موقع بوابة المساء الاخباري

الطريق إلى البيت الأبيض.. كيف تشكل الكنائس الأمريكية مستقبل سياسة الشرق الأوسط؟ . المساء الاخباري

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يمر الطريق إلى البيت الأبيض عبر مقاعد الكنيسة في الولايات المتحدة، وقد زاد ترامب من حصته بين الناخبين الكاثوليك والإنجيليين حتى اليهود، وشهد التصويت الكاثوليكي على وجه الخصوص زيادة ملحوظة في دعم ترامب خلال عام ٢٠٢٠، فهناك ضجيج لرؤية عالمية توراتية أكثر محافظة تشق طريقها عبر مقاعد الكنيسة في أمريكا التي وجدت طريقها إلى صناديق الاقتراع. ورغم ذلك، قبل أسبوع من يوم الانتخابات، أيدها أكثر من ألف من الزعماء الدينيين في ذلك الأحد كجزء من حملة "النفوس من أجل الانتخابات"، وقد اعتُبِر ذلك بمثابة خطوة لإظهار مدى حضور الإيمان الاصطناعي في الحملة ومواجهة الهجمات المتزايدة من المحافظين الذين يتهمونها بأنها معادية للكاثوليكية وللمسيحية كلها، وطالما نتساءل لماذا يرتبط المسيحيون الإنجيليون الأمريكيون بعلاقات عميقة مع إسرائيل؟ وكيف يتبني النسخة الجديدة لترامب للسياسات الخطيرة وحركة MAGA لتوثيق الإمكانية للفاشية الأمريكية السياسية، ومن الناحية الأخرى  قد تؤثر النظرة العالمية التوراتية على السياسة الخارجية وليس العكس.

 وهناك الملايين من الأمريكيين الذين يعتقدون أن دونالد ترامب هو الخيار الخاطئ للبيت الأبيض ولكن هذا لا يغير من مكانته كرئيس منتخب، والذي يؤثر على العديد من المجتمعات الإنجيلية في مختلف أنحاء العالم فيما يتصل بالسياسة الخارجية، والمساعدات الخارجية، والحرية الدينية، والاتجاهات الثقافية. ومع ذلك، أشار زعماء مسيحيون في بعض البلدان إلى أن من سيصبح الرئيس المقبل للولايات المتحدة لا يشكل أي فارق، بل يجعل الأمر يبدو وكأن الإيمان بالكتاب المقدس يعني دعم ترامب، ويعطي تأييدهم الانطباع بأن المحافظة اللاهوتية تتطلب وتؤدي إلى وجهة نظر سياسية يمينية دكتاتورية، وتعارض العدالة المناخية، وتؤيد الإبادة الجماعية في الأرض المقدسة.

أدت سياسات ترامب، التي أظهرت ميلًا قويًا لدعم الحريات الدينية والقضايا المسيحية العالمية، إلى اكتسابه شعبية بين المسيحيين النيباليين، ويأمل الكثير أن يستمر في دعم المسيحيين في جميع أنحاء العالم وأن يقدم علي ممارسة الإيمان الصحيح من وجهه نظر المجتمع الانجيلي، وتعميق التضامن بينهم على مستوى العالم، مما يلهم المسيحيين للشعور بارتباط أكبر بحركة مشتركة، وفي الوقت نفسه، لابد من النظر في الديناميكيات الجيوسياسية الأوسع نطاقا، والتي تستخدم في أغراض الإستيطان.

ويواصل ترامب تشكيل حكومته بما في ذلك أولئك الذين سيساعدون في تشكيل السياسة الأمريكية في الخارج.. في الأسبوع الماضي، رشح ترامب حاكم أركنساس السابق مايك هاكابي لشغل منصب السفير الأمريكي لدى إسرائيل. ويتبنى هاكابي لسنوات عدّة موقفًا قويًا مؤيدًا لإسرائيل، وهو موقف متجذر بعمق في إيمانه المسيحي الإنجيلي. والآن، قد يكون هذا القس المعمداني السابق جزءًا لا يتجزأ من تشكيل الدبلوماسية الأمريكية في الشرق الأوسط، وَفْقًا لما وصفه المؤرخ دانييل هامل الذي تناول العلاقة بين الإنجيليين ودعمهم لإسرائيل.

أما عن دانييل هامل، وهو باحث فخري في قسم التاريخ بجامعة ويسكونسن في ماديسون، له دور فعال في شرح العلاقة العميقة بين المسيحيين الإنجيليين ودعمهم لإسرائيل، ووصف مايك هاكابي الإنجيلي، الذي كان قسًا معمدانيًا جنوبيًا، وفيما يتعلق بعلاقته بإسرائيل، فقد قاد منذ الثمانينيات نحو ١٠٠ جولة في الأراضي المقدسة، وبالتالي فهو يتمتع بتاريخ عميق للأرض يعرفه أي شخص ينتبه إلى مسيرته المهنية، وهذا يعني أنه يتمتع بالعديد من الصلات في إسرائيل أيضًا مع القيادة هناك، القيادة السياسية، والقيادة الدينية، لقد عبر هاكابي عن وجهة نظر متماسكة إلى حد كبير فيما يتصل بإسرائيل منذ الثمانينيات، ولهذا السبب سوف يتحدث عن كيفية منح أرض إسرائيل للشعب اليهودي استنادًا إلى قراءته للكتاب المقدس الخاطئه، إن الاهتمام الديني بإسرائيل يرتبط بالنبوة، وهذا هو غالبًا ما يتم الحديث عنه عندما نتحدث عن الإنجيليين في إسرائيل.

