في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية والسياسية في المنطقة، تتوجه أنظار العالم مجدداً نحو العاصمة السعودية الرياض، حيث تستضيف يوم الاثنين "قمة المتابعة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية".
وتأتي هذه القمة استكمالاً لجهود العام الماضي، لتقييم مخرجات القمة السابقة ومواجهة التحديات الراهنة، خصوصاً استمرار العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية ولبنان.
قمة المتابعة لبحث التصعيد الإسرائيلي في غزة ولبنان
بعد مرور عام على انعقاد القمة العربية الإسلامية المشتركة في 11 نوفمبر 2023، تستضيف الرياض يوم الاثنين قمة المتابعة، التي تهدف إلى تقييم نتائج القمة السابقة ومتابعة الجهود الرامية لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان. ووفقاً للبيان السعودي، ستناقش القمة التطورات المتسارعة في المنطقة، بما يشمل الحرب في لبنان، وسط حضور عدد من القادة العرب والمسلمين استجابة لدعوات المملكة.
وتأتي القمة في وقت تتسع فيه رقعة الحرب وتزداد المأساة الإنسانية. فقد تجاوز عدد الضحايا في غزة أكثر من 43 ألف قتيل، وأكثر من 100 ألف جريح، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية. وفي لبنان، بلغت حصيلة القتلى أكثر من 3 آلاف، فيما تجاوز عدد الجرحى 13 ألفاً، وفق إحصاءات وزارة الصحة اللبنانية.
وأشاد حسين الشيخ، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بالدور الريادي الذي تلعبه السعودية، مثمناً دعوتها لعقد قمة المتابعة. وأكد أن القمة تمثل فرصة لإصدار قرارات تتجاوز الشجب والاستنكار، مشيراً إلى الجهود السعودية في قيادة اللجنة المنبثقة عن القمة السابقة لتعزيز الضغط الدولي ومحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها.
وأضاف الشيخ أن التحركات الدبلوماسية السعودية شملت اجتماعات مؤثرة، منها اجتماع "التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين" في الرياض الأسبوع الماضي، مما يعكس التزام المملكة بالقضية الفلسطينية.
وصرّح جمال رشدي، المتحدث باسم أمين عام جامعة الدول العربية، بأن القمة توفر فرصة مهمة لمراجعة المواقف العربية والإسلامية وآليات دعم الشعبين الفلسطيني واللبناني. وأكد أن الجهود المطلوبة كبيرة بالنظر إلى استمرار الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ مخططاته، ما يستدعي ضغطاً دولياً أكبر لتحقيق السلام.
وأشار رشدي إلى الدور المحوري الذي لعبته السعودية خلال العام الماضي، معبراً عن تطلعاته لتكثيف هذه الجهود بناءً على نتائج القمة المقبلة.
وأكد عدنان أبو حسنة، المستشار الإعلامي لوكالة "الأونروا"، أن الوكالة تولي أهمية كبيرة لمشاركة مفوضها العام فيليب لازاريني في القمة. وأشاد بالدعم السعودي الكبير للوكالة، والذي تجاوز مليار دولار خلال السنوات الماضية، مؤكداً أن استمرار دعم "الأونروا" يعزز الاستقرار الدولي والإقليمي.
قرارات حاسمة من قمة نوفمبر 2023
كانت القمة التي انعقدت في نوفمبر 2023 قد أصدرت سلسلة قرارات هامة، أبرزها:
- كسر الحصار عن غزة وفرض إدخال المساعدات الإنسانية.
- مطالبة مجلس الأمن بإصدار قرار ملزم لوقف العدوان.
- حظر تصدير الأسلحة إلى سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
- دعوة المحكمة الجنائية الدولية إلى استكمال التحقيق في جرائم الحرب المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني.
- تكليف لجنة وزارية بتنظيم تحرك دولي لوقف الحرب وإطلاق عملية سياسية لتحقيق السلام.
- الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي للسلام.
وتمثل قمة المتابعة العربية الإسلامية في الرياض فرصة جديدة لتعزيز الجهود الدولية لإيقاف التصعيد وتحقيق السلام. وتُعقد الآمال على أن تصدر القمة قرارات عملية تدعم الشعبين الفلسطيني واللبناني، وتواصل الرياض دورها القيادي في دعم القضايا العربية والإسلامية.
من جانبه، أكد الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أن القمة العربية الإسلامية في الرياض تأتي في سياق تطورات هامة تشهدها المنطقة والعالم. وأشار إلى أن المجموعة العربية والإسلامية تسعى لإحياء حل الدولتين ووضع آليات لتنفيذه، رغم العراقيل التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي، الذي يتبنى موقفاً متشدداً يمنع قيام دولة فلسطينية ويواصل عدوانه على الشعبين الفلسطيني واللبناني.
وأضاف في تصريحات لـ “صدى البلد” أن القمة تُعقد في ظروف معقدة، حيث تتصدر أولوياتها الحرب في غزة ولبنان، في ظل وعود الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب بتوسيع دولة إسرائيل ودعمه لما يُعرف بـ"السلام الإبراهيمي". وأكد أن المملكة العربية السعودية تلتزم بموقفها الرافض للتطبيع مع إسرائيل إلا بعد قيام الدولة الفلسطينية، وهو موقف يعكس الالتزام بالمبادرة العربية للسلام التي أُقرت في قمة بيروت عام 2001.
ودعا الرقب إلى ضرورة مراجعة الاتفاقيات السابقة وتعزيز الوحدة العربية عبر استخدام أوراق ضغط اقتصادية، مثل التلويح بسلاح النفط أو فرض قيود على العلاقات مع الدول الداعمة لإسرائيل. كما شدد على أهمية توفير دعم مالي للفلسطينيين لمواجهة قرصنة الاحتلال على أموالهم، ومواصلة الضغط السياسي على إسرائيل.
واختتم بدعوة إلى تشكيل لجنة عربية لتحقيق المصالحة الفلسطينية ووضع آليات للتعامل مع تداعيات الحرب في غزة. وأكد على ضرورة تدخل جامعة الدول العربية لوضع خطوات عملية تُنهي حالة الانقسام الفلسطيني وتعزز وحدة الموقف العربي في مواجهة الاحتلال.
أخبار متعلقة :