موقع بوابة المساء الاخباري

روبير الفارس يكتب: طه حسين فى المحكمة دفاعًا عن «ظهور الإسلام» المساء الاخباري ..

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

القضية تطلبت العودة للقوانين الفرنسية للاستدلال بها فى الحكم

من خلال الوثائق النادرة التى يمتلكها الكاتب الكبير إبراهيم عبدالعزيز، اكتشفنا قضية مجهولة حول  رواية «الوعد الحق» لعميد الأدب العربى د.طه حسين، والتى تحولت إلى فيلم سينمائى باسم «ظهور الإسلام».

وكشف إبراهيم عن مفاجآت عدة فى هذه القضية منها المفاجأة الأولى فكانت فى مطالبة طه حسين بموافقة الملك فاروق، حتى يوافق هو على تقديم قصته إلى السينما، وهو ما حدث فعلا.

أما المفاجأة الثانية فهى القضية التى رفعها طه حسين على مخرج الفيلم إبراهيم عز الدين، والتى فجرّت قضية الملكية الفكرية لأول مرة فى مصر، ما اقتضى العودة للقوانين الفرنسية للاستدلال بها فى الحكم، وهذه هى المفاجأة الثالثة.

 أما المفاجأة الرابعة فهى أن "فيلا رامتان" التى بناها طه حسين مقرًا أخيرًا لإقامته وأسرته بعد تنقلهم من شقة إلى أخرى، كانت تكاليفها من حصيلة أرباحه من هذه القضية التى رفعها على مخرج الفيلم.

أما المفاجأة الخامسة فكانت فى قطعة الأرض التى ابتناها، فكانت ملكًا لعميد المسرح العربى يوسف وهبي، والتى اشتراها منه عميد الأدب العربي.

أما المفاجأة السادسة والأهم فى قصة "الوعد الحق" وفى حياة طه حسين نفسه، فقد تمثلت فى هذه المفارقة المدهشة ذات الدلالات والمعاني: فإذا كان خصوم طه حسين قد أدخلوه المحكمة بسبب كتابه الأشهر "الشعر الجاهلي" الذى اتهموه بسببه بالكفر والإلحاد، فقد كان هو نفسه طه حسين الذى قدم للإسلام – الذى جردوه منه – أعظم خدمة بكتابه الآخر "الوعد الحق" الذى تحول إلى فيلم باسم "ظهور الإسلام الذى حقق نجاحًا مذهلًا فى العالمين العربى والإسلامي، والمفارقة المدهشة أيضًا أن إبراهيم عز الدين مخرج الفيلم كان يقدم نفسه لأول مرة إلى السينما، ورغم أن طه حسين كان متسامحًا – تشجيعًا للمخرج – إلى الدرجة التى وعده فيها بالتنازل عن كل حقوقه إذا فشل الفيلم، إلا أن المخرج الشاب لم يقابل المعروف بالمعروف، فقد كان يكفى أن يقترن اسمه المغمور باسم طه حسين صاحب الاسم الكبير والشهرة العريضة، ومع ذلك فقد استهواه النجاح – الذى كان طه حسين سببًا أصيلًا فى تحقيقه – فتنكر له حسين، وراح بكل جرأة يحسد عليها – يجرده من حقوقه المادية، بل والأدبية، ما اضطر طه حسين إلى أن يرفع قضية على المخرج المغرور الذى أنكر فضل المؤلف، وأراد أن يفوز وحده بغنيمة أرباح الفيلم.

أما المفاجأة السابعة فكانت فى مكتب المحاماة الذى أوكله طه حسين فى قضيته، فقد كان يضم إلى جانب اسم د.محمد زهير جرانة، اسم ألفونس الألفي، وهو المحامى – المسيحى – الذى تولى كتابة مذكرات الدفاع عن طه حسين فى قضيته الخاصة بفيلم ظهور الإسلام.

