بوابة المساء الإخباري

إنجاز يشهد له العالم| مصر قصة نجاح في مكافحة الملاريا بشهادة الصحة العالمية .. بوابة المساء الاخباري

في خطوة تاريخية تضاف إلى سجل الإنجازات الصحية في مصر، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن البلاد أصبحت خالية من مرض الملاريا، ويُعتبر هذا الإنجاز بمثابة ثمرة جهود مضنية استمرت لعقود، حيث قامت الحكومة المصرية بتبني استراتيجيات فعّالة لمواجهة هذا المرض الذي يشكل خطرًا على الصحة العامة.

مرض الملاريا

تُعتبر الملاريا من الأمراض الفتاكة التي تنتشر عبر لدغات بعوضة الأنوفيلة، وقد كانت مصر تُعاني من هذا المرض في الماضي، حيث كانت تسجل آلاف الحالات سنويًا، لكن مع بداية الألفية الجديدة، اتجهت الحكومة المصرية نحو تنفيذ خطة شاملة للقضاء على الملاريا.

ومنذ أكثر من 100 عام، وضعت مصر نصب عينيها القضاء على الملاريا، المرض الذي عرفته منذ العصور الفرعونية، وقد أظهرت الحكومة والشعب التزامًا صارمًا بتحقيق هذا الهدف، وجاءت النتائج تتويجًا لهذه الجهود، حيث صرحت منظمة الصحة العالمية بأن مصر تمكنت من القضاء على المرض بشكل كامل.

بدأت وزارة الصحة المصرية بحملات توعية للمواطنين في المناطق المهددة، وتم توزيع منشورات ومواد توعوية تتناول أساليب الوقاية من الملاريا وأهمية الحفاظ على النظافة الشخصية والبيئة.

أُجريت عمليات مكثفة لمكافحة البعوض، حيث تم معالجة المناطق الراكدة والمستنقعات، بالإضافة إلى استخدام مبيدات حشرية آمنة وصديقة للبيئة.

قامت الوزارة بإجراء فحوصات دورية في المناطق المعرضة، وتقديم العلاج المجاني للمصابين. ونتيجة لذلك، انخفضت معدلات الإصابة بشكل كبير.

تعاونت مصر مع منظمات دولية مثل منظمة الصحة العالمية وجمعية الهلال الأحمر، حيث حصلت على الدعم الفني والمالي اللازم لتطوير برامج مكافحة الملاريا.

تكللت هذه الجهود بنجاح كبير، حيث لم تسجل مصر أي حالات جديدة من الملاريا منذ عدة سنوات. وبهذا الإنجاز، تضع مصر نفسها في مقدمة الدول التي تمكنت من القضاء على هذا المرض.

وقال المدير العام للمنظمة، تيدروس أدهانوم جيبريسوس: «الملاريا قديمة قدم الحضارة المصرية نفسها، ولكنها الآن أصبحت جزءًا من ماضي مصر وليس مستقبلها، والإشهاد على خلو مصر من الملاريا هو نجاح تاريخي وشهادة على التزام المصريين».

مصر أصبحت ثالث دولة في إقليم شرق المتوسط تحصل على شهادة خلوها من الملاريا، بعد الإمارات والمغرب، وأول بلد ينال هذا الاعتراف منذ عام 2010، وتنضم مصر إلى 44 دولة حول العالم، حققت نفس الإنجاز، وهو ما يعزز مكانة مصر كقائد إقليمي في مجال الصحة العامة والوقاية من الأمراض المعدية.

قال خالد عبدالغفار، وزير الصحة ونائب رئيس الوزراء: «حصول مصر على شهادة القضاء على الملاريا ليس نهاية الرحلة، بل هو بداية مرحلة جديدة تتطلب منا مواصلة الجهود»، وأكد على أهمية الحفاظ على أعلى معايير الترصد والتشخيص والعلاج لمنع أي عودة للمرض.

وأضاف الوزير: «سنعمل بلا كلل مع جميع الشركاء للحفاظ على م صر خالية من الملاريا، وضمان استدامة جهودنا في إدارة النواقل والتصدي للحالات الوافدة».

خلو مصر من الملاريا

وسبق أن أكدت وزارة الصحة أن آخر انتقال مثبت لمرض الملاريا داخل مصر كان في عام 1998، في حين لا يوجد أي سريان للمرض داخل البلاد حتى الآن.

وفي فبراير 2023، خاطبت وزارة الصحة والسكان، مدير عام منظمة الصحة العالمية بجنيف، بملف يتضمن جهود الوزارة في مواجهة المرض وإجراءات الحصول على الإشهاد بخلو مصر من الملاريا، للبدء في اتخاذ الخطوات اللازمة للتحقق من خلو مصر من المرض.

