خبراء: مواجهة الدروس الخصوصية يحدث بتطوير المناهج والتقويم وليس التخفيف
معلمون: القرارات جريئة وتسعى لإعادة دور المدرسة.. اللغة الأجنبية الثانية ظُلمت وهُمشت ومجال العمل يحتاج لغتين.. إيقاف تدريب آلاف معلمي اللغة الفرنسية سبب إحباطًا وضرب الاتفاقات عرض الحائط
أولياء الأمور: المواد كانت مُكدسة وإلغاء «البابل شيت» والاهتمام بالكتاب المدرسي ضرورة.. ما يحدث يضع الطالب تحت ضغط نفسي غير طبيعي خاصة أن غالبية الامتحانات لا تخلو من الأخطاء
أصبحت التغييرات السريعة في منظومة التعليم بمصر، سواء من جانب الضوابط المنظمة أو نظم التقييم خلال السنوات الأخيرة الماضية دون دراسة ميدانية واقعية وبحثية متعمقة، سببًا في إحداث حالة من الجدل والخلل في منظومة التعليم لعدم استنادها على ذوي الخبرات فضلًا عن تدخل الكثيرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، ومما يزيد الأمر سوءًا عدم تفسير القرارات بوضوح من صانعي القرار، تسبب في حالة من الفوضى وتعدد التفسيرات.
عادت حالة الجدل بعد القرارات الأخيرة التي وصفت بالجريئة من وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف، الذي كشف عن حزمة تعديلات مفاجئة أبرزها ما تم في المرحلة الثانوية بإلغاء مواد ودمج أخرى، تُطبق من العام الدراسي 2025-2024 وحتى عام 2027 ، أي سيستمر العمل بهذا النظام لمدة 3 سنوات دراسية إلى حين إقرار مشروع تطوير الثانوية العامة الجديد، حسب ما هو محدد.
وجاءت قرارات عاجلة أخرى كان على رأسها مواجهة أزمة ارتفاع الكثافات والعجز في أعداد المعلمين بالتعاون مع الإدارات التعليمية والمديريات بالمحافظات، لاقى بعضها قبولا، والبعض الآخر وصف بغير الواقعي.
حقل تجارب
مرت تعديلات التعليم الثانوي، خلال السنوات الأخيرة الماضية، بعدة مقترحات في محاولة من وزارة التربية والتعليم لإحداث تغييرات تتوافق ونظم التعليم العالمية، ولعل من أبرزها الاتجاه سابقا لنظام الثانوية التراكمية، والذي رفضه أولياء الأمور وعدد من الطلاب باعتباره سيزيد العبء على كاهل الأسرة المصرية، لأنه سيحتسب فيه مجموع الطالب على درجات الثلاث سنوات مجتمعة مما يمثل عبئًا في تحمل الأسر للدروس الخصوصية لثلاث سنوات مع هجرة الطلاب للمدارس وتراجع دورها التربوي والتعليمي.
وفي هذا النظام الحصول على شهادة الثانوية العامة غير معتمد على اختبارات الفرصة الواحدة في نهاية السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية، بل كان سيتم استخدام نوعين من التقييمات في سنوات التعليم الثانوي هما: التقييم القائم على المشاريع على مستوى المدرسة، والتقييم القائم على أسئلة الاختيارات المتعددة والتي يتم تصحيحها إلكترونيا وتغيير مسمى شهادة إتمام الثانوية العامة بالشهادة المصرية.
وأعلنت التربية والتعليم حينذاك أنها تسعى في المنظومة الجديدة إلى إلغاء ما تسمى بالإجابات النموذجية في الامتحانات وإلغاء التظلمات على النتائج، وتطبيق التصحيح الإلكتروني، وتسليم الطالب والمُعلم تابلت، والامتحان لن يكون موحدًا.
