ردود فعل عكسية وقلقة مست الرأي العام بشكل كبير؛ بسبب تصريحات وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف، فيما يخص تعليم اللغة الفرنسية في المدارس الابتدائية والإعدادي والثانوية، وعلاقتها بالمجموع فيما يخص القبول في التعليم الجامعي.
جاءت تصريحات وزير التعليم، "المثيرة للجدل"، صادمة حول مستقبل تعليم اللغة الفرنسية فى مصر، وهي اللغة التى يتحدث بها بترتيب متقدم حول العالم معظم دول قارة إفريقيا التى ننتمي إليها جغرافيا، ودول ما يعرف ب "الفرنكوفونية"، وإزاء هذه التصريحات يحق لنا أن نطرح مجموعة من الأسئلة من أجل المصلحة العامة منها:
• هل يجوز لوزير التعليم أن يصدر قرارات فى تغيير السياسة التعليمية بشكل منفرد بعيدًا عن الحكومة والمجتمع؟
• هل من صلاحيات الوزير أن ينفذ ويغير السياسة التعليمية فى بلادنا لمجرد فكرة خاصة، دون مناقشة أو حوار مجتمعي؟
• هل ناقشت الحكومة مقترحات الوزير الصادمة وعرضتها على مجلس النواب طبقًا للمادة 101 من الدستور "يتولى مجلس النواب سلطة التشريع وإقرار السياسة العامة للدولة، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية".
فهل تم طرح موضوع التعليم واللغة الفرنسية على مجلس النواب أو لجنة التعليم وهي اللجنة النيابية المختصة طبقًا لقانون لائحة المجلس رقم "1" لسنة 2016 ؟.
هل مارس وزير التعليم ديمقراطية القرارات الصادمة بمشاركة المجلس الاستشاري وخبراء اللغة الفرنسية فى وزارته ؟.
هل ناقش المجلس الأعلى للتعليم أو شارك مجالس الآباء والأمناء وأولياء الأمور ونقابة المهن التعليمية!؟.
• هل قام الوزير بالاستماع أو المناقشة المجتمعية فى شأن هام يمس اللغة الفرنسية التى تمس الملايين من الطلاب وما يزيد عن 150 ألف معلم للغة الفرنسية من العاملين فى الوزارة فى جميع مدارس الجمهورية غير الخريجين من المعاهد الفرنسية والجامعات المتخصصة وفروعها التى تدرس اللغة الفرنسية؟.
هل درس الوزير أثار قراره على العلاقات المصرية الفرنسية القوية والممتدة عبر التعاون الاقتصادي والسياسي والثقافي ولها جذر ممتد عميق فى جميع المجالات؟.
هل درس الوزير تأثيرات قراراته وتصريحاته على وزارة الخارجية المصرية والبعثات الدبلوماسية للدول التى تتحدث الفرنسية حول العالم، خصوصًا العمق الأفريقي لنا ؟.
يبدو أن معالي الوزير قد تناسي طبيعة البعثات العسكرية إلى فرنسا التى من المفترض أن تتحدث وتتعلم اللغة الفرنسية.
هل اطلع الوزير على قرار رئيس الجمهورية 630 الخاص باتفاقية الشراكة بين الحكومة المصرية والوكالة الفرنسية للتنمية، الذي منح مصر منحة إضافية بـ 500 ألف يورو من أجل البعثات التدريبية فى فرنسا والدعم الفني للغة الفرنسية فى مصر وهي الاتفاقية التى نشرت فى 16 يناير 2023.
إن نتيجة قرارات وزير التعليم حول اللغة الفرنسية شديدة السلبية، سيمتد تأثيرها السلبي على المراكز الثقافية والفنية الفرنسية سواء فى القاهرة أو الإسكندرية أو فى التجمعات الجديدة وحتى على المدارس المنتشرة فى 8 محافظات والتى تقوم بتعليم اللغة الفرنسية كلغة أولى للطلاب المصريين.
وأعتقد أن الوزير قد تناسى العلاقات والبعثات التعليمية فى مطلع القرن الثامن عشر، ودور رائد التنوير رفاعة الطهطاوي وقد تناسى الوزير الكتاب المرجع "وصف مصر"، الذي كتبه علماء اللغة الفرنسية كذلك العلاقة الراقية مع الثقافة الفرنسية والولع المشترك بين الثقافتين المصرية والفرنسية هذا إلى جانب دور مكتبة الإسكندرية، وتعاونها مع المؤسسات الثقافية الفرنسية الكبرى.
أما عن المواقف والآثار الاجتماعية فأعتقد أن وزير التعليم قد وضع عقبات أمام مستقبل معلمي اللغة الفرنسية فى التعليم العام ومستقبلهم الوظيفي وهي عقبات ستهز الاستقرار الاجتماعي لهم ومعهم السادة الموجهين والخبراء والعلماء باللغة الفرنسية، فضلا عن الأثر الاجتماعي.
وأخيرا، فإن الموضوع سيظل مطروحا أمام كل من يهمه مستقبل التعليم حتى تستقر الأمور، وهنا يجب أن تتم مراجعة الوزير وعليه الاعتذار للمصريين جميعا كما فعلها من قبل بتقدير مثمن د. مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء الذي اعتذر للطبيبة التى تعرضت للأذى من قبل أحد المحافظين فى الصعيد.
نحن نتطلع إلى عملية حقيقية؛ لتطوير التعليم فى بلادنا من أجل بناء الإنسان المصري وفقًا لخطة ومشروع 2030، إذا لماذا نفعل ذلك بأنفسنا؟ وأعتقد أن من حقنا طرح هذا السؤال.. أليس كذلك؟!
أخبار متعلقة :