تكشف الأبحاث كيف يمكن لتعديل توقيت الإفطار والمشي بعد الوجبة أن يغير التحكم في نسبة السكر في الدم لدى مرضى السكري من النوع 2، ما يوفر تعديلًا سهلاً لأسلوب الحياة من أجل صحة أفضل.
في دراسة حديثة نشرت في مجلة Diabetes & Metabolic Syndrome: Clinical Research & Reviews، قام الباحثون بالتحقيق في التأثيرات المشتركة لاختلاف أوقات الإفطار والمشي السريع لمدة 20 دقيقة بعد الإفطار على نسبة السكر في الدم بعد الأكل، أجروا تجربة عشوائية محكومة لمدة ستة أسابيع على 14 شخصًا بالغًا، التزم 11 منهم بمتطلبات الدراسة وتم تضمينهم في التحليل النهائي، ووجدوا أن وجبة الإفطار التي يتم تناولها في الساعة 09:30 (منتصف الصباح) و12:00 ساعة (منتصف النهار) تقلل من نسبة السكر في الدم بعد الأكل مقارنة بـ 07:00 ساعة (الصباح الباكر).
وكشفت الدراسة كذلك أن المشي لمدة 20 دقيقة بعد الإفطار أدى إلى انخفاض طفيف في نسبة السكر في الدم بعد الأكل لدى المرضى الذين يتناولون الطعام عند الساعة 07:00 أو 12:00 ساعة.
ومع ذلك، لم يكن لها فائدة ملحوظة لأولئك الذين تناولوا وجبتهم اليومية الأولى في الساعة 09:30، تسلط هذه النتائج معًا الضوء على أن تغيير توقيت الإفطار قد يوفر استراتيجية غير جراحية وعملية للمساعدة في إدارة نسبة السكر في الدم بعد الأكل لدى مرضى السكري من النوع الثاني.
مرض السكري من النوع 2 (T2D) هو حالة طبية مزمنة تتميز بعدم قدرة الجسم على تعديل إفراز الأنسولين بشكل مناسب، ما يؤدي إلى اضطرابات في المناعة والدورة الدموية والجهاز العصبي.
لقد ارتفع معدل انتشار مرض السكري من النوع الثاني على مستوى العالم بمعدلات مثيرة للقلق، حيث تشير التقارير إلى أن واحدًا من كل تسعة بالغين (643 مليونًا) سيعاني من هذه الحالة بحلول عام 2030.
تتضمن تدخلات مرض السكري من النوع الثاني التقليدية الالتزام بتغييرات نمط الحياة (على سبيل المثال، زيادة مستويات النشاط البدني وتحسين الخيارات الغذائية) للمساعدة في تحسين إدارة نسبة السكر في الدم (تغير مستويات الجلوكوز في الدم بعد استهلاك الطعام) وحساسية الأنسولين.
ومع ذلك، تشير الأبحاث الحديثة إلى أن توقيت تدخلات نمط الحياة هذه يمكن أن يكمل التدخلات في تحسين نتائج نسبة السكر في الدم لدى مرضى السكري من النوع الثاني.
تغيير مواعيد الإفطار، على وجه الخصوص، قد يفيد بشكل كبير ارتفاع السكر في الدم في الصباح بسبