في عشرينيات القرن الماضي، اشتعلت الخلافات بين كوكب الشرق أم كلثوم والموسيقار محمد عبد الوهاب، وهما من أعظم رموز الغناء العربي.
بدأت تلك الخلافات عندما عرض عبد الوهاب تلحين أغنية "غاير من اللي هواكي قبلي ولو كنت جاهلة" لأم كلثوم، لكنها رفضت غناءها، ما دفعه إلى أدائها بنفسه.
منذ ذلك الوقت، تصاعد التنافس بينهما، فأصبح كل منهما يتسابق لإحياء الحفلات وتقديم الأعمال الغنائية، حتى لُقبا بـ"العدوين". حاولت الصحف والمقربون التدخل للصلح بينهما، لكن محاولات الصلح باءت بالفشل لفترة طويلة.
دور جمال عبد الناصر في إنهاء العداء
تغيرت العلاقة بين أم كلثوم وعبد الوهاب بفضل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. خلال إحدى المناسبات، طلب عبد الناصر منهما تقديم عمل فني مشترك، قائلاً: "لن أغفر لكما عدم اشتراككما في عمل فني واحد حتى الآن".
وجاء التأكيد من المشير عبد الحكيم عامر، الذي دعا الطرفين للعمل معًا. استجابت أم كلثوم وعبد الوهاب للمبادرة، واتفقا على بدء تعاون فني مشترك.
"إنت عمري".. بداية لقاء السحاب
اختار عبد الوهاب أغنية "إنت عمري" لتكون العمل الأول بينهما، وهو اللحن الذي كان يعمل عليه حينها. أُعجبت أم كلثوم بالأغنية ووافقت على غنائها. وفي أول خميس من فبراير 1964، أُذيعت الأغنية، التي عُرفت بـ"لقاء السحاب"، لتصبح نقطة تحول في تاريخ الموسيقى العربية.
أعمال فنية مشتركة تركت بصمة خالدة
توالت الأعمال المشتركة بين أم كلثوم وعبد الوهاب، وحققت نجاحات باهرة، من أبرزها:
"على باب مصر"
"أنت الحب"
"أمل حياتي"
"فكروني"
"هذه ليلتي"
"أصبح عندي الآن بندقية"
"دارت الأيام"
"غداً ألقاك"
"ليلة حب"
علاقة أم كلثوم بجمال عبد الناصر
كانت أم كلثوم على علاقة وطيدة بالرئيس جمال عبد الناصر، الذي منحها قلادة الجمهورية تقديرًا لدورها الفني والوطني. كانت حاضرة في معظم المناسبات الرسمية، وساهمت في دعم الجيش المصري خلال أزمات تسليحه، حيث تبرعت بمبلغ 10 آلاف جنيه لصالح القضية.
يوم الرحيل.. أم كلثوم تبكي ناصر
في 28 سبتمبر 1970، تلقت أم كلثوم خبر وفاة جمال عبد الناصر أثناء وجودها في موسكو، فأصيبت بصدمة كبيرة. ألغت جميع حفلاتها هناك وعادت إلى مصر في حالة انهيار تام، تعبيرًا عن حزنها العميق على رحيل صديقها وقائدها.
وتحولت العلاقة بين أم كلثوم وعبد الوهاب من تنافس وخصام إلى شراكة فنية أبدعت مجموعة من الأعمال الخالدة التي تركت بصمة لا تُمحى في تاريخ الموسيقى العربية، بفضل وساطة زعيم أدرك قيمة الفن ووحدته.