وما تم إقراره بعد ذلك بالفعل هو نظام الامتحان في الصفين الأول والثاني الثانوي بنظام التابلت، والبابل شيت للصف الثالث الثانوي بنظام الاختيار من متعدد وأضيف عليه الجزء المقالي بنسبة 15%، وهو المستمر حتى العام الدراسي المنقضي ، ليواكب التطورات ويقضي على الغش، ولكن الجانب الأخير لم يتحقق بها، فالغش انتشر بشكل متزايد عبر جروبات الغش على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن هنا اعتبر الكثيرون ما يحدث «حقل تجارب».
«البوابة» ناقشت خبراء ومعلمين وأولياء الأمور، حول القرارات وأهم المطالب وتقديم المقترحات:
الدمج كارثي
قال الدكتور محمد فتح الله أستاذ القياس والتقويم والإحصاء النفسي والتربوي بالمركز القومي للامتحانات، إن الملاحظة الرئيسية في قرارات وزارة التربية والتعليم الأخيرة فيما يتعلق بتعديلات المرحلة الثانوية، أبرزها أنه لا يوجد إشارة للتقويم ونظام الامتحانات، والتي جاءت في أساسها القرارات بسبب ما حدث في الثانوية العامة من مشكلات ومنها امتحان الفيزياء.
وأضاف: «مادة العلوم المتكاملة وهي المفترض عبارة عن تطور للعلوم الكيمياء والفيزياء والجيولوجيا والعلوم البيئية والأحياء، يتم خلالها دراسة الظواهر وهذه فكرة العلوم المتكاملة، كيف يتم اقتصارها على دمج الفيزياء والكيمياء، ويتم تجاهل مادة مهمة مثل الأحياء، وبعد عامين يعود تدريس الأحياء للصف الثالث الثانوي فقط، فهنا تعد كارثة، لأن معظم الكليات العلمية قائمة على جميع هذه المواد».
ولفت أستاذ القياس والتقويم بالمركز القومي للامتحانات، إلى أن الفلسفة القائم عليها التعليم تأهيل الطالب للتخصص، فالتعليم قبل الجامعي تأسيس، والجامعي أكاديمي متخصص، لذلك أرى أن الدمج ضيع ملامح فلسفة النظام.. فالأمر يحتاج هنا مجهودا كبيرا لكي يؤدي نتيجة حقيقية، ويحتاج وقتًا في إعداد المناهج، والسؤال الأهم من يدرس العلوم المتكاملة بهذا الشكل؟
وحول خروج اللغة الثانية من المجموع، اعتبره الدكتور محمد فتح الله، تهميش للغة الثانية، والطالب سيلتحق بكلية لغات كيف يكون مؤهل؟، ولا نعلم حتى الآن ما سبب هذا القرار وظروفه، وما مردوده على المنظومة والمجتمع، خاصة مثل هذه المواد تبني فكر وشخصية الطالب ومعلوماته؟
وتابع «فتح الله»، الخطورة أن كم المعارف خاصة في علوم الأحياء والحيوان والنبات يبنى عليهم أشياء مؤثرة في المجتمع المصري، حين نلغي الأحياء من الصف الثاني الثانوي يحدث انقسام تعليمي حتى لو عادت في ثالثة ثانوي، لأنها مادة تعتبر تراكمية، فتدريسها في ثالثة قبل دخول الجامعة تحدث خلل كبير، ومصر مرتبطة بالزراعة والإنتاج الحيواني وهي مادة أهم من الفيزياء والكيمياء، وكذا الأمر لأي مادة خرجت من المجموع تعتبر تهميش، وإذا كان الهدف التخفيف، فذلك خاطئ لأن تطوير المناهج هو الحل.
نظام التقويم
أشار محمد فتح الله إلى ما يثار أن ذلك حل في مواجهة وعلاج ظاهرة الدروس الخصوصية والسناتر، فهذا غير حقيقي فهؤلاء يستطيعوا تعويض ما تم تخفيف بحلول أخرى، والدروس الخصوصية والسناتر محاربتها بتطوير الامتحان والقضاء على الغش.. نظام التقويم لم يتم تطويره وهذا سبب رئيسي في مشكلات الامتحان.
