وسط تصاعد التوتر بين لبنان وإسرائيل، يسعى المبعوث الأميركي آموس هوكستين لتأمين اتفاق يمنح إسرائيل ضمانات أمنية قبل عرضه على لبنان وحزب الله، في خطوة تأتي وسط شروط إسرائيلية تطالب بحرية العمليات العسكرية في لبنان. وفيما كثفت إسرائيل ضرباتها الجوية على لبنان مستهدفة الضاحية الجنوبية وبعلبك، نفت الحكومة اللبنانية أي طلب أميركي بوقف إطلاق النار من جانب واحد، مؤكدة التزامها بقرار مجلس الأمن 1701.
مساع أميركية لتسوية تضمن شروط إسرائيلية مشددة
كشفت مصادر سياسية في تل أبيب، الجمعة، عن تحرك المبعوث الأميركي آموس هوكستين، وكبير مستشاري الرئيس الأميركي بريت ماكغورك، لتثبيت اتفاق متكامل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل عرضه على لبنان وحزب الله. الهدف هو تأمين صيغة لا تتيح فرصًا لإسرائيل بوضع عراقيل لاحقًا، بعد أن وضع نتنياهو شروطًا تضمن لإسرائيل حرية العمليات العسكرية في لبنان كجزء من أي تسوية لإنهاء النزاع.
في اجتماعه مع المبعوثين الأميركيين، شدد نتنياهو على أن "التصميم الإسرائيلي على تنفيذ الاتفاق وضمان الأمن" هو الأساس، وليس فقط الالتزام بقرارات مجلس الأمن الدولي، مثل القرارين 1701 و1556. وأكدت المصادر أن هوكستين وماكغورك سيعودان إلى واشنطن لإجراء تعديلات على مقترح التسوية بما يتوافق مع الشروط الإسرائيلية.
موقف المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ودعوتها لوقف القتال
أظهرت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تأييدها للتوصل إلى اتفاق سياسي، وفقًا لما عبّر عنه وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الأركان هيرتسي هاليفي، إلى جانب قيادات الموساد والاستخبارات. وأشارت التقارير إلى أن المسؤولين الأمنيين يعتبرون أن الحرب قد استنفدت نفسها، وأن الإنجازات العسكرية التي تحققت، كاغتيال قيادات من حزب الله وحماس، يمكن تحويلها إلى مكاسب سياسية.
غير أن المصادر أوضحت أن نتنياهو يبدو حذرًا في اتخاذ قرار واضح، ما يدفع الجيش الإسرائيلي لمواصلة العمليات على الأرض. وقال ضابط إسرائيلي إن "نتنياهو يسمع ويصمت، مما يعطي شعورًا بأنه يسعى لكسب الوقت"، وهو ما قد ينذر بمخاطر تطور النزاع إلى حرب استنزاف طويلة.
تعميق العمليات العسكرية في حال تعذر التوصل إلى اتفاق
ذكر المحلل العسكري يوسي يهوشواع أن قادة الجيش الإسرائيلي يهددون بتوسيع العمليات العسكرية إذا استمر التأخير في التوصل إلى اتفاق سياسي. وأضاف أن الجيش مستعد لتعميق الاجتياح في لبنان وخلق "حزام أمني" يضمن حماية شمال إسرائيل من هجمات حزب الله.
وبحسب مصادر أميركية، فإن هوكستين يواجه تحديًا في إقناع الحكومة اللبنانية بقبول بنود تسمح لإسرائيل بحرية العمل العسكري داخل لبنان. وتعمل واشنطن على توفير ضمانات لإسرائيل، بما في ذلك دعم عسكري في حال خرق الاتفاق من قبل حزب الله، على أن يعود هوكستين إلى بيروت بمجرد الحصول على موافقة مكتوبة من نتنياهو.
ضمانات أميركية لحرية عمل إسرائيلية وقيود على حزب الله
تسعى إسرائيل للحصول على ضمانات تشمل حرية الجيش الإسرائيلي في لبنان إذا لم تقم القوات اللبنانية وقوات "يونيفيل" بمنع نشاطات حزب الله. وتطالب إسرائيل بتوسيع تفويض "يونيفيل" وإجبار حزب الله على الانسحاب إلى ما وراء نهر الليطاني. كما ترغب إسرائيل في اتخاذ تدابير مباشرة لمنع تهريب الأسلحة من سوريا إلى لبنان.
وفي ضوء الضغوط الأميركية، يجري العمل حاليًا على إغلاق بنود الاتفاق بالكامل مع نتنياهو لضمان عدم إمكانية رفضه من قبل حزب الله أو الحكومة اللبنانية، وفي حال تعذر الاتفاق، فإن الولايات المتحدة قد توافق على زيادة الضغط العسكري على حزب الله ولبنان لتحقيق التهدئة.
نفي ميقاتي للطلب الأميركي وتوسع الغارات الإسرائيلية
نفت الحكومة اللبنانية على لسان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الجمعة، أن تكون الولايات المتحدة قد طلبت من بيروت إعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد، وذلك بعد أن أشار مصدران إلى أن مبعوثًا أميركيًا اقترح هذا المطلب لتعزيز مساعي التهدئة بين حزب الله وإسرائيل. ميقاتي أوضح في بيانه أن موقف الحكومة اللبنانية واضح بشأن السعي إلى وقف إطلاق النار المتبادل وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 الذي ينص على ضبط الأوضاع بين الجانبين.
بالتزامن، كثفت إسرائيل ضرباتها الجوية على لبنان، مستهدفةً مناطق بعلبك والضاحية الجنوبية لبيروت، وهو ما وصفه ميقاتي بأنه مؤشر واضح على "رفض إسرائيل للمساعي الرامية إلى التهدئة". وطالبت إسرائيل بإخلاء عدة مناطق في الضاحية الجنوبية، فيما أعلنت وكالة الأنباء اللبنانية أن الغارات دمرت حي الزهراء في بعلبك ومناطق أخرى، ما أثار نزوحًا كثيفًا للسكان.
ارتفاع حصيلة الضحايا والتحذيرات الإسرائيلية
أفادت وزارة الصحة اللبنانية أن حصيلة القتلى جراء القصف الإسرائيلي بلغت نحو 2867 شخصًا، إلى جانب أكثر من 13،000 جريح، منذ بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية على لبنان. وأوضحت الوزارة أن عدد المسعفين القتلى من العاملين في المؤسسات الصحية التابعة لحزب الله وحركة أمل ارتفع إلى 178 شخصًا، مع استمرار الغارات على المناطق الجنوبية والشرقية من البلاد.
من جانبه، حذر الجيش الإسرائيلي سكان الضاحية الجنوبية من التواجد في بعض المباني المعروفة بأنها مراكز لحزب الله، مشيرًا إلى أن القصف سيستهدف تلك المواقع بشكل مباشر.
أخبار متعلقة :