ووفق تقرير سبق أن حصل عليه مصراوي، فإن القضاء على الملاريا يأتي نتيجة برامج التطعيم الوطنية المجانية الموسعة ضد الملاريا، ما قلل معدلات انتشارها بصورة كبيرة، ومكّن الدولة المصرية من إعداد الملف الخاص لإعلان خلو مصر منها نهائياً.

وعلى وقع ذلك، وبختام يونيو الماضي، استقبل الدكتور خالد عبد الغفار، وفدًا من منظمة الصحة العالمية (برنامج الملاريا العالمي)؛ تمهيدًا لحصول مصر على الإشهاد الدولي بالخلو من مرض الملاريا، بعدما قام الفريق بتنفيذ زيارة ميدانية، خلال الفترة من 22 إلى 29 يونيو الجاري؛ للتحقق من عدم حدوث سريان لمرض الملاريا داخل مصر، وأن جميع الحالات المكتشفة كانت حالات وافدة من دول يتوطن بها المرض، ووجود نظام ترصد قوي، قادر على الاكتشاف المبكر للحالات، وذلك من خلال التعاون مع جميع الجهات المعنية.

وزار فريق المنظمة عددًا من المستشفيات، والوحدات الصحية بمحافظات القاهرة، والفيوم، وأسوان؛ لمراجعة الإجراءات الوقائية والاحترازية التي تطبقها الدولة لمنع إعادة توطن مرض الملاريا بالبلاد، من خلال مراجعة ملفات الحالات، وكذلك المعامل والأنظمة المساعدة ونظام الإحالة، وبروتوكولات العلاج المطبقة.

كما قامت البعثة بزيارة عدد من وحدات الرعاية الصحية الأولية؛ للوقوف على قدرات الأطقم الطبية في الاكتشاف والإحالة لأية حالة ملاريا وافدة، وتم زيارة معامل وحدات الملاريا، لمراجعة قدرة العاملين على التشخيص السليم والترصد المستمر للحالات، وزيارة وحدات مكافحة نواقل الأمراض بالمحافظات، بالإضافة إلى مقابلة مجموعة من الرائدات الريفيات؛ للتعرف على النظام المجتمعي، وطرق توصيل الرسائل الصحية المختلفة للمواطنين.

وأشادت بعثة الصحة العالمية بجودة المنظومة الصحية المصرية، والتي تتيح حصول المريض على الخدمات الصحية، بالإضافة إلى وجود نظام ترصد قوي، واستجابة عالية لسرعة اكتشاف والتعامل مع أية حالة ملاريا وافدة، ومكافحة نواقل الأمراض (البعوض الناقل للمرض)، ومنع إعادة توطين المرض عن طريق وجود خرائط محددة ومحدثة، وأشادت بدور مكاتب تقديم خدمات الوقاية من مرض الملاريا للمسافرين إلى الدول التي يتوطن بها المرض.

أعراض الملاريا

أعراض الملاريا تتراوح بين عدم وجود أعراض وبين وجود جلطات في الأوعية الدموية واحتقان الرئة والوفاة.

ويعاني معظم المرضى من الحمى والصداع وآلام الظهر والرعشة و العرق والآلام العضلية والغثيان والقيئ، وعادة ما يصاحب ذلك تضخم بالطحال وفقر بالدم.

أما الحالة المشتبه في إصابتها بالمرض، فهي أي مريض يعاني من حمى لا يوجد تفسير لحدوثها، أو أعراض إكلينيكية أخرى كالصداع وآلام الظهر والرعشة والعرق والآلام العضلية والغثيان والقيئ، وعادة ما يصاحب ذلك تضخم بالطحال وفقر بالدم وتاريخ سفر أو إقامة في منطقة موبوءة أو منطقة موجود بها العائل الناقل.

وتشمل الحالة المؤكدة، هي الحالة الإيجابية بالتحليل السيرولوجي باستخدام كاشف سريع RDT، مع وجود طفيل الملاريا على شريحة الدم بأطواره المختلفة.

ويعد إعلان منظمة الصحة العالمية عن خلو مصر من الملاريا يُعتبر إنجازًا تاريخيًا. إنه ليس مجرد انتصار ضد مرض، بل هو تجسيد لإرادة قوية وجهود متواصلة نحو مستقبل صحي أفضل، وتعكس هذه الخطوة التزام الحكومة المصرية بتحسين جودة الحياة لمواطنيها وتقديم نموذج يُحتذى به في مواجهة التحديات الصحية.

أخبار متعلقة :