وأكمل: نتمنى تكوين فرق بحثية متخصصة ومدربة ولها القدرة على تقييم كل التغييرات التي حدثت بالثانوية العامة، والاستعانة بالخبراء والتربويين المؤهلين لوضع منهجية، مبنية على تاريخ وعلم وتوثيق لتطوير الثانوية العامة بعد 3 سنوات وفقا للتعديلات المؤقتة لوزارة التربية والتعليم، وتقديم رؤية لصانع القرار.
وأعرب أستاذ القياس والتقويم، ترحيبه بقرار الاستعانة بالمعلمين ممن خرجوا على المعاش، ومعلمي الحصة، وطلاب الخدمة العامة، قائلا، إنها خطوة جيدة حتى لو لم تكف سد العجز في أعداد المعلمين، لكنها تساعد الدولة في الترشيد، لافتًا إلى أنه يجب طرح حلول أخرى، وأهمها إعادة تكليف خريجي كليات التربية، والإسراع في تعيين الـ30 ألف معلم وزيادة عددهم.
وبشأن مواجهة أزمة الكثافة الطلابية، أكد «فتح الله»، أن قرارات الوزارة غير واقعية، فهي لن تحارب الدروس الخصوصية ولم تساعد على حضور الطلاب بالشكل الذي نتمناه، معلقا: «الصين بها الكثافة أكثر من مصر، ونتمنى فريق بحثي يسافر هناك ليدرس التجربة بشكل واقعي، وتطبيق الحلول التي تناسبنا.. أما الارتجال في التصريحات لن يحقق علاجًا واقعيًا.
في السياق نفسه قال الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس والقياس والتقويم التربوي المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية جامعة القاهرة، والخبير التربوي، إن التغييرات التي طالت نظام الثانوية العامة كبيرة وتعديلات جوهرية والوقت الذي تمت فيه هذه التعديلات والوقت المتاح لتطبيقها أيضا لا يتناسب إطلاقا مع حجم التغييرات التي تمت.
وأضاف «حجازي»: كان من الأولى طرح تعديلات بسيطة وإرجاء التعديلات الخاصة بضم المواد وإعادة توزيع بعضها على السنوات الثلاث للمرحلة الثانوية إلى ما بعد إجراء حوار مجتمعي موسع للوصول إلى حلول جذرية وقرارات يرضى عنها الطالب والمعلم وولي الأمر وتحظى بتأييد الخبراء، خاصة وأن كثيرا من التعديلات التي تم عرضها تحتاج إلى تدريب مكثف للمعلمين ونمط جديد من الإعداد في كليات التربية وتدريب تحويلي من خلال الأكاديمية المهنية للمعلمين.
وتابع، بعض التعديلات التي اقترحتها وزارة التربية والتعليم، تعتبر إيجابية كما في إخراج اللغة الأجنبية الثانية من قائمة المواد المضافة للمجموع، وذلك لأن الطلاب يتم معاملتهم جميعا عند الالتحاق بالجامعة على أساس المجموع الكلي والذي قد يختلف من طالب لآخر بسبب مادة اللغة الأجنبية الثانية التي اختارها فضلا عن أنه من الوارد أن يتبارى متخصصو اللغات الأجنبية الثانية في أثناء وضع الامتحان في تسهيله لاجتذاب أعداد كبيرة من الطلاب في العام التالي.
وأردف، لذلك فما دام هناك اختلاف في المحتوى قد يؤثر على درجة الطالب فلابد من إخراج المادة من قائمة المواد المضافة للمجموع ولكن بشرط وجود قرار آخر مكمل وهو أن تكون درجة النجاح في جميع المواد غير المضافة للمجموع من 70% وليس من 50%.
وأشار إلى أن من القرارات الإيجابية أيضا ضم المواد العلمية في مادة واحدة وهي العلوم المتكاملة لأن طبيعة العصر أصبحت تقتضي التكامل بين العلوم والتخصصات البينية أصبحت من سمات العصر، وأصبحت أكثر انتشارا من ذي قبل ووجدت مسارات في التعليم الجامعي تعتمد على التخصصات البينية ورغم إيجابية القرار إلا أنه يحتاج أيضا إلى استعدادات خاصة منها ما يتعلق بطريقة إعداد المعلم في كليات التربية حيث يجب أن يعاد النظر في تأهيل المعلم ليكون ملما بمحتوى المادة والذي يجمع معارف من مواد ثلاثة تخصصية كالفيزياء والكيمياء والأحياء.
وكذلك أن يكون ملما بكيفية الربط وتحقيق التكامل المطلوب لكي يستطيع نقله لأذهان الطلاب بسهولة، وأعتقد أن أيا من المعلمين الذين تم تعيينهم لتدريس أحد فروع المادة لأعوام متتالية لن يكون بإمكانه تدريس مادة العلوم المتكاملة للطلاب بمفرده وسوف تضطر الوزارة إلى أن تعهد بالمادة إلى ثلاثة من المعلمين وحينئذ لن يتحقق التكامل المطلوب ولا الربط الذي ترجوه الوزارة وإذا تم تدريسها من قبل معلم واحد فسيكون الربط منعدما أيضا، والتكامل لن يكون له وجود.
استثمار القدرات
وحول القرارات التي تحتاج إلى مراجعة فمنها الاقتصار على تدريس بعض المواد في السنوات الأولى وعدم تدريسها في السنة النهائية، وهذا قد يكون جيدا ولا توجد به مشكلة إذا كانت الثانوية العامة تراكمية، ولكن في حالة أن الطالب يحاسب عند التحاقه بالجامعة على مجموع السنة النهائية فقط فحينئذ يجب أن تعطى الميول والقدرات المختلفة نفس القدر من الاهتمام فقد يكون بعض الطلاب متميزين في الفلسفة والمنطق ويستطيعون أن يحصلوا فيها على درجات مرتفعة وبعضهم قد يكونون من المتميزين في الجغرافيا والتاريخ.
ولذا يجب أن تتاح لهؤلاء وهؤلاء الفرصة كاملة لاستثمار قدراتهم في التحصيل وحصد الدرجات التي تؤهلهم لاختيار التخصص الذي يريدونه أما أن تتاح الفرصة لبعض الطلاب من خلال وجود مواد مناسبة لقدراتهم ولا تتاح للبعض الآخر فهذا ما يمكن أن نسميه تحيز المحتوى لبعض القدرات والمواهب على حساب البعض الآخر وهي مشكلة جديدة لم تكن موجودة من قبل.
وتساءل «حجازي»، هل تسهم هذه القرارات في القضاء على بعبع الثانوية العامة؟.. الإجابة القاطعة «لا» وذلك على الرغم من أن البعض قد يرى أن حذف بعض المواد وإخراج بعضها من قائمة المواد المضافة للمجموع يسهم في تخفيف الأعباء عن ولي الأمر والطالب وسيكون عدد المواد أقل وبالتالي يختفي بعبع الثانوية العامة ولكن مع الأسف الشديد هذا الربط خاطئ، وذلك لأن بعبع الثانوية العامة مرتبط بنظام التنسيق الذي يعتمد على مجموع الطالب في الثانوية العامة والتحاق الطالب بتخصصات معينة مرهون بعدد الأماكن المتاحة ومجموع الطالب، ولذلك حتى وإن كان الطلاب يؤدون الامتحان في مادة واحدة فإنهم سيتنافسون بقوة للحصول على المقاعد المتاحة، ولابد من وجود اختبارات قدرات لكافة قطاعات التعليم الجامعي وتكون نتيجة الثانوية العامة ممثلة بنسبة معينة ولا يكون الاعتماد كليا عليها في تحديد مصير الطالب.
