قالت الإعلامية داليا عبد الرحيم، رئيس تحرير جريدة البوابة، ومساعد رئيس قطاع القنوات الإخبارية بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لملف الإسلام السياسي، إنه مر أكثر من 13 عامًا على اندلاع الصراع في سوريا، إلا أن التطورات الأخيرة شمال غربي البلاد تُنذر بمرحلة جديدة قد تُعيد تشكيل معالم الحرب التي أنهكت السوريين وأثقلت كاهل المنطقة، وفي الأيام القليلة الماضية شهدنا تصعيدًا غير مسبوق تمثل في هجوم واسع شنّته فصائل مسلحة بقيادة "هيئة تحرير الشام" على القوات الحكومية السورية، مما أدى إلى سقوط مئات القتلى والجرحى من الجانبين، بالإضافة إلى المدنيين، ودخول هذه الفصائل إلى مناطق حساسة، أبرزها مدينة حلب.
وأضافت “عبدالرحيم”، خلال برنامج "الضفة الأخرى"، المذاع عبر فضائية "القاهرة الإخبارية"، أن هذا التصعيد النوعي لم يأتِ بشكل عشوائي؛ إذ أشارت تقارير ميدانية إلى استخدام الفصائل المسلحة لطائرات مسيّرة متطورة، بالإضافة إلى أسلحة دقيقة، ما ساهم في تحقيق تقدم سريع وغير متوقع، وهذه الأسلحة المتطورة فتحت باب التساؤلات حول مصادر التمويل والتدريب، خاصة مع تأكيد مصادر إعلامية ومراقبين دوليين على تلقي تلك الفصائل دعمًا خارجيًا في الأسابيع التي سبقت الهجوم، ولكن ما الذي يعنيه هذا التحول الجديد؟، وهل نحن أمام تغيير في قواعد اللعبة العسكرية على الأرض السورية؟، وهل تكشف هذه المعركة عن أدوار جديدة للقوى الإقليمية والدولية في إدارة الصراع السوري؟، أم أن الأمر يمثل محاولة لإعادة ترتيب أوراق النزاع بما يخدم مصالح أطراف بعينها؟.
وأوضحت أنه مع هذه التطورات المتسارعة يُبرز خطرًا جديدًا يتمثل في تنامي الجماعات المتطرفة، وعلى رأسها تنظيم "داعش"، الذي يسعى لاستغلال الفوضى الأمنية والسياسية لإعادة بناء نفوذه في المنطقة، وتشير التقارير إلى أن مثل هذه الهجمات الكبيرة والهزات الميدانية قد تفتح المجال أمام هذه الجماعات لتجنيد المزيد من العناصر، وتنفيذ عمليات إرهابية جديدة، مما يُنذر بتداعيات كارثية على استقرار سوريا والمنطقة ككل، ومن جانب آخر تأتي هذه الأحداث في وقت حساس تشهد فيه سوريا أزمات متعددة اقتصادية وإنسانية وسياسية، تُضعف من قدرة الدولة السورية على احتواء تداعيات هذا التصعيد. فهل يعكس هذا الهجوم استراتيجية مدروسة تهدف إلى استنزاف دمشق؟، أم أنه جزء من تحركات أوسع لفرض واقع ميداني جديد على الأرض؟.
وأشارت إلى أنه منذ أكثر من عقد من الزمن برزت هيئة تحرير الشام كواحدة من أبرز الجماعات المتطرفة في المشهد السوري، متحولة من مجرد فصيل صغير إلى قوة مسيطرة في شمال البلاد، وتأسست عام 2012 تحت اسم “جبهة النصرة”، وارتبطت بتنظيم القاعدة قبل أن تغير اسمها وهويتها عدة مرات، في محاولات للتكيف مع المتغيرات الميدانية والسياسية.
