بوابة المساء الإخباري

حكمة الله فى امتحان عباده بابتلاء .. الأزهر للفتوى يوضح .. بوابة المساء الاخباري

قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية، إنه جَرَتْ سُنَّة الله تعالى في الكَون أن يمتحن خَلقه بألوان البلاء ليستشعروا معاني القرب منه سبحانه والتوكل عليه، وتفويض الأمر إليه، وتعبَّدَهم بالصبر على ما يكرهون واليقين في حكمته وتدبيره، ثم الشكر بعد رفع البلاء عنهم، واحتساب أجر صبرهم عليه. 

واشار مركز الأزهر، أنه على المبتلَى أن ينظر لحكمة الله تعالى من محنته، ويكون عند مراده منه في البلاء، وليَعلَم أن الله تعالى أرحم من أن يضيق على عبده دون غاية؛ فعنْ عَبْدِ اللَّهِ، أن رسول الله ﷺ قَالَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى، شَوْكَةٌ فَمَا فَوْقَهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا سَيِّئَاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا». [متفق عليه]

فضل الصبر على الابتلاء
١- لم يحدّد الله جزاءً محدّدًا للصابرين، وإنّما قال: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ)، ولو لم يكن للصبر إلّا هذا الفضل لكفى، ووصف الله الصابرين بالمتقين، وهم كذلك في معيّة الله وحبّه ونصره.

٢- يعدّ الصبر سببًا من أكبر أسباب الخوض في معترك الحياة، والقدرة على السير فيها؛ فالصبر هو المغزى والوسيلة لكلّ من أراد أن يصل إلى هدفه في الحياة الدنيا؛ فمن باب أولى أنّ الوصول إلى الجنّة والفوز برضا الله يحتاج إلى تعبٍ وصبرٍ، ولا يتحقّق ذلك بالكسل والراحة؛ فرسول الله لم ينل الراحة في دعوة الناس إلى الخير ونشر الإسلام بينهم، حتى وصفه الله بأنّه ذو خُلقٍ عظيمٍ.

٣- تكفير السيئات، ومغفرة الذنوب، ومحو الخطايا، ودخول الجنّة، وهذا من أعظم ما يجنيه العبد من الصبر، دلّ على ذلك قوله - تعالى-: (وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ*جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ*سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ۚ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ).

كيف نستعين على الصبر عند وقوع البلاء؟

قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن كثير من الناس عندما يحدث له شيء من الكَدَر، من الهموم، من المصائب، من الكوارث، من الأزمات فإنه يظن أن الله قد غضب عليه، ولكن هذه هي طبيعة الدنيا التي خلقها الله سبحانه وتعالى.

أوضح علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك:«الله خلق الأشياء، وقدَّر لها أقدارها، خلق النار وجعلها مُحْرِقة، وجعل الإنسان يطلب منها الدفء، جعلنا إذا وضعنا فيها اللحم يحدث شوي للحم، جعلها عندها طاقة وحرارة، خلق الله سبحانه وتعالى الشمس وهي مضيئة، وهذه الإضاءة تسبب النهار».

وتابع:«خلق سبحانه وتعالى البحر، وأوجد فيه ماءً، وهذا الماء يُحْدِث البَلل، يعني لو الواحد ألقى نفسه في البحر يبتل، فلا يتعجب إذا ما ألقى نفسه في البحر فابتل، ولا يقول: لماذا قدَّر الله عليَّ البلل؟ وهل هذا غضبٌ من عنده؟ وهل أنا فعلت شيئًا؟ ويبدأ أولًا: في التبرّم. ثانيًا: في الحَيْرة والتردد. ثالثًا: في عدم الثقة لا بالنفس، ولا بالله».

وأكمل علي جمعة أنه لإزالة هذا التوهّم، فإن أصل الدنيا فيها الكدَر. فلا تستغرب الدنيا إذًا ما دامت دنيا، وهذه صفتها؛ فإن الأكدار جزء لا يتجزأ من حقيقتها، هى الدنيا ولأنها دنيئة، ومن الدنو، ومن الدناءة، الدنيا أبرزت الأكدار، وأبرزت المصائب، والشواغل، والهموم، والأزمات، والكوارث، والأمراض، ما هو هذا مستحق وصفها، كيف تكون إذًا من الدناءة؟ وهل يجوز أن تنعتها بهذه النعوت القبيحة، ولأنها كذلك فهي لا يُسْتَغرب أبدًا منها أن تُبرز، وأن تُظهر الأكدار، هذه الحقيقة تجعل معك ميزان للتعامل، ولقياس التعامل مع الدنيا، عندما تأتي المصائب تعرف حقيقتها هكذا الدنيا.

وتساءل: ما الذي يُفيده لك هذا الشعور؟، موضحًا أنه المساعدة على الصبر؛ لأن الصبر مُرْ، والصبر صعب، والصبر فيه معالجة للنفس، وكَبْح هذه النفس، فكيف تستعين على الصبر؟ تستعين على الصبر بأنك مهيأ، وفاهم أن هذا أمر عادي، لو أنك فَهِمت إنه هذا أمر يعني أصابك أنت وحدك، وأن هذا الأمر فريد في نوعه، وأنه كيف يحدث هذا؛ تُصاب بالحيرة، ولكن فوق هذا تُصاب بالجزع، ولذلك لما رأى النبي ﷺ هذه المرأة التي مات لها ابنها، وهي تبكي، وتَلْطِم، وكذا؛ فقال لها: «اصبري»، قالت: «عليك عني» ولم تكن تعرف أن الذي يُكلمها هو رسول الله ﷺ من شدة حزنها، واستغراقها في الحزن، وانشغالها في هذا الجزع، وأخبروها هذا رسول الله فقامت تجري وراءه، وقالت: «يا رسول الله» -يعني لم أعرفك-، فقال لها: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى» كيف يأتي الصبر عند الصدمة الأولى؟ بالمعرفة المُسَبَّقة، بالتربية، بالفَهْم، بأن نتحقق بهذه الحكمة «لاَ تَسْتَغْرِبْ وُقُوعَ الأَكْدَارِ مَا دُمْتَ في هَذِهِ الدَّار» هذه كلمة جميلة نحفَظها «لاَ تَسْتَغْرِبْ وُقُوعَ الأَكْدَارِ مَا دُمْتَ في هَذِهِ الدَّار» فعندما تأتيني الواقعة، والحادثة، والنازلة، تجدني وأنا مستحضر هذه الحقيقة تساعدني على الصبر، وعدم الجزع، تساعدني بذلك ما دمت هصبر.

واختتم علي جمعة قائلا: ما الذي يحدث بعد الصبر؟ ما نتيجة الصبر؟ التسليم والرضا بقضاء الله، ويقول النبي ﷺ: «إِنَّ الْعَيْنَ لتَدْمَعُ، وَ إِنَّ الْقَلْبَ ليَحْزَنُ، وَإِنَّا على ِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ، ولا نقول ما يُغْضِبُ الله»  لأنه في تربية سابقة، وفي مفاهيم سابقة مستقرة في النفس البشرية؛ ولذلك إذا ما تحققنا بهذه الحكمة؛ فإنها تساعدنا كثيرًا على إنشاء هذه النفس المُتخَلِّقة بالأخلاق النبوية المصطفوية عليه الصلاة والسلام.

أخبار متعلقة :