وأكمل «حجازي»، أن مواجهة الدروس الخصوصية، بأن توفر تعليما جيدا ومعلمين داخل المدارس وتهتم بمعالجة مشكلاتها الأساسية الكثافة والعجز في أعداد المعلمين وتطوير مناهجها وطرق التدريس والتقويم وحينئذ على الأسرة أن تسعى للاستفادة من هذه الإمكانات وأن تشارك في القضاء على الدروس الخصوصية وتتحمل مسؤوليتها في ذلك فمواجهة الدروس الخصوصية مسؤولية مشتركة بين الأسرة والتربية والتعليم ولا ينبغي أن تتحمل الوزارة وحدها المسئولية.
الكثافة الطلابية
فيما يتعلق بمشكلة الكثافة الطلابية بالمدارس، والحلول المقدمة لحلها، أكد عاصم حجازي الخبير التربوي، أن بعضها كالفصل المتحرك لن يضيف جديدا لن الفصل المتحرك الهدف منه جعل الطلاب يدرسون في مواقع التعلم الحقيقية كالذهاب لدراسة ظواهر جيولوجية مثلا أو الحياة البحرية، وغير ذلك وليس مطروحا كحل لمشكلة الكثافة لأنه وبمنتهى البساطة إذا كان لدى مساحة فارغة فيمكن أن يتم تخفيف الكثافة في الفصول وجعل هذه المساحة فصلًا دائمًا وانتهى الأمر ولا حاجة حينئذ للتحريك المستمر للفصول بلا هدف تربوي جديد.
وتابع أن استغلال الفراغات هذا يجب أن يكون مصحوبًا بتوجيهات وترتيبات أخرى فهذه الفراغات قد تكون معامل وهنا لا يجب المساس بها مطلقا والحفاظ عليها حتى لا يتحول التعليم إلى تعليم نظري لا جدوى منه وهذا يعتبر رجوعا للخلف بسرعة كبيرة، وقد تكون هذه الفراغات غرفا للأنشطة الفنية أو الرياضية ويتطلب استغلالها حينئذ أن يتم التنسيق بين وزات التربية والتعليم الشباب والرياضة والثقافة بحيث يتم تنظيم عملية ممارسة الطلاب لهذه الأنشطة داخل مراكز الشباب وقصور الثقافة تحت إشراف معلمي التربية والتعليم.
سد العجز
وحول مشكلة مواجهة العجز في أعداد المعلمين، قال الخبير التربوي عاصم حجازي، أنه كما ذكرنا مسبقا كانت الحلول المتعلقة بتطبيق التعلم المدمج وتطوير هذا النظام كافية، لكن الوزارة يبدو أنها تراجعت عن دعم فكرة التحول الرقمي في التعليم وباتت تعتمد على الحلول الفيزيقية، ولجأت الوزارة إلى مجموعة من الحلول منها الاستعانة بالطلاب الذين يؤدون الخدمة المدنية، وهنا لابد من الإشارة إلى أنه لا بد وأن تعتمد على خريجي كليات التربية فقط وليس جميع الكليات هذه واحدة والنقطة الثانية وهي الأهم: أن الوزارة ينبغي أن تدرك أن المعلم لن يؤدي أداء جيدا ولن يكون تعليمه مؤثرًا ومفيدًا إلا إذا كان لديه دافع قوي ومحفزات تدفعه للعمل لأن التعليم مهنة تعتمد بشكل كبير على دوافع كل من الطالب والمعلم.. ومد فترة العمل لمن هم في سن المعاش فهذه خطوة لن تفيد كثيرا أيضا لأن المعلم مطلوب أن يكون نشيطًا قادرًا على الحركة وبذل مجهود لمتابعة الطالب وهذا المجهود الكبير قد لا يقوى عليه كثير ممن بلغوا سن المعاش.