واستعرضت أبرز المحطات في تاريخ هذه الجماعة، من عملياتها الانتحارية الأولى إلى تأسيس حكومة إنقاذ تدير المناطق التي تسيطر عليها، وصولًا إلى دور قائدها "أبو محمد الجولاني"، الذي تحول إلى أحد أكثر الشخصيات المثيرة للجدل في المنطقةن موضحة التحولات الكبرى التي مرت بها هيئة تحرير الشام، والتي انتقلت من مجرد فصيل مسلح إلى قوة رئيسية تسيطر على مناطق واسعة شمال سوريا، ومع السيطرة الأخيرة على مدينة حلب، تثبت الهيئة أنها لا تزال لاعبًا رئيسيًا في الصراع السوري، مستفيدة من الفوضى الإقليمية والتراجع الدولي في مواجهة الجماعات المتطرفة، وهذه التطورات تُسلط الضوء على قدرة الهيئة على التكيف مع المتغيرات، سواء من خلال تغيير أسمائها أو هيكلها التنظيمي، مما يجعلها تحديًا متجددًا للأمن والاستقرار، واليوم تقف هيئة تحرير الشام أمام مرحلة جديدة، حيث تتعاظم مخاوف المجتمع الدولي من أن تُعيد السيناريو الذي عاشته المنطقة مع صعود تنظيم داعش في 2014، ومع استمرار الصراعات في سوريا وانشغال القوى الكبرى بأزمات أخرى تبدو الفرصة مهيأة لهذه الجماعة لتعزيز نفوذها وفرض أجندتها، مما يستدعي استجابة دولية وإقليمية عاجلة لاحتواء الخطر قبل تفاقمه.
وأكدت أنه بعد عشر سنوات من صعود داعش وسيطرته على الموصل والرقة عام 2014، الآن في نوفمبر 2024 المشهد يتكرر والأدوات والأفكار واحدة، وهو ما يثير الكثير من التساؤلات، وسنلقي الضوء على أوجه التشابه بين هذه السيناريوهات المتطرفة، وكيف استغلت هذه الجماعات الفوضى التي خلفتها الحرب الإسرائيلية الأخيرة لتحقيق مكاسب جديدة على الأرض، وسط انشغال دولي وإقليمي بتوابع هذه الحروب، وهل نحن أمام نسخة جديدة من صعود الجماعات الإرهابية في المنطقة؟، وما هي التحديات التي تنتظرنا في مواجهة هذا الخطر الداهم الذي لطالما حذرنا منه في الضفة الأخرى.
وعرضت الإعلامية داليا عبد الرحيم، تقريرًا بعنوان “دلالات سيطرة جبهة النصرة على حلب”، موضحة أن هذا التقرير يضع إصبعنا على جرح مفتوح في الصراع السوري والإقليمي، حيث تتكرر مشاهد سيطرة الجماعات المتطرفة على المدن الكبرى، في سيناريو يعكس عجزًا دوليًا وإقليميًا عن التصدي لهذه التحولات الخطيرة، وسيطرة هيئة تحرير الشام على حلب تعيد للأذهان صعود داعش قبل عقد من الزمن، وهو ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول أسباب هذا التكرار، والدور الذي لعبته الفوضى الإقليمية الأخيرة، خاصة تلك الناتجة عن الحرب الإسرائيلية، في توفير بيئة خصبة لهذه التنظيمات.
واختتمت: الأمر الأكثر إثارة للقلق هو الصمت الدولي أمام هذه التحولات، مما يُثير شكوكًا حول وجود أجندات خفية أو ضعف الإرادة السياسية لمواجهة هذه الجماعات، وبينما ينشغل العالم بتوابع الصراعات في أماكن أخرى، يبدو أن الجماعات المتطرفة تستفيد من هذا الفراغ لتوسيع نفوذها، ما يجعل الحاجة ملحة لتكاتف الجهود الدولية والإقليمية قبل أن تتحول سوريا مجددًا إلى نقطة انطلاق لتهديد أوسع يستهدف أمن واستقرار المنطقة والعالم.. والاتصالات الاقليمية التي بدأت أمس.. ومن أهمها الاتصال الهاتفي بين وزير الخارجية المصري ونظيره السوري قد تكون نقطة انطلاق لجهود دولية نحو عودة الاستقرار للشعب السوري.
