تَسبَحُ الأَشيَاءُ فِي الكَونِ
خَفِيفَاتٍ،
وتَمضِي دُونَمَا صَوتٍ
بَرِيئَاتٍ مِنَ الذِّكرَى، ومِن إِثمِ الوُجُودْ
فإِذَا ما انصَهَرَ الصَّوتُ بِشَيءٍ مَا
وصَارَت كَلِمَةْ
رَقَدَت مَبقُورَةَ الأَمعَاءِ
في طَاوِلَةِ التَّشرِيحِ
نَهبَ الشَّفرَةِ المُنثَلِمَةْ
وتَدَاعَتْ حَولَهَا أَلوِيَةُ الحَمقَى،
وشَبَّتْ فَوقَهَا حَربٌ.
وإِنْ أَصبَحَتِ الكِلْمَةُ إِنسَانًا
مَشَى المَوتُ عَلَى سَاقَيهِ
عُريَانًا
كَثُقبٍ نَاتِئٍ فَوقَ الجَلِيدْ
يَبلَعُ الأَشيَاءَ في لاشَيئِهِ
كي يَخلُقَ الكَونَ الْخُرَافِيَّ الْجَدِيدْ
جَاءَ في يُمنَاهُ شَمسُ المَشرِقِ الأَوَّلِ،
في اليُسرَى جَنِينُ القَمَرِ المُجهَضِ،
في عَينَيهِ أحلَامُ اليَتَامَى.
يَنفُخُ الطِّينَ
فيَغدُو طَائِرًا فِي السُّحْبِ،
يُحيِي المَارَّةَ/ المَوتَى على قَارِعَةِ الدَّربِ،
ولَكِنْ...
لَمْ يَرَ العَالَمُ في عَينَيهِ
إِلَّا عَدَمَهْ!
ولِذَا
تَنتَصِبُ الصُّلبَانُ في الوِديَانِ،
يَعثُو عَسَسُ السُّلطَانِ في البُلدَانِ
يَجتَثُّونَ مِن قَاعِ العُيُونِ الضَّوءَ
كَي لَا تُبصِرَ الإِنسَانَ،
والإِنسَانُ سِرٌّ بَازِغٌ في قُبَّةِ النِّسيَانِ،
مَخبُوءٌ على وَاجِهَةِ الأَشيَاءِ،
مَكنُونٌ بِبَوحِ النَّسَمَةْ
صَوتُهُ ما زَالَ في الآذَانِ يَعلُو
نَازِفًا مِن قَلبِهِ المَكلُومِ
(هَل تُسْمَى لِهَذَا "كَلِمَةْ"؟)
"أَيُّهَا الإِنسَانُ؛ مَن أَنتَ؟
تَشَظَّى خَطوُكَ المَغرُوسُ في وَحلِ الدُّرُوبِ المُبهَمَةْ
بَاحِثًا عَن وَجهِكَ المَفقُودِ فِي الأرضِ.
تَوَقَّفْ، وارفَعِ الرَّأسَ،
فأَنتَ العَدَمُ المَلآنُ،
لا مِن طِينَةٍ كُنتَ، ولا مِن نَجمَةٍ.
طوبَى لِمَن يَظفَرُ بِاللَّاشَيءِ،
مَن يَخلَعُ عَينَيهِ لِيَلهُو بِهِمَا الأَطفَالُ،
مَن لا يَأكُلُ اللَّحمَ،
ومَن يَمنَحُ جُوعَ الأَرضِ هَذَا الجِسمَ كَي تَلتَهِمَهْ"
"أَيُّهَا الإِنسَانُ؛
يَومًا مَا ستَغدُو كَلِمَةْ
ذَبذَبَاتٍ في أَكُفِّ الرِّيحِ،
رَقصًا في جُزَيئَاتِ هَوَاءٍ.
سَوفَ تَجتَازُ المَغَالِيقَ، فلا تُمسِكُكَ الكَفُّ،
وتَغدُو صَرخَةَ النَّشرِ على قَيلُولَةِ المَوتَى،
وتَغدُو هَمسَةَ العُشَّاقِ في قَاعِ اللَّيَالِي المُعتِمَةْ
وإِذَا كُمِّمَتِ الأفوَاهُ
تَغدُو دَاخِلَ الأَضلَاعِ
نَارًا مُضرَمَةْ"