عادت مشكلة مدارس الوافدين السودانيين من جديد بعد أن زاد عدد المدارس غير المرخصة، التي لم توفق أوضاعها القانونية، في الوقت الذي سهَّلت فيه وزارة التربية والتعليم، للطلاب أبناء الوافدين السودانيين دخولَ المدارس الحكومية المصرية بشرط أن يسدد الطالب الوافد الذي يلتحق بمدرسة رسمية بنوعيها (عربي- لغات) عن كل سنة دراسية مبلغ (3000 جنيه)، فضلًا عن رسوم الخدمات والاشتراكات والأنشطة الطلابية طبقًا للقانون.
وتتولى إدارة الطلبة الوافدين سدادَ الرسوم الدراسية للطلاب المقيدين على منح دراسية بمدارس التعليم العام والرسمية وفصول تعليم اللغة العربية فقط، بخلاف مِنح الأزهر الشريف التي تقدَّم لها أكثر من خمسة آلاف طالب وسيتم إعلان النتائج قريبًا.
على جانب آخر تواصل وزارة التعليم الاتحادية بالسودان إرسال إفادات رسمية حول أوضاع المدارس السودانية المغلقة في مصر بقرار من الحكومة المصرية.
يحدث هذا في الوقت الذي تقوم فيه بعض المدارس باستغلال الطلاب السودانيين وزيادة أسعار الدروس الخصوصية حتى وصلتِ الحصة إلى ألف جنيه، وذلك كما أكد الوافد حمدي هنداوي قائلًا: إن المدارس الخاصة غيرالمقننة بدون ضوابط جعلتِ التعليم سوقًا من أسواق الربح والمرابحة بدون شروط ولا قيود، كما يجرى تعيين معلمين بدون مؤهلات ومدارس لا ترتقي للمواصفات القياسية في مصر أو في السودان.
ويشكو أيضًا محمود الواثق (وافد سوداني) من الطمع والجشع قائلًا: أستاذ في مدرسة بالهرم حدد مقابل الحصة بألف جنيه.. مشيرًا إلى وجود بعض النماذج السوية التي تقدِّر ظروف الوافدين.
وقال إن هذا الملف لم يتم تناولُه بالشكل الصحيح.. مشيرًا إلى أن هذه المدارس لم تطبق حتى لائحة تنظيم المدارس الخاصة خارج السودان الصادرة عن وزارة التربية والتعليم الاتحادية في العام ١٩٩٦م وتم تعديلها عدة مرات في عام ٢٠٠٤ والعام ٢٠١٥م وأخيرًا في العام ٢٠١٧م، ونصَّت بشكل واضح على ضرورة حصول أي جهة ترغب في افتتاح مدرسة خاصة خارج السودان على تصديق مبدئي من وزارة التربية والتعليم الاتحادية، ويرسَل هذا التصديق عبر وزارة الخارجية وسفارة السودان في الدولة المعنية لمخاطبة وزارة التربية في هذه الدولة للحصول على اعتماد هذا التصديق المبدئي، ثم يعود الملف مرة أخرى لوزارة التربية السودانية لإصدار التصديق النهائي المشروط بقيام المدرسة الخاصة بإكمال الإجراءات الإدارية والفنية لدى دولة المقر لافتتاح المدرسة وخضوعها للإشراف الإداري والفنى.
موضحًا أن المدارس السودانية فى مصر لم تلتزم بالشروط القانونية، والآن تضخمتِ المشكلة مع وجود آلاف الطلاب الوافدين بمصر.. مضيفًا: بكل أسف هذه الظاهرة كانت موجودة في ولاية الخرطوم، وتم نقل التجربة بكل سوءاتها لمصر.
ويقول إبراهيم فرح (تاجر سوداني مقيم في مصر منذ سنة): لا توجد دولة في العالم تسمح بإقامة أي نشاط تعليمي عندها دون تصديق قانوني، فيجب ألا نلقي باللوم على الشقيقة مصر وإنما اللوم يقع علينا نحن السودانيين وبالتحديد ثلاث جهات هي: وزارة التربية والتعليم والخارجية والسفارة لتعقيدهم المشكلة بالتقصير في المتابعة والرقابة.
ويرى إبراهيم فرح أن الحل في اعتماد عدد محدد من المدارس تتوفر لها موارد مالية وبشرية دون إرهاق أولياء الأمور بالمصروفات العالية، والسماح للمدارس التي عليها التزامات مالية بالعمل كمراكز تعليمية تحت إشراف المدارس المحددة سابقًا لمدة عام واحد، وإلزام جميع المدارس بمراعاة القوانين والضوابط التي تنظم التعليم في كل من مصر والسودان، وإغلاق المدارس التي لم توفق أوضاعها القانونية كي يتم حصر المشكلات بدقة.
