بوابة المساء الإخباري

أجندة «ترامب» المثيرة للجدل في ولايته الثانية.. «بناء جدار المكسيك وفرض حظر جديد على الهجرة» الأبرز المساء الاخباري ..

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

بينما يسعى دونالد ترامب إلى استعادة البيت الأبيض فى عام ٢٠٢٥، فقد وضع مخططًا تفصيليًا وعدوانيًا لولايته الثانية، مع التركيز على عمليات الترحيل الجماعي، والتطهير الحكومى الفيدرالي، وسياسة الطاقة المثيرة للجدل. 

وعلى عكس فوزه المفاجئ فى عام ٢٠١٦، يدخل ترامب الآن المعركة السياسية بخطة مكتملة، تستهدف مجموعة من القضايا التى يعتقد أنها حاسمة لرؤيته لمستقبل أمريكا. فيما يلى نظرة متعمقة على مقترحاته الطموحة والمثيرة للجدل.

أحد أكثر وعود ترامب طموحًا لولايته الثانية هو إطلاق ما يسميه "أكبر برنامج ترحيل فى التاريخ". تهدف الخطة إلى طرد ما يقدر بنحو ١١ مليون مهاجر غير شرعى يعيشون فى الولايات المتحدة. وبينما تظل التفاصيل نادرة، طرح فريق ترامب فكرة إشراك وكالات إنفاذ القانون المحلية والعسكريين فى العملية. لقد ألمح حتى إلى الاستعانة بقانون التمرد لتعبئة قوات الحرس الوطنى لمكافحة ما وصفه بـ"الغزو" على الحدود الجنوبية.

ومع ذلك، فإن اللوجستيات وتكاليف مثل هذا البرنامج مذهلة. وتشير تقديرات الأبحاث التى أجراها مجلس الهجرة الأمريكى إلى أن تكلفة ترحيل مليون فرد قد تتجاوز ٨٨ مليار دولار، مع إمكانية وصول التكلفة الإجمالية لإزالة جميع المهاجرين غير المسجلين البالغ عددهم ١١ مليونًا إلى ما يقرب من تريليون دولار. وعلى الرغم من هذه التحديات المالية، زعم فريق ترامب أن تكلفة الترحيل هى نفقات ضرورية لتقليل العبء المالى الذى يفرضه المهاجرون غير المسجلين على الولايات المتحدة، وخاصة فيما يتعلق بالخدمات الاجتماعية والرعاية الاجتماعية.

كما أيد ترامب استخدام قانون الأعداء الأجانب - وهو قانون غامض يعود تاريخه إلى عام ١٧٩٨ - لاحتجاز المهاجرين دون جلسات استماع، وهو ما يذكرنا بالسوابق التاريخية المثيرة للجدل مثل معسكرات الاعتقال اليابانية الأمريكية فى الحرب العالمية الثانية. إن هذا النهج يتطلب موازنة دقيقة بين الاعتبارات القانونية والدستورية، حيث إن مثل هذه الإجراءات الجماعية قد تواجه تحديات كبيرة فى المحكمة.

تتضمن مقترحات ترامب أيضًا استكمال جداره الحدودى المميز، وهو محور حملته الأولى. وهو يهدف إلى تأمين تمويل كبير لأمن الحدود من الكونجرس، مع التركيز على إنشاء حاجز محصن على طول الحدود الجنوبية مع المكسيك. ستمتد سياساته المتعلقة بالهجرة إلى إعادة فرض "حظر السفر للمسلمين" المثير للجدل، والذى استهدف مواطنى العديد من البلدان ذات الأغلبية المسلمة. هذه المرة، أشار ترامب إلى نيته توسيع الحظر ليشمل اللاجئين من غزة، مشيرًا إلى مخاوف بشأن "الدول الموبوءة".

بالإضافة إلى ذلك، يخطط ترامب لتحدى حق المواطنة بالولادة، وهو مبدأ منصوص عليه فى التعديل الرابع عشر لدستور الولايات المتحدة، والذى يمنح الجنسية التلقائية للأطفال المولودين فى الولايات المتحدة، بغض النظر عن حالة الهجرة لوالديهم. وقد أثار هذا الاقتراح الجذرى قلقًا بين علماء الدستور، لأنه يتطلب إصلاحًا قانونيًا لتغيير الوضع الراهن.

وفقًا لخطابه الشعبوي، تتضمن خطط ترامب لفترة ولايته الثانية أيضًا جهدًا واسع النطاق لإعادة تشكيل الحكومة الفيدرالية. فقد وعد بتطهير جماعى للموظفين المدنيين المحترفين، واستبدالهم بموظفين معينين سياسيًا يتوافقون مع أيديولوجيته. ووفقًا لرؤيته، سيتم تفكيك أجزاء كبيرة من وزارة العدل، بما فى ذلك جزء كبير من مكتب التحقيقات الفيدرالي، وسيتم إلغاء وزارة التعليم بالكامل. ولا شك أن هذا الجهد "لتجفيف المستنقع" من البيروقراطية الراسخة سيواجه مقاومة، وخاصة من أولئك الذين يزعمون أن مثل هذه التحركات قد تضعف استقلال وفعالية الوكالات الحكومية الرئيسية.

وأثارت مقترحات ترامب قلق المنتقدين الذين يخشون أن تؤدى مثل هذه الإجراءات الجذرية إلى تآكل المعايير الديمقراطية والضوابط والتوازنات المؤسسية. ولكن أنصاره يرون أن هذه التدابير ضرورية لاستئصال الفساد وضمان عمل المؤسسات الحكومية بما يتماشى مع القيم المحافظة.