وفيما يتعلق بالاستعانة بمعلمي الحصة فإنه نظرا لأن العائد المادي من هذه العملية قليل فإن الوزارة بذلك تفتح بابا جديدا للدروس الخصوصية، أما زيادة أعداد المتقدمين للتعيين في وظيفة معلم مساعد فهي خطوة إيجابية تستحق الإشادة وهي أحد الحلول الفعلية والواقعية والمؤثرة في مواجهة مشكلة الكثافة.
إعادة دور المدرسة
أما رضوى أحمد، معلمة لغة عربية، قالت، إننا نثني على القرارات الأخيرة لوزارة التربية والتعليم التي كان الهدف منها التخفيف عن الطلاب بإلغاء ودمج بعض المواد او التخفيف عن كاهل أولياء الأمور بإعادة دور المدرسة والحد من اللجوء للسناتر كمكان موازٍ للتعليم بديلا عن المدرسة والذي استفحل واستشرى دورها في العشر سنوات الأخيرة وهجر الطلاب المدارس وخاصة طلاب المرحلة الثانوية وعزفوا عنها وأصبحت مكانا لأداء الامتحانات شهرية كانت أو امتحانات الفصلين الدراسيين.
وأشارت إلى أن هناك بعض الملاحظات والتساؤلات، حيث نرى أن اللغة الثانية قد ظلمت في هذه القرارات لأن الإبقاء عليها كمادة مضافة للمجموع كان أمرا مفضلا، إذ إنها مادة خفيفة في منهجها وتدريسها ويتعلمها الطلاب بشغف إذ إنها كانت تخفف عليهم جمود وجفاف وإرهاق المواد الأخرى، وتزيد من ثقافة الطلاب، وخاصة أنها كانت بالمرحلة الثانوية أي أنه تمكن من لغته الأم، واللغة الأجنبية الأولى.. وبعض من هذه اللغات يعتبر لغة علم كعلوم الطب والهندسة اثناء الدراسية الجامعية وكانت تساعد على الاطلاع وجعلها خارج المجموع سيقلل من الاهتمام بها.
وأضافت: أن قرار حضور طلاب الثانوية مساءً، يدفعنا للتساؤل حول مصير طلاب الخدمات من هذه القرارات، لو تم تفعيل قرارات نقل طلاب الثانوي ببعض، حيث إن الفترة المسائية وقت مخصص لطلاب الخدمات.. فمتى وكيف وأين سيحصل هؤلاء الطلاب على تعليمهم؟
وتابعت، نتفهم ان وزارة التربية والتعليم، تعمل جاهدة على سد العجز في أعداد المعلمين وتخفيف الكثافات في الفصول بطرق عدة.. ولكن نتمنى الا يتعارض مع حق الطلاب في تعليم جيد ومخرجات تعلم مناسبة لمرحلته التعليمية.
اللغة الثانية
في السياق نفسه، استنكرت ألفت السائح، معلم خبير لغة فرنسية، قائلة، إننا على مشارف عام دراسي جديد جاءت القرارات المفاجئة من وزارة التربية والتعليم لإعادة هيكلة الثانوية العامة والتي تضمنت دمج مواد، وإلغاء مواد وخروج مواد من المجموع وعلى رأسها اللغة الفرنسية التي كانت بمثابة الورقة الرابحة بين المواد، هي المادة يحصل طلابها على الدرجة النهائية بشهادة الطلاب وأولياء الأمور.
وأضافت: مما لا شك فيه أن هذا القرار سيكون له تبعات خطيرة منها: تدريس اللغة الفرنسية في المدارس الحكومية يزيل الفروق الطبقية بين القاعدة العريضة للطلاب من الشعب المصري وطالب اللغات، واستبعاد اللغة الفرنسية من المواد التي تضاف إلى المجموع، سيؤدى الى إهمال استذكارها.. فلماذا يفكر الطالب في ضياع وقت في مادة لا درجات من ورائها؟.
