كان الليل قد حلَّ بظلامه الدامس وقد تجاوزت الساعة الواحدة والربع بعد منتصف الليل في بداية اليوم الجمعة، في قلب مدينة الشيخ زايد، حيث يعم الهدوء والسكينة، استعد "عبد الرحمن فراج" لآخر مهامه اليومية، كان شابًا في الرابعة والعشرين من عمره، يعمل كعامل دليفري، جُل اهتمامه كان منصبًا على استكمال طلباته اليومية ليتمكن من تأمين احتياجاته وأحلامه، حلمه الكبير كان في الزواج من خطيبته والتي أصبح اليوم على بعد خطوة واحدة من إتمام الزواج منها.
الأوردر الأخير
بعد أن أنهى عمله في توصيل طلبات الطعام، استقل دراجته النارية متوجهًا إلى كمبوند زايد 2000 لتسليم آخر طلب قبل أن يعود إلى منزله، كان يعرف أن هذه الليلة ستكون بداية جديدة له، فبعد أن أكمل المهمة، سيذهب للراحة، ثم يستعد لحفل زفافه الذي طالما حلم به، لكن القدر كان في انتظار لحظة مأساوية تغير فيها كل شيء.
سيارة ودراجة علي الطريق
وفي تلك اللحظات التي كان يقطع فيها الشارع بدراجته النارية لينهي عمله، كان "ع"، ابن الشيف الشهير الذي يعمل في أحد المطاعم الكبرى، يسرع بسيارته الفارهة من طراز "رينج روفر" على نفس الطريق، ابن الشيف الشاب، الذي لا يتجاوز عمره 26 عامًا، كان يقود سيارته بسرعة كبيرة، غير مكترث بأي قواعد مرور أو إشارة ضوء مستغلا خلو الشارع من المارة في ذلك الوقت المتأخر.
دهس عامل دليفري
وفي لحظة مأساوية، تلاقت سيارة ابن الشيف مع دراجة "عبد الرحمن" الذي كان يقطع الطريق بسرعة، ليتسبب في دهسه تحت عجلات السيارة الثقيلة، أصيب "عبد الرحمن" بجروح بالغة، وتم سحبه لمسافة تزيد عن عشرة أمتار قبل أن يسقط أرضًا غارقًا في دمائه.
عريس الجنة
بينما كان ابن الشيف يهرب بسرعة إلى داخل المنتجع السكني، كان الصراخ في الشارع يملأ الأجواء، تجمع عدد من المارة الذين حاولوا مساعدته، لكنهم فشلوا في إنقاذه، كان الصوت الذي يتردد في المكان هو صوت والدته التي كانت قد وصلت للتو من بني سويف، تلك البلدة البعيدة التي كان قد تركها ابنها ليلحق بأحلامه في المدينة.
الدموع كانت تملأ عينيها، كلماتها كانت تصطدم بواقع مأساوي لا يمكن تصديقه مطالبة بحق ابنها الذي كان بجهز لعرسه قريبا ولبس الكفن بدل من بدلة الزفاف، حيث طلب من مديره اجازة زفاف ووافق له صاحب العمل علي الاجازة ولكنه خرج لتقديم الأوردر الأخير.
بينما كانت الشرطة تقوم بإجراءات التحقيق في الموقع، كان الشيف الشهير، والد المتهم قد وصل إلى مكان الحادث بعد دقائق قليلة من وقوعه، حاول الشيف أن يرفع السيارة بواسطة ونش لإبعادها عن الجثة، لكن تدخل زملاء العامل في الوقت المناسب حال دون تحريك السيارة لحين وصول الشرطة والتي جاءت علي الفور وبدأت النيابة العامة مباشرة التحقيقات.
في تلك الاثناء كان الحزن قد غمر أسرة عبد الرحمن في بني سويف، والده كان قد فقد ابنه الذي لم يكمل بعد حياته الصغيرة، أما والدته فانهارت من الصدمة، كانت مشاعرها تتضارب، ولا تستطيع استيعاب الواقع، كيف لابنها البريء الذي كان يحلم بالزواج أن يصبح جثة هامدة أمام اعينها؟
الحادث ترك أثرا عميقا في قلوب كل من عرف عبد الرحمن، كانت الصور تتوالى أمام خطيبته العروسه التي كانت تنتظر بفارغ الصبر أن تبدأ حياة جديدة مع شريكها الذي لقي مصرعه دهسا أسفل عجلات ابن الشيف، فلم تصدق الخبر، وكان وقع الصدمة كالصاعقة التي ضربت قلبها، لتجد نفسها بعد ساعات قليلة ترتدي ثوب الحزن بدلاً من فستان الزفاف.
وفي سياق متصل أمرت النيابة العامة بالشيخ زايد بإعداد تقرير واف عن كيفية وأسباب الوفاة وصرحت بالدفن عقب بيان الصفة التشريحية لها وتسليم الجثمان لذويه لإستكمال إجراء الدفن، كما أمرت النيابة العامة بضبط وإحضار المتهم ونفاذا لقرار النيابة العامة قامت قوة أمنية بضبط المتهم، واستدعت النيابة والد المتهم وشهود العيان علي الواقعة لسماع أقوالهم، ولا تزال التحقيقات مستمرة.
أخبار متعلقة :