وقائع القضية

أما ملف قضية الفيلم الذى انفرد به الأستاذ إبراهيم فقد تضمن مذكرة الدفاع بمذكرته التى تتضمن أقوال الدكتور طه حسين باشا (مدّع) ضد الأستاذ إبراهيم عز الدين (مدّعى عليه)، وقد كتب المذكرة ألفونس الألفى المحامي، وقد جاء فيها:

تتلخص مذكرة المدعى عليه فى ثلاث ملاحظات تكشف تفاصيل القضية وأبعادها، فيما اعتبر محامى طه حسين أن دفاع الخصم قد كلف نفسه جهدًا كبيرًا وعناء مضنيًا، فى إثبات أشياء، لم يستطع أن يصنع فيها شيئًا لأن الحق الواضح لا يغيره الباطل مهما أطال وأسرف فى المقال.

وأول هذه الأشياء الثلاثة التى أراد المدعى عليه إثباتها ما زعم من أن فيلم "ظهور الإسلام" لم يؤخذ من كتاب "الوعد الحق"، وإنما أُخذ من كتب تاريخية كثيرة بعضها معاصر وبعضها قديم نوعًا ما، وقد سمى هذه الكتب بأسمائها، وذهب مذهبًا غريبًا فى إثبات ما ادعاه، فعمد إلى طائفة من الوقائع التى صورت فى الفيلم، وبيَن أنها موجودة فى هذه الكتب، وأن بعضها ليس موجودًا فى كتاب "الوعد الحق". وأول ما يلاحظ على هذا الادعاء أنه يناقض تمامًا ومن جميع الوجوه، إقرار المدعى عليه الكتابى الثابت فى الخطاب المحرر منه إلى فضيلة الشيخ حسنين مخلوف مفتى الديار المصرية، والمقدم فى صدر حافظة مستنداته، حيث جاء فيه بلسان المدعى عليه وبخطه وبإمضائه، أن "هذه القصة تصور الجاهلية بآثامها، ونور الإسلام، واضطهاد المسلمين فى سبيل نشر هذا النور، وانتصار دين الله على أعدائه المشركين، كما جاء فى كتاب "الوعد الحق" بقلم معالى الدكتور طه حسين بك، وقد أرفقنا مع هذا نسخة من الكتاب المذكور، ولن تخرج الرواية فى موضوعها وأشخاصها عما جاء فى كتاب "الوعد الحق؟... إلخ.

هذا وبديهى هنا أن الإقرار حجة على المُقر، وأن ما سعى إليه الخصم عن طريق الإسهاب والإطناب فى النقل من الكتب التاريخية، لن يستر، ولن تضيع معه الحقيقة السافرة التى جهر بها فى الخطاب الصادر منه، حين قرر فى غير موضع منه أنه إنما أراد أن يصور على الشاشة ما سبق أن صوره المدعى – طه حسين – فى الكتاب.هذا ومن عجب أن يعمد المدعى عليه، إلى إنكار ما أقر به، لا فى الخطاب الصادر منه فحسب، وإنما فى ذات عقد الشركة التى كونها مع بعض الممولين للاتفاق على عملية الإخراج والإنتاج، فقد جاء فى البند الثالث من العقد ما نصه: "موضوع هذا الفيلم مقتبس من كتاب "الوعد الحق" بموافقة مؤلفه الدكتور طه حسين بك".

فأنت ترى أنه عاد إلى الإقرار مرة أخرى، وعاد إلى القول بأن واضع الكتاب وافقه على إخراج كتابه على الشاشة – وقد وقع المدعى عليه ووقع معه الممولون على العقد – وبعد ذلك كله ورغم ذلك كله، تقول مذكرة المدعى عليه أن الفيلم شيء والكتاب شيء آخر.