اللغات والبرمجة
أوضحت «ألفت»، أن النتيجة ستكون إخراج جيل عاجز عن التواصل مع ثقافة الآخر، في زمن اللغات والبرمجة؛ لأن أي مجال من مجالات العمل يتطلب إجادة لغتين على الأقل.. كما أن تهميش اللغة الفرنسية وخروجها خارج المجموع ضرب عرض الحائط الاتفاقيات مع الجانب الفرنسي، الذى أنفق آلاف اليوروهات على مشروع دعم الفرنسي فيما يسمى مشروع Tréfl، ذلك المشروع الذى كانت تدريباته متواصلة حتى صدور القرار مع معلمي المرحلة الإعدادية تمهيدا لإدراجها ضمن المواد الدراسية مع العلم أن التدريبات مفترض أن تستمر حتى شهر نوفمبر المقبل، ولكن تم وقف التدريبات بمجرد صدور القرار بإلغائها وقضى على آمال آلاف من المعلمين، أصبحوا في مهب الريح بلا هوية تعليمية قد يزج بهم في مدارس الابتدائي لسد العجز في مادة لا يفقهون عنها شيئا.
ولفتت إلى أنه على مستوى التعليم الجامعي، بالتالي سيتم تجميد أقسام اللغات في كليات التربية والآداب وكليات الألسن والترجمة وعزوف الطلاب وأولياء الأمور عن الالتحاق بها.. ومن يرى إلغاء اللغة الفرنسية تخفيفا للعبء من كاهل الطالب وولى الأمر سيكتشف أنها كارثة عندما يضطر لدفع الآلاف من الجنيهات ليتعلم ابنه لغة ثانية ليلتحق بوظيفة من شروطها إتقان لغتين على الأقل بعد أن كان يدرسها مجانا في المدارس الحكومية.
المواد مكدسة
من جانبها، أكدت شيماء علي ماهر ولية أمر، أن الثانوية العامة كانت مكدسة بكم مواد وكم معلومات وحشو مقارنة بأي نظام تعليمي آخر، لافتة إلى أنها تؤيد اتجاه تخفيف ودمج المواد لأن المناهج كانت تستحق هذا التخفيف.
وأضافت: الدروس الخصوصية في المواد التي خرجت من المجموع لن تكون مثل السابق، ولن يكون الضغط كما كان سابقا من المدرسين، وأعتقد ستكون الدراسة بالنسبة للطالب أكثر استمتاعا؛ لأنه يدرس لغة ثانية، خارج ضغط المجموع، وهنا يمكن للطالب اللجوء لدرس في نهاية العام فقط، كنوع من المراجعة.
وطالبت «شيماء»، بتعديل نظام الامتحانات، وإلغاء البابل شيت؛ لأنه كارثي بكل المقاييس، والرجوع لطريقة أداء الامتحان بشكل مقالي أو على الأقل لنظام الامتحانات المتنوع العادل، الذي يقيس بالفعل مخرجات التعلم قياس نسب الفهم المختلفة، لأن ما يحدث حاليا يضع الطالب تحت ضغط نفسي غير طبيعي، خاصة أن غالبية الامتحانات لا تخلو من الأخطاء وبعيدة عن المنهج الدراسي.
وأشارت إلى أهمية سرعة تطوير الكتاب المدرسي حتى نتخلص تماما من مافيا الكتب الخارجية التي أصبحت عبئا على الأسرة المصرية، فهناك كتب وصلت أسعارها ما بين 500 إلى 1000 جنيه، ما يمثل ضغطا شديدا على الأسرة، خصوصا من لديه أكثر من ابن في مراحل تعليمية مختلفة.. وتطويره سيوفر الكثير على ولي الأمر.
أخبار متعلقة :