إن إحدى الأولويات الرئيسية لترامب فى ولايته الثانية هى تمديد تخفيضاته الضريبية لعام ٢٠١٧، والتى من المقرر أن تنتهى فى نهاية عام ٢٠٢٥. كانت هذه التخفيضات الضريبية إنجازًا رئيسيًا لولايته الأولى ولا تزال تحظى بشعبية لدى العديد من المحافظين. اقترح ترامب جعل هذه التخفيضات دائمة وتوسيعها بشكل أكبر من خلال إعادة تقديم خصومات للضرائب المحلية والولائية (SALT) وخفض ضرائب الشركات على الإنتاج المحلي.

بالإضافة إلى التخفيضات الضريبية للشركات، اقترح ترامب مجموعة من الإصلاحات الضريبية الأخرى، بما فى ذلك إلغاء ضرائب الدخل على الضمان الاجتماعى والأجور. حتى أنه طرح فكرة إلغاء ضريبة الدخل تمامًا، على الرغم من عدم تقديم تفاصيل مؤكدة حول كيفية تمويل مثل هذا التحول الدرامي.

إن سياسة الطاقة التى ينتهجها ترامب، والتى يلخصها بشعار "الحفر، يا صغير، الحفر"، سوف تشهد تحولًا جذريًا نحو تطوير الوقود الأحفوري. وقد وعد برفع القيود المفروضة على حفر النفط والغاز، وإعادة الترخيص للمشاريع الجديدة، وإنهاء مبادرات طاقة الرياح البحرية، التى يزعم أنها ضارة بالحياة البحرية. كما ستنهى إدارة ترامب إعانات الطاقة الخضراء والائتمانات الضريبية، لصالح صناعات الطاقة التقليدية بدلًا من ذلك.

وفى حين أن موقفه بشأن الطاقة قد يجذب العديد من العاملين فى قطاع الوقود الأحفوري، فإن خبراء البيئة يحذرون من أنه قد يؤدى إلى تفاقم أزمة المناخ وإعاقة التقدم نحو حلول الطاقة النظيفة. وقد رفض ترامب مرارًا وتكرارًا تحذيرات تغير المناخ، مؤكدًا أن سياساته من شأنها أن تعزز استقلال الولايات المتحدة فى مجال الطاقة وتخلق فرص عمل فى قطاعى النفط والغاز.

ستتخذ سياسات ترامب التجارية منحى أكثر حماية مما كانت عليه فى ولايته الأولى، حيث هدد الرئيس السابق بفرض تعريفات جمركية تزيد على ١٠٪ على جميع الواردات الأجنبية، بما فى ذلك تعريفة جمركية محتملة بنسبة ١٠٠٪ على بعض المنتجات المصنوعة فى الصين. لطالما زعم ترامب أن مثل هذه التعريفات الجمركية من شأنها تصحيح اختلالات التوازن التجارى وتشجيع الشركات على إعادة الوظائف إلى الولايات المتحدة. وهو يلقى باللوم على دول مثل الصين والهند والبرازيل لاستغلال العمال الأمريكيين، وأعرب عن رغبته فى الرد على ما يسميه "ممارسات تجارية غير عادلة".

رغم تحذيرات خبراء الاقتصاد من أن مثل هذه التعريفات الجمركية قد تؤدى إلى ارتفاع الأسعار والتضخم، يظل ترامب مصرا على أن هذه السياسات ستكون فى مصلحة العمال الأمريكيين وتساعد فى استعادة الاقتصاد الأمريكى قوته السابقة.

إن سيطرة ترامب على وزارة العدل تشكل جوهر رؤيته لرئاسة متمكنة. فى الوقت الذى يواجه فيه معارك قانونية مستمرة، بما فى ذلك التهم المتعلقة بتمرد السادس من يناير وجهوده لقلب انتخابات ٢٠٢٠، أوضح ترامب أنه سيستخدم الرئاسة للتدخل فى هذه المسائل القانونية. حتى أنه ذهب إلى حد اقتراح إقالة المستشار الخاص جاك سميث، الذى يحقق فى أفعاله المحيطة بانتخابات ٢٠٢٠.

فى ولايته الثانية، تعهد ترامب بملاحقة خصومه السياسيين قانونيًا، وخاصة الرئيس جو بايدن وعائلته. وبينما أشار فى البداية إلى تردده فى مقاضاة بايدن، إلا أنه عكس مساره لاحقًا، مدعيًا أن جرائم بايدن المزعومة ستؤدى إلى مقاضاته. تثير هذه التعليقات مخاوف بشأن التسييس المحتمل لوزارة العدل فى ظل إدارة ترامب الثانية.

تعكس أجندة "اليوم الأول" لدونالد ترامب رغبته الثابتة فى إعادة تشكيل الحكم الأمريكي، واستهداف الهجرة، والبيروقراطية الحكومية، والسياسة الضريبية، والعلاقات التجارية. ورغم أن مقترحاته حظيت بدعم كبير من الناخبين المحافظين، فإنها تثير أيضا مخاوف جدية بشأن مستقبل الديمقراطية الأمريكية، والاستقلال المؤسسي، والعلاقات الدولية.

لا شك أن تنفيذ مثل هذه الأجندة المتطرفة من شأنه أن يؤدى إلى معارك سياسية شرسة، سواء على المستوى المحلى أو الدولي. وما زال من غير الواضح ما إذا كان ترامب سينجح فى تنفيذ هذه المقترحات إذا عاد إلى منصبه، ولكن هناك شيئا واحدا واضحا: وهو أن ولايته الثانية ستكون مثيرة للجدال والخلاف مثل ولايته الأولى.
 

أخبار متعلقة :