كانتِ الحكومة المصرية قد حددتِ العام الماضي ثمانية شروط لتقنين أوضاع المدارس المغلقة، منها: إفادة للملحقية الثقافية بالسفارة السودانية، موافقة من وزارتَي التعليم والخارجية السودانيتين، موافقة الخارجية المصرية، وتوفير مقر للمدرسة يفي بجميع الجوانب التعليمية، مصحوبًا برسم تخطيطي لهيكل المدرسة، وإرفاق بيانات مالك المدرسة، بطلب منه للمستشارية الثقافية بالسفارة السودانية، وملف كامل عن المراحل التعليمية، وعدد الطلاب المقرر تسجيلهم بالمدرسة.
مسعد شندي (عضو الملتقى المصري السوداني لرجال الأعمال) يقول: لقد طالبنا بحل مشكلة المدارس المغلقة، وتوقُّف الدراسة منذ ثلاثة أشهر واستئناف العام الدراسي الحالي، والعمل على دمج المدارس السودانية المتشابهة، وقد علمنا أن السفارة السودانية تراجع ملف المدارس المغلقة وتبحث عن آلية لاستئناف الدراسة للطلاب السودانيين بعد أن تم اعتماد 37 مدرسة قامت بتقنين أوضاعها، وستقدم للحكومة المصرية.. مشيرًا إلى أن مصر تقدم كل مساعدة ممكنة في مسار العلاقات المصرية- السودانية طوال الوقت، وسبق ووافقتِ السلطات المصرية على إجراء امتحانات الشهادة المتوسطة (الإعدادية) للطلاب السودانيين، في مراكز تم تخصيصُها في عدد من المحافظات، بالقاهرة والإسكندرية وأسوان، واقترحت على السلطات السودانية قبل الحرب، أن تستضيف مدارس مصرية المدارس السودانية بعد نهاية اليوم الدراسي، أي في فترة ما بعد الظهيرة، وهو ما رفضته السلطات السودانية، بحجة أن ذلك التوقيت ليس مناسبًا للدراسة والتعلّم.
ومؤخرًا اتجه بعض المدارس إلى الاستضافة، واستأجرت جزءًا من مقار مدارس مصرية، لضمان استمراريتها ولذلك تعمل بعض المدارس بنظام الدراسة - أون لاين عن بُعد - وقد سمحت حكومة مصر بفترة سماح ومهلة لتوفيق الأوضاع بالنسبة للمدارس لمدة عام كامل بشرط عدم وجود مخالفات صريحة من ضمنها المدارس في عمارات سكنية أو وجود شكاوى من السكان كما حدث بالهرم وفيصل حيث تحرص مصر على وجود مدرسة مؤهلة تمامًا للعملية التعليمية.
جدير بالذكر أن قانون توفيق الأوضاع الذي صدر منذ عام يشمل العديد من المدارس التي طالها القرار بين مدارس خاصة، أسسها سودانيون كأفرع لمدارس قائمة في السودان، ومدارس أخرى جديدة كليًّا، فيما يبلغ عدد المدارس السودانية الحاصلة على تراخيص عمل بالقاهرة 21 مدرسة و22 مدرسة معتمدة بالإسكندرية (تراخيص 2024)، مما أدى لزيادة عدد طلاب مراكز الدروس الخصوصية وشهدت ارتفاعًا بنسبة تجاوزت 80%، فضلًا عن وجود المئات من الطلاب في قوائم الانتظار، ينتظرون توفيق أوضاعهم مع مفوضية شؤون اللاجئين في مصر، بسبب اعتماد هذه المراكز بنسبة كبيرة على بعض المعونات والمِنح التي تقدمها المفوضية. كما أن الزيادة وصلت إلى نحو 90% في 200 مؤسسة تعليمية، فيما لا يزال هناك أكثر من 10 آلاف طالب في قوائم الانتظار.
بينما يوجد 12 ألف طالب سوداني مسجلين في المدارس الحكومية المصرية بخلاف عدد طلاب الأزهر، بحسب إحصائيات وزارة التربية والتعليم وعدد أوراق الامتحانات التي تأتي من السفارة السودانية بالقاهرة، وهي ليست مركزية، ويتم إجراؤها حسب كل ولاية.
أخبار متعلقة :