على أن زعم المدعى عليه الذى يناقض إقراراته، ليس متفقًا مع الواقع الذى ليس هناك سبيل إلى إنكاره، فلم يكن المدعى عليه فى حاجة إلى أن يصطحب شقيقه سعادة صلاح الدين باشا – وزير الخارجية – ليزور المدعى فى داره – ويوسطه – ويلح عليه إلحاحًا شديدًا متصلًا ليأذن له بعرض كتاب "الوعد الحق" فى فيلم سينمائي، ما دام معتزما أن يأخذ وقائع هذا الفيلم من كتب تاريخية أخرى غير "الوعد الحق".

ولم يكن فى حاجة إلى أن يعاود الإلحاح بعد ذلك حتى يظفر بالإذن من صاحب "الوعد الحق" فى عرض كتابه، ولم يكن محتاجًا إلى أن يقبل الشرطين الأساسيين اللذين فرضهما صاحب الكتاب فرضًا، وهما أن يأذن فى هذا العرض صاحبا الفضيلة مفتيا الديار المصرية الأستاذ الشيخ محمد حسنين مخلوف – المفتى القائم – والأستاذ الشيخ علام نصار – المفتى السابق – وأن يستأذن بعد ذلك حضرة صاحب الجلالة مولانا الملك المعظم، فى هذا العرض، بواسطة سكرتيره الخاص حسين حسنى باشا، لأن مؤلف الكتاب أصبح وزيرًا ولم يشأ أن يشارك فى إخراج فيلم سينمائى حتى يتحقق من ألا حرج عليه فى ذلك عند السلطة العليا.

وكان من اليسير على – المدعى عليه – أن يأخذ وقائع فيلمه من الكتب التاريخية التى ذكرها دون أن يحتاج إلى شيء من ذلك، ولكنه ألح وألح، وقبل ما فُرض عليه من الشروط، حتى إذا ظفر بالإذن من رجال الدين ومن القصر، أخذ فى عمله التفصيلي، وقبل من المؤلف فى أن يشاركه فى هذا العمل.

وكان من الحق عليه أن يضع بين يدى المحكمة كتابى صاحبى الفضيلة المفتيين، وكتاب صاحب السعادة السكرتير الخاص لجلالة الملك – وقد سلمه المدعى "طه حسين" هذه الكتب لتكون حجة له بين يديه إذا اعترض عليه أحد فى إخراج فيلم يمس الدين من قريب.

ثم إن المدعى عليه لم يكن بحاجة لأن يملأ الصحف على اختلافها بالإعلان عن هذا الفيلم، مشركا اسم المؤلف مع اسمه فى هذه الإعلانات كلها، حتى استقر فى نفوس الناس جميعا أن صاحب الكتاب شريك فى الفيلم بكتابه وعمله فى إعداد الفيلم.

ومن الحمق الذى ليس بعده حمق أن يعمد مخرج سينمائى إلى كتاب "السيرة الحلبية"، وكتاب "حياة محمد" وغيرهما من الكتب ليأخذ منها وقائع الفيلم الذى يعده، ويستأذن فى الوقت نفسه الجهات الدينية الرسمية فى الاعتماد على كتاب ألفه وزير ناهض بأعباء الحكم، ويملأ الدنيا بذلك "إعلانا" إلا أن يكون قد تعمد خداع الجهات الدينية والجهات الرسمية، وخداع هذا الوزير نفسه، وخداع زملائه الوزراء ومنهم أخوه.

وهذا الخداع إن تعمده أو قصد إليه، يضعه فى وضع لا يرضاه لنفسه الرجل الكريم، وعسى أن يعرضه للمؤاخذة القضائية مع المؤاخذة الخلقية.

وبالفعل، صدر الحكم لصالح طه حسين كما يتضح من خطاب محاميه إليه فى ٣ مارس سنة ١٩٥٢:

حضرة صاحب المعالى طه باشا حسين.. بعد التحية، نرسل لمعاليكم رفق كتابنا هذا صورة من حكم محكمة القاهرة الابتدائية الصادر بجلسة ٢٦/٢/١٩٥٢ فى القضية رقم ١٨٠٤ سنة ١٩٥١ تجارى كلى مصر، المرفوعة من معاليكم ضد الأستاذ إبراهيم عز الدين للإطلاع عليها.

هذا مع العلم بأن المكتب اتخذ ما يلزم لإعلان الحكم وتنفيذه بعد استيفاء الإجراءات القانونية المعتادة.

وتفضلوا معاليكم بقبول فائق الاحترام،،،

(توقيع) الألفي

نص الحكم فى القضية

تنشر "البوابة" الأجزاء الأساسية من نص الحكم الذى أصدرته الدائرة الثانية التجارية محكمة القاهرة الكلية بالجلسة التجارية المنعقدة علنًا بسراى المحكمة يوم الأحد ٢٦/٢/٥٢ الموافق أول جماد آخر سنة ١٣٧١هـ، ويشار فيه إلى الدكتور طه حسين بصفته (المدعى).. بحسب نص الحكم فقد انعقدت المحكمة "برئاسة حضرة القاضى حسين السركى بك وعضوية حضرتى القاضيين حسين السيد بك ومحمد عبدالمجيد بك وبحضور على زينهم أفندى سكرتير الجلسة":

تُلى الحكم الذى أصدرته الهيئة فى قضية معالى الدكتور طه حسين باشا وزير المعارف – بصفته الشخصية – المقيم بالقاهرة ومحله المختار مكتب الأستاذين الدكتور محمد زهير جرانة المحامى وألفونس الألفى المحامى بمصر.

ضد الأستاذ إبراهيم عز الدين المقيم بشارع الملكة فريدة نمرة ٣٣

رقم ١٨٠٤ سنة ١٩٥١ تجارى كلى مصر

المحكمة

حيث إن المدعى أقام هذه الدعوى بصحيفة أعلنت فى ٢٧/٩/١٩٥١ ذكر فيها وفى المذكرة المقدمة منه أنه أخرج منذ سنوات قليلة إحدى روائعه الأدبية التاريخية الرفيعة هى "الوعد الحق" الذى تناول فيه مرحلة من مراحل تاريخ الإسلام فى أوائل عهده، وطبع الكتاب ونشر سنة ١٩٥٠ فراج رواجًا عقد معه المدعى عليه العزم عن أن يستهل حياته الفنية بعد عودته من أمريكا – حيث يدرس فن الإخراج السينمائى – بإخراج هذه القصة وإظهارها على الشاشة البيضاء، فأشار إلى فضيلة مفتى الديار المصرية الحالى والسابق، فلما أذنا بهذا العمل، وافق المدعى وأخذ يساهم فى تنفيذ المشروع بأن اشترك فى وضع الحوار وإعداد السيناريو، ثم ظهر بصورته على الشاشة يقدم الفيلم للناس ويشرحه ويبين موضوعه وغاياته، فكان ذلك خر دعاية له وإعلان إليه، وكان هذا التقديم يعرض على الناس فى دور السينما عدة أسابيع قبل عرض الفيلم ذاته، كما جعل هذا التقديم أيضًا جزءًا من ذات الفيلم يستهل به عرضه، وقد عُرض فى القاهرة تحت عنوان "ظهور الإسلام" وكان أرقى وأنفع أفلام سنة ١٩٥١، وحقق فى الوقت ذاته ربحا قلما حققه فيلم آخر، ولم يكن المدعى قد اتفق مع المدعى عليه المنتج، على ما ينظم العلاقة المالية الناشئة عن مساهمته فى المشروع بتقديم القصة والاشتراك فى وضع السيناريو والحوار وبالدعاية للفيلم بنفسه، نتيجة حسن ظنه فى المدعى عليه وثقته فى سلامة تقديره، فلم يبرم اتفاقا تحدد فيه حقوق كلا الطرفين، وعلى الأخص نصيب كل منهما فى أرباح الفيلم، وكان أن أخذ المدعى عليه يتصرف فى الفيلم داخل وخارج القطر المصرى دون أن يوافى المدعى بحساب عن عرض الفيلم وأرباحه، أو أن يعطيه حقه فى صافى الربح، وهو صاحب الفضل الأول والأخير، لا فيما كان من رخاء ورواج فحسب، وإنما فيما كان من شهرة ذاعت للمدعى عليه، وهو منتج ناشئ لم يكن له إخراج ولا إنتاج، وخلص المدعى إلى أن له حصة فى صافى أرباح الفيلم هى الثلث، وهى حصة تتفق مع العُرف السائد فى البلاد الأخرى فى حالة عدم الاتفاق سلفًا فى هذا الخصوص، ولهذا فهو يلجأ إلى القضاء بدعواه الحالية مطالبًا بتقديم الحساب وبإقامة حارس ريثما تنتهى المحكمة من فحص دعوى الحساب.

ويؤسس دعواه على أنه شريك للمدعى عليه فى الأرباح التى تحققت حتى الآن، والتى قد تتحقق فى المستقبل، مرتكنًا فى ثبوت حقه إلى القواعد المقررة فى شأن الملكية المعنوية، وما يتفرع عنها من حقوق أدبية ومالية، وما يستتبع ذلك من إجراءات قضائية لحمايتها.

ويسوق المدعى بعد ذلك بحثا فى هذا النوع من الملكية، وأن خلو التشريع المصرى من نصوص تنظيمه لم يمنع القضاء من وضع المبادئ الكفيلة بصيانة الملكية المعنوية وحفظ حقوق أرباحها، آخذا بنص المادة ١٢ مدنى قديم، و٢٩ من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية، والمادة ١/٢ مدنى جديد، وما تقرره هذه المواد من حقوق للمؤلف فى ملكية مؤلفاته، وحقوق للصانع فى ملكية مصنوعاته، وذلك على الرغم من عدم صدور القانون الخاص بهذه الحقوق.

وانتهى المدعى إلى طلب وضع فيلم "ظهور الإسلام" – وحتى يقضى فى موضوع الحساب – تحت الحراسة القضائية، والتى رشح لها الأستاذ أنور وجدى أو شركة مصر للتمثيل والسينما، لإدارة هذا الفيلم واستغلاله وإيداع ريعه – بعد اقتطاع المصاريف الضرورية ونحوها – خزانة محكمة مصر الابتدائية، على ذمة الفصل نهائيًا فى النزاع القائم بين الطرفين، مع إلزام المدعى عليه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، وذلك بحكم مشمول بالنفاذ المعجل وبلا كفالة وبنسخة الحكم الأصلية.       

بدأ المدعى عليه بعد ذلك يتحدث عن حكم القانون فى هذا الشأن كله، فقال: إن القوانين المصرية لم تنظم ولم تعرض لصناعة السينما حتى يمكن أن يعرف حق من يتصل بهذه الصناعة، لكن بعض القوانين كالقانون الفرنسى والقانون الإيطالى قد نص فيه على ما يأتى كقاعدة أساسية فى باب الأعمال السينمائية:

أولا: يعتبر مؤلفون بالاشتراك فى أى عمل سينمائى (١) مؤلف السيناريو (٢) وواضع المعالجة السينمائية والتجزيئى إلى مناظر إجمالية إن لم يكن هو مؤلف السيناريو (٣) ومؤلف الحوار (٤) ومؤلف الموسيقى التصويرية إن كانت قد وضعت خصيصًا للمناظر ومؤلفو الأغانى والألحان (٥) مخرج الفيلم إذا كانت مباشرته الفعلية للعمل ساهمت فى تحقيق خيال المؤلف الأصلى – وقال المدعى عليه إن هؤلاء الخمسة هم المستحقون الأساسيّون فى حق المؤلف وفقا لجميع قوانين العالم – ولم تنس قوانين التأليف صاحب القصة المكتوبة، ولو أنها اعتبرت حالته شاذة لقلة استعانة المنتجين بالمؤلفين الأدباء الذين لم يدرسوا فى كتابة السيناريو، فنصت على أنه يستحق السدس من عشر الدخل فى حالة عدم وجود اتفاق صريح – وأضاف المدعى عليه – أن المؤلف الوحيد إنما هو المنتج. وخلص من ذلك إلى أن استحقاق المؤلفين بالاشتراك فى حق الأداء العلنى لا يرقى بهم إلى درجة الشركاء، ما لم يُنص على ذلك.

وحيث إن المحكمة تسوق هذا وتترك أصل الحق ومثار النزاع سليمًا لمحكمة الموضوع، تقضى فيه حسبما تراه، كما تتحرز عن القطع فى قضائها فى الطلب المستعمل فى ترجح ناحية على أخرى بحيث لا تسبق فى قضائه قضاء محكمة الموضوع فى الخصومة، إنما تسوق هذا التبيين أن هناك نزاعا بين طرفى الخصومة بشأن حق يتنازعانه، ذلك هو حق ملكية الفيلم ولمن تكون، وهل هو حق خالص للمدعى عليه، أو هو حق له يشترك المدعى معه فيه، ولتبين ادعاء الطرفين مقابل ادعاء الآخر ويوازيه، مما يقتضيها اتخاذ الإجراءات الوقتية الضرورية التى من مقتضاها منع الضرر أن يحيق بأحد من طرفى الخصومة، واستقرار العلاقات القانونية مؤقتا فى حدود نشأتها الأولى، للقضاء الموضوعي، ويكفى لوجود حالة الخطر إنكار المدعى عيه لحق المدعى إنكارًا تامًا، فيما عدا ما يقول به من أجر يستحقه، فضلًا عما تخوله الشركة المعقودة بين المدعى عليه وآخرين، لإنتاج الفيلم، من حقق على ذات الفيلم وأرباحه لهؤلاء الشركاء، بما قد تضيع معه حقوق المدعى إذا ما قضى له به.

وحيث إن الحراسة إجراء مؤقت، وترى المحكمة لذلك إضافة المصروفات على عاتق الحراسة مؤقتا وإلى حين الفصل فى الموضوع.

وحيث إن النفاذ المعجل وبلا كفالة واجب بقوة القانون للأحكام الصادرة فى المواد المستعجلة أيا كانت المحكمة التى أصدرتها، عملا بالمادة ٤٦١/١ مرافعات، ولا ترى المحكمة ما يوجب الأمر بالتنفيذ بنسخة الحكم الأصلية.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة حضوريًا أولًا وبصفة مستعجلة، بوضع فيلم "ظهور الإسلام" تحت الحراسة القضائية وتعيين الأستاذ أنور وجدى حارسًا عليه لإدارته واستغلاله بأوجه الاستغلال المعتادة فى العُرف السينمائي، وإيداع ثلث ريعه بعد اقتطاع المصاريف، خزانة محكمة القاهرة الابتدائية، على ذمة الطرفين لحين الفصل فى الموضوع بينهما، وتسليم ثلثى الربح إلى المدعى عليه، وإضافة المصروفات على عاتق الحراسة، وأمرت بالنفاذ المعجل، وبلا كفالة.

ثانيًا: بإحالة الدعوى فى باقى الطلبات إلى التحضير لجلسة ٧/٥/١٩٥٢ ليقدم كل من الطرفين ما لديه من مستندات، واعتبرت النطق بهذا القرار إعلانا للطرفين.

رئيس اللجنة (إمضاء)

هذه الصورة التنفيذية تحررت وتسلمت إلى وكيل المدعى فى ٣/٣/١٩٥٢ صور ١١٠١ تجاري، وطلب التمغة مرفق مع الأصل.

أخبار متعلقة :