وبدوره قال اللواء أركان حرب الدكتور إبراهيم عثمان، الخبير الإستراتيجي ونائب أمين عام مجلس الدفاع الوطني المصري سابقًا، إن الوضع الحاي في سوريا يؤثر ببصورة مباشرة على الدول المجاورة لسورية، وبصورة غير مباشرة على زيادة التطرف والإرهاب.
وأضاف "عثمان"، خلال حواره مع الإعلامية داليا عبد الرحيم، ببرنامج "الضفة الأخرى"، المذاع على فضائية "القاهرة الإخبارية"، أن سيطرة “جبهة النصرة” على العديد من المناطق في سوريا خلال الأيام الأخيرة حدثت نتيجة الكثير من المتغيرات في المنطقة، موضحًا أن سوريا منذ 2011 تُقاتل وتقسمت، ويتواجد على أرضها قوات فرنسية وأمريكية وبريطانية وتركية، بالإضافة لقوات سوريا الديمقراطية، وبعض الفصائل المسلحة التي تُسيطر على الشرق، بالإضافة إلى أن القوات التركية تُسيطر على أكثر من 700 كيلو في الحدود الشمالية تخوفًا من القوات الكردية.
وأوضح أن القوات الروسية موجودة في سوريا، حيث تمتلك موسكو قواعد عسكرية في دمشق، خاصة وأن موسكو تعتبر روسيا منفذها الوحيد على البحر المتوسط، بالإضافة إلى القوات الإيرانية وقوات أخرى من حزب الله، مشيرًا إلى أن سوريا تحتوي على العديد من الجماعات المسلحة مثل "جبهة تحرير الشام" التي ما زالت موجودة حتى الآن، واستطاعت أن تصمد خلال السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى الجيش السوري الحر الذي انضم لجبهة تحرير الشام.
وأكد أن التدخل الروسي في 2017 أدى لوقف توسع جبهة تحرير الشام، مؤكدًا أن الجيش السوري يتواجد في وسط سوريا، ويسيطر على ما يقرب من ثلثي سوريا، مشيرًا إلى أن الجماعات المسلحة خلال الخمس أيام الأخيرة بقيادة جبهة تحرير الشام وجيش سوريا الحر استطاعت أن تُسيطر على محافظة إدلب، ثم السيطرة على 80% من حلب، ثم 14 قرية في حماة، ومن ثم انتقلت هذه القوات إلى مشارف محافظة حمص.
ولفت إلى أن القوات السورية والروسية والإيرانية انسحبت سريعًا أمام الجماعات المسلحة بصورة مفاجئة، وهذا قد يرجع إلى أن الجيش السوري متهالك بسبب انشغاله في الحرب منذ 13 عامًا، خلاف أن الأسلحة تكاد تكون ضعيفةن موضحًا أن سوريا نفذت هجومًا مضادًا للجماعات المسلحة وأعادت السيطرة على عدة قرى في محافظة حماة، مشيرًا إلى أن روسيا أعلنت عن دعم الجيش السوري ببعض المعدات خلال 72 ساعة.
ونوه بأن إيران سحبت بعض القوات من سوريا خلال الفترة الأخيرة، بسبب المتغيرات الأخيرة في الشرق الأوسط، وهذا ساهم في فراغ كبير، خاصة مع ضعف الجيش السوري، موضحًا أن المتغيرات الأخيرة في سوريا تؤثر سلبًا على حزب الله، لأنه في موقف ضعف في لبنان، مشيرًا إلى أن قوات حزب الله المتواجدة في سوريا ضعيفة بصورة كبيرة خلال الفترة الحالية، ولا توجد تقديرات كافية لهذه القوات.
وأشار إلى أن الجماعات المسلحة مثل "هيئة تحرير الشام" تمتلك مسيرات حديثة، وهذا يدل على وجود دعم خارجي لجبهة تحرير الشام، مشيرًا إلى أن الغرب قد يكون وراء هذا الدعم من أجل إضعاف سوريا بعد إضعاف حزب الله، مؤكدًا أن التواجد الروسي في سوريا يُقلق القوات الأمريكية، وما يحدث في سوريا من توسع للجماعات المسلحة ضد الجيش السوري قد يكون حربًا بالوكالة من أجل تقسيم سوريا.
ولفت إلى أن جبهة تحرير الشام والجماعات المسحلة عبارة عن جماعات إرهابية، لأن هذه الجماعات تحمل السلاح ضد الحكم في دمشق، موضحًا أن المجتمع الدولي حاول التدخل في الأزمة السورية أكثر من مرة، حيث أصدر مجلس الأمن أمرًا بإجراء انتخابات سياسية لانتخاب قيادة سياسية جديدة، ولكن هذا الأمر لم يُنفذ حتى الآن، موضحًا أن بعض الدول تدعم الدولة السورية ضد الهجمات الإرهابية، وبعض الدول تدعم هذه الجماعات المسلحة ضد الجيش السوري، وهذا يعكس الانقسام الإقليمي حول الأزمة السورية.
واستطرد أن هناك معلومات تتحدث عن أن الولايات المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي هما المحرك الأساسي والرئيسي لجبهة تحرير الشام التي تُحارب الجيش السوري، ولكن الولايات المتحدة الأمريكية نفت هذا الأمر رغم أن ما يحدث يخدم الأهداف الأمريكية، مؤكدًا أن الدول العربية من الضوري أن تدعم الدولة السورية والجيش السوري ضد هجمات الجماعات المتطرفة، لأن سيطرة هذه الجماعات على المزيد من المدن قد يُساهم في زيادة التطرف في المنطقة، وهذا بمثابة قنبلة موقوته في الشرق الأوسط.
وأوضح أن العمليات الإرهابية الأخيرة في سوريا قد تُزيد من عمليات النزوح من سوريا خلال الأيام المقبلة، مشيرًا إلى أن عمليات النزوح ستتجه إلى تركيا والعراق والأردن، مشيرًا إلى أن الحل السياسي لما يحدث في سوريا لن يكون إلا من خلال الدعم العربي لمساندة الجيش السوري والرئيس بشار الأسد لاستكمال القضاء على هذه العناصر، واستكمال السيطرة على كامل الأراضي السورية، ومن ثم إعداد مبادرة سلام لخروج القوات الأجنبية من سوريا.
واختتم أن خروج القوات الأجنبية من سوريا لن يحدث بين يومًا وليلة، ولكن هذا الأمر قد يستغرق عدة سنوات، وهذا الأمر إذا لم يحدث فقد تتحول سوريا إلى بؤرة ملتهبة تؤثر على الشرق الأوسط.
وقال منير أديب، الخبير في حركات الإسلام السياسي، إن هناك مجموعة من التنظيمات المتطرفة سيطرت على حلب السورية، وفي مقدمة هذه التنظيمات جبهة تحرير الشام.
وأضاف "أديب"، خلال حواره مع الإعلامية داليا عبد الرحيم، ببرنامج "الضفة الأخرى"، المذاع على فضائية "القاهرة الإخبارية"، أن هذه التنظيمات متطرفة، لأنها ذات خلفية إسلامية، بالإضافة إلى علاقة هذه الجماعات بالقاعدة وداعش.
وأوضح أن جبهة تحرير الشام هي صاحبة القرار الآن فيما يحدث في سوريا من هجمات ضد الجيش والدولة، مشيرًا إلى أن سيطرة هذه الجماعات على مدينة حلب وبعض المدن السورية يرجع إلى عدة أسباب منها حالة الفوضى التي حدثت بسبب الحرب في لبنان وقطاع غزة.
وأشار إلى أن الخطر ليس في سيطرة الجماعات المتطرفة على مدينة حلب السورية، ولكن فيما قد يحدث خلال الفترة المقبلةن موضحًا أن الجماعات المتطرفة ستنشط خلال الفترة المقبلة مع سيطرة جبهة تحرير الشام على العديد من المدن السورية، وعلى المجتمع الدول ألا يتأخر في مواجهة هذه الجماعات مثلما حدث مع داعش سابقًا.
واختتم بأن ما يحدث الآن في سوريا من صراعات هو نتيجة لما حدث من حروب في المنطقة خلال الفترة الأخيرة، مشيرًا إلى أن استمرار الصراع قد يشعل المنطقة.
أخبار متعلقة :