ومن هذا المنظور، كان تأسيس إسرائيل في عام ١٩٤٨ ذا أهمية نبوية مزيفه لنبوءة توراتية صدرتها للعالم، وكذلك كانت إسرائيل وحروبها على مر السنين، ثم هناك توقع بأن المجيء الثاني للسيد المسيح له علاقة بالأحداث في الشرق الأوسط، وخاصة حول إسرائيل، وهذا شيء لا يتحدث عنه هاكابي كثيرًا، ولكنه يعمل أيضًا في الخلفية، بل إنه يمثل معتقدات ملايين من الإنجيليين في الولايات المتحدة.

ويسرد دانييل هامل عن أستطلاعات الرأي أن أغلبية الإنجيليين يعتقدون أن الأرض كما هو موضح في النص التوراتي تنتمي إلى الشعب اليهودي، إن هاكابي يمثل أغلبية من الإنجيليين العاديين، ويمثل أكبر منظمة في هذا المجال هي منظمة "المسيحيون المتحدون من أجل إسرائيل"، وهي جماعة ضغط في واشنطن العاصمة، وتزعم هذه الجماعة أن عدد أعضائها يتجاوز عشرة ملايين عضو، أغلبهم من المسيحيين الإنجيليين، ولكن هناك أيضًا الملايين من الإنجيليين الذين يرفضون الكثير من الحجج اللاهوتية، وقد يدعمون إسرائيل لأسباب أخرى، بما في ذلك أسباب تتعلق بالمصلحة الأمريكية في الشرق الأوسط أوالقيم المشتركة أو أشياء أخرى. ولكن هناك بالتأكيد شعور بأن هكابي يمثل في إدارة ترامب، إذا حصل على هذا المنصب، شريحة كبيرة من الناخبين الإنجيليين العاديين، كما أن ترشيح هكابي قد يُنظَر إليه من منظور ترامب باعتباره أمرًا مرضيًا للزعماء الإسرائيليين الحاليين، والحكومة الإسرائيلية المحافظة، فضلًا عن القاعدة الإنجيلية التي يؤيدها ترامب فى الولايات الأمريكية. وهو أمر يحقق هدفين في هذا السياق، ولديه الكثير من الصلات القائمة على عمله المكثف في إسرائيل مع القيادة الإسرائيلية الحالية، ولا سيما القيادة الأكثر يمينية. لذا فإن نتنياهو، الذي يمثل جزءًا من اليمين، ولكن هناك أيضًا أشخاص أبعد إلى اليمين في إسرائيل يعرفون هكابي جيدًا، ويعتقد أن الضفة الغربية لا ينبغي أن تكون أي شيء آخر غير الأراضي الإسرائيلية، وهو يرفض حتى إستخدام كلمة الضفة الغربية، ويسميها يهودا والسامرة، وهما التسميتان اللتان وردتا في التوراة، كما يبدى هاكابي تشككه الشديد في فكرة الشعب الفلسطيني، فهو يعتقد أن هذه فئة مختلقة إلى حد ما في القرن العشرين، وهذا رأي مثير للجدل إلى حد كبير داخل الأوساط الأمريكية، ولكن بين العديد من الزعماء الإسرائيليين الذين يتولون السلطة حاليًا في الحكومة، فإن هذا الرأي شائع إلى حد كبير، وعلى هذا فإن هكابي يتوافق تمامًا مع القيادة الإسرائيلية الحالية وأي حكومة إسرائيلية مستقبلية تخرج من الجناح اليميني في سياستها.

وعندما نفكر في الصراع العربي الإسرائيلي الأوسع نطاقًا، وقضية الدولة الفلسطينية، فمن المؤكد أن هاكابي يميل نحو المنظور الإسرائيلي في هذه الأمور، واستنادًا إلى إدارة ترامب الأولى، فإن هذا الميل أيضًا من جانب ترامب، ولكن هناك أيضًا بعض التوتر، على الرغم من أن ترامب هو صانع الصفقات. وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف سيتمكن هكابي من التوفيق بين آرائه الشخصية والمصالح الأوسع للإدارة، وسواء كان ذلك بسبب آرائه المحافظة الأساسية أم لا، وإذا كان بوسع هذه الآراء أن تخلق نوعًا من الشعور بالثقة مع الجانب الإسرائيلي.

ولعل أبرز المصطلحات التي لمعت مؤخرا هي "القومية المسيحية" والتي كانت تستخدم في السابق اسم الوطنية المسيحية، ذلك المصطلح الذي بدأ في عام ٢٠٠٦، وكان مصطلحًا سياسيًا مهينًا، يتجذر في تاريخ البلاد وديناميكيات مجتمعها وقبل ذلك، كانت تشير إلى الوطنية المسيحية وكان كل رئيس يفضلها، بحسب ما تم توثيقه من المؤرخ ويليام فيدرر، استنادًا إلي ما قاله أبراهام لينكولن في خطاب تنصيبه إن "الذكاء والوطنية والمسيحية لا تزل قادرة على التكيف بأفضل طريقة مع كل الصعوبات التي نواجهها في الوقت الحاضر"، ونجد ذلك من خلال التطبيق العملي لدي شخصيات أمريكيه بارزة مثل فرانكلين ديلانوروزفلت السياسي الديمقراطي التي فاز في أربعة أنتخابات رئاسية متتالية وبرز كشخصية مركزية في الأحداث العالمية خلال منتصف القرن العشرين وقام بتوزيع نسخ من العهد الجديد وكتاب المزامير على جميع الجنود في الحرب العالمية الثانية، وتطلق وسائل الإعلام السائدة على فرانكلين روزفلت لقب القومي المسيحي.

إن ربط الهوية الأمريكية يتم بشكل وثيق بالمسيحية، حيث ازداد عدد المسيحيين الإنجيليين، ولا سيما في المناطق الريفية والضواحي، وأدى ألاستقطاب السياسي المتزايد إلى تعزيز هوية الحزب الجمهوري كحزب محافظ، مرتبط بالقيم المسيحية، وهذا الدعم الكبير من المسيحيين القوميين ساعد ترامب في تحقيق فوز كبير في الانتخابات، حيث صوت له ٨١% من الناخبين البروتستانت الإنجيليين البيض في انتخابات ٢٠٢٠، بينما تراجعت هذة النسبة إلى حوالي ٧٢%، أي أن التراجع ١١.١٪، وربما يؤيدون النظام الأبوي التوراتي، وهو أسلوب حياة يؤيده المسيحيون الأصوليون الذين يسعون إلى تشكيل الحياة في أمريكا بأسم الله، ربما يرجع الي تشكيلهم ١٤٪ فقط من البلاد، مقارنة بنحو الربع قبل ٢٠ عامًا. إن النظام الأبوي الأصولي مدفوع بالدين وهوالآن جزء من نفوذ في كل فرع من فروع الحكومة. يؤمنوا باللاهوت الدومينيوني أويرتبطون به، الذي يعلم أن المسيحيين يجب أن يكون لهم سيطرة عالمية. ولتحقيق ذلك، يحتاجون إلى عدد السكان المسيحيين البيض على وجه الخصوص، والقوة (الجيش والقيادة)، والوقود (العمال للاستفادة من الرسالة ونشرها). ووفقًا لمركز قانون الفقر الجنوبي، كانت الدومينيونية "محركًا للتطرف المناهض للحكومة في الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن تصدر إدارة ترامب وجهات نظرها القومية المسيحية بشأن الإجهاض وعدم المساواة بين الجنسين والحقوق الجنسية إلى جميع أنحاء العالم، في محاوله للأستنساخ الوثيق بين الكنيسة الأرثوذكسية الروسية ونظام فلاديمير بوتن في روسيا إلى الأهمية المتزايدة للمسيحية الكاريزمية في أمريكا اللاتينية وأفريقيا، الا أن علي مدى السنوات الأربعين الماضية حدث نوع من الفرز العنصري حيث أصبحت المجموعات العرقية الإثنية متوافقة بشكل متزايد على أسس أيديولوجية حزبية.

إن هؤلاء المسيحيين الذين يعتبر دعمهم لإسرائيل، بحسب ترامب، أقوى من دعم اليهود، وهم جزء من "الصهيونية المسيحية" التي ظهرت في البروتستانتية الأنجلوساكسونية حوالي عامي ١٨٤٠ أي قبل نصف قرن من الصهيونية اليهودية، حيث كانت الصهيونية المسيحية تهدف إلى بناء الشعب اليهودي كأمة في مواجهة معاداة السامية الأوروبية، وتطورت حول ما يسمى بالقراءة "الإنجيلية" للعهد القديم. 

في هذه العقيدة، يعتمد خلاص المؤمنين المسيحيين على استعادة الشعب اليهودي إلى أرض إسرائيل كما يزعمون، ويبدو إن هذه "الاستعادة" شرط أساسي لإقامة ملكوت الله حتي علي جثث الأبرياء وتقسيم الشرق الأوسط كاملا قربانا لهذا المشروع، وتدمير الشعوب العربيه بما فيها كنائس الشرق مستخدمين سلاح الطائفيه وتوظيفها سياسيا للوصول للحكم، ولا بأس من أستخدام الجماعات الوظيفيه بنفس المفاهيم وتصديرها للشرق لأستنزاف مقدرات الأوطان والتحكم بقرارها لخدمه مشاريعهم التي لا تنتهي.

أخبار متعلقة :