، الضوء على الواقع القاسي المتمثل في أن المياه المتدفقة إلى غزة من إسرائيل سياسية في جوهرها. والنتيجة هي أن المدنيين، إلى حد كبير، يُتركون دون الوصول إلى مياه آمنة، مما يزيد من تفاقم أزمة الصحة العامة المروعة بالفعل.
وتحدث المقال - أيضا - عن معاناة الفلسطينيين من برك كبيرة من مياه الصرف الصحي الراكدة في الشوارع دون تصريف كافٍ، وقد تم إلقاء مياه الصرف الصحي ليس فقط في الشوارع بل وأيضا في البيئة، خاصة في البحر الأبيض المتوسط، بكميات مثيرة للقلق. ويقال إن جميع مرافق الصرف الصحي في قطاع غزة معطلة.
وأكد المقال أن الافتقار إلى معالجة كافية لمياه الصرف الصحي والتلوث الحتمي لإمدادات مياه الشرب قد عرض الأفراد لمسببات الأمراض وسبب مخاطر صحية خطيرة للفلسطينيين - بما في ذلك، للأسف، العديد من الوفيات غير الضرورية.
ورصد المقال تجاوز عدد الحالات المشتبه بإصابتها بالتهاب الكبد الحاد (أ) منذ أكتوبر من العام الماضي 100 ألف حالة، استنادا إلى تقديرات منظمة الصحة العالمية، كما نُسب تفشي التهاب السحايا في مخيمات النازحين إلى انتشار مياه الصرف الصحي.
وهذا الصيف، أعلن مسؤولون دوليون عن تحديد شلل الأطفال في مياه الصرف الصحي في غزة، تلا ذلك أول حالة شلل تم تشخيصها في أغسطس 2024. ويعتبر عودة ظهور شلل الأطفال، الذي ينتشر في مياه الصرف الصحي ويوجد عادة في بيئات الحرب والنزوح، أمرا جديرا بالملاحظة بشكل خاص لأنه تم القضاء عليه من غزة قبل حوالي 25 عاما. وبالمثل، فإن الكوليرا، إذا ظهرت، قد تكون أكثر فتكا.
وقال كاتبو المقال إنه على الرغم من كونه حلا مؤقتا، فإن الوصول غير المقيد للمساعدات الإنسانيية مطلوب لتوفير المياه النظيفة، فضلا عن الوقود والكلور وغيرها من إمدادات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية. ويجب توزيع معدات معالجة المياه المنزلية وأنظمة تحلية المياه بالطاقة الشمسية على نطاق صغير لدعم أولئك الأكثر احتياجا للوصول إلى المياه النظيفة.
ولفت المقال إلى أن إصلاح البنية التحتية المتضررة وضمان سلامتها في نفس الوقت من الأمور المهمة. لكن في الأمد البعيد، سوف تحتاج البنية التحتية إلى إعادة البناء - ولا شك أن التساؤلات حول من سيقود هذا الجهد، ومن سيموله، سوف تؤخر حدوث ذلك.
وفي ختام المقال، أكد كاتبوه أنه رغم أن استخدام المياه كسلاح ليس بالأمر الجديد، فإنه لا يزال يشكل انتهاكا خطيرا للقانون الإنساني الدولي - وهو أمر يجب معالجته على الفور، فالمياه حق أساسي من حقوق الإنسان، وبدون تدخل سريع، سوف يكون هناك ضرر لا يوصف.
اقرأ أيضاً
خسائر 6 مليارات دولار سنويا.. إسرائيل تفقد أكبر شريك تجاري أوروبي بعد غلق سفارتها في دبلنالدفاع المدني الفلسطيني: صعوبات في انتشال أشلاء شهداء القصف الإسرائيلي على حي الدرج
طيران الاحتلال الإسرائيلي يشن غارات بالقُرب من منطقة السيدة زينب