الإثنين 02 ديسمبر 2024
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
سياسة
تهريب البشر والجريمة المنظمة فى جنوب ليبيا تنذر بكارثة إنسانية
في حادثة هزت مدينة سبها جنوب ليبيا، تمكنت الأجهزة الأمنية من اكتشاف جريمة بشعة تمثلت في قتل مهاجرين غير شرعيين على يد عصابات إجرامية، حيث تم العثور على جثث الضحايا في بئر صرف صحى "البئر السوداء"، وهو ما يضيف فصلًا مروعًا آخر إلى سلسلة الجرائم المرتكبة من قبل تلك العصابات التي تستغل المهاجرين في ليبيا.
تضاف هذه الحادثة إلى الواقع المؤلم الذى يعيشه المهاجرون غير الشرعيين في البلاد، الذين يواجهون مخاطر جسيمة على حياتهم بسبب عصابات تهريب البشر والجريمة المنظمة التي تنشط في الجنوب الليبي.
وتواصل الأجهزة الأمنية في ليبيا محاربة الجريمة المنظمة، وفى إطار هذه الجهود، تلقت إدارة إنفاذ القانون بالمنطقة الجنوبية التابعة للإدارة العامة للعمليات الأمنية، معلومات دقيقة تفيد بوجود وكر إجرامي في سبها، يضم شبكة واسعة من الأنشطة غير القانونية.
وتشير التحقيقات الأولية إلى أن هذا الوكر كان يضم مجموعة من العصابات التي تتاجر بالبشر والمخدرات وتهريب الوقود، بالإضافة إلى انخراطهم في تجارة الدعارة.
بعد تلقى هذه المعلومات، بادرت قوات الأمن بحملة مداهمة مشتركة مع كتيبة ١١ من اللواء طارق بن زياد، حيث تم اقتحام الوكر واعتقال عدد من الأفراد المتورطين.
وخلال التحقيقات الأولية، كشف أحد المعتقلين عن تفاصيل مروعة حول قتل المهاجرين غير الشرعيين.
أكد المعتقل أنه تم قتل مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين ورمى جثثهم في بئر صرف صحى نائية بناءً على أوامر من قادة ليبيين ينظمون عمليات التهريب والإتجار بالبشر في المنطقة.
حسب اعترافات المعتقل، فإن الضحايا كانوا من المهاجرين الذين وصلوا إلى ليبيا عبر شبكات تهريب البشر، وكانوا يعملون في ظروف قاسية ضمن هذه الشبكات.
وقد أكدت التحقيقات أن هذه العصابات كانت تتعامل مع المهاجرين كسلع رخيصة، حيث يتم التخلص منهم عندما يعجزون عن دفع المبالغ المطلوبة مقابل تهريبهم أو في حالة عدم وفائهم بشروط العمل القاسية المفروضة عليهم.
وأوضح المعتقل أن العصابة كانت تقوم بقتل الضحايا بشكل جماعي ورمي جثثهم في الآبار السوداء، وهى أماكن نائية يصعب الوصول إليها.
وقد أضافت التحقيقات أنه وفقًا لما أفاد به أحد المعتقلين، هناك جثث أخرى ما زالت في ذات البئر، مما يزيد من حجم الجريمة ويكشف عن الواقع المأساوي الذى يعيشه المهاجرون غير الشرعيين في ليبيا.
كما تم العثور على جثة أولى خلال عمليات البحث، وجرى عرضها على الطبيب الشرعي لتحديد سبب الوفاة وأخذ عينات من الحمض النووي للتأكد من هوية الضحية.
فيما يتعلق بالتحقيقات، فقد تم إشراك النيابة العامة في عملية تفقد الجثث واستخراجها من مكان الحادث، بحضور وكيل النيابة العامة وفريق من مكتب المباحث الجنائية في سبها.
وتعتبر هذه الحادثة جزءًا من صورة أكبر للمعاناة الإنسانية التي يواجهها المهاجرون في ليبيا، حيث إن العديد منهم يتعرضون للاستغلال من قبل عصابات التهريب، التي تقوم بجلبهم من دولهم الأصلية بتكلفة عالية، ليجدوا أنفسهم في نهاية المطاف ضحايا لعمليات قتل وحشية.
وتكمن المشكلة في ضعف التنسيق بين الأجهزة الأمنية، وغياب الرقابة الفعالة على الحدود الجنوبية للبلاد.
وعلى الرغم من تلك التحديات، لا تزال النيابة العامة الليبية تبذل جهودًا كبيرة لكشف تفاصيل الجرائم التي ترتكبها هذه العصابات، حيث تعمل بالتعاون مع الأجهزة الأمنية المتخصصة في مكافحة الجريمة المنظمة.
ويُتوقع أن تتسارع وتيرة التحقيقات في الأيام المقبلة، لا سيما مع تأكيد هوية بعض الضحايا ووجود أدلة إضافية حول كيفية قتلهم.
ويرى مراقبون أن هذه الجريمة تظل بمثابة جرس إنذار يلفت الانتباه إلى الوضع المأساوي للمهاجرين غير الشرعيين في ليبيا، والتهديدات التي يواجهونها من العصابات الإجرامية المتورطة فى تهريب البشر والاتجار بأرواحهم.
كما، تواصل الأجهزة الأمنية في ليبيا جهودها لملاحقة هؤلاء المجرمين، فى وقت تبقى فيه التحديات الأمنية والاقتصادية في الجنوب الليبي عائقًا كبيرًا أمام تحقيق الأمن والاستقرار فى البلاد.
ومنذ اندلاع الصراع في ليبيا في عام ٢٠١١، شهدت البلاد تحولًا كبيرًا في المشهد الأمني والاجتماعي، حيث أدت حالة الفوضى السياسية والعسكرية إلى انتشار العصابات الإجرامية والميليشيات المسلحة التي تنشط في مختلف أنحاء البلاد، بما فى ذلك المناطق الجنوبية.
هذا الوضع الأمني المتدهور أسهم في تغذية جريمة تهريب البشر، الاتجار بالمخدرات، وتجارة الأسلحة، بالإضافة إلى انتشار الخلايا الإرهابية التي تستغل ضعف الدولة لتوسيع نفوذها في بعض المناطق.
وكانت مدينة سبها، مثل العديد من المدن الليبية، من بين الأماكن التي عانت بشكل كبير من هذا الانفلات الأمني، حيث أصبحت ملاذًا لعصابات تهريب البشر والوقود، إضافة إلى العناصر الإرهابية التي تسعى لتنفيذ أجنداتها في ظل غياب سلطة مركزية قوية.
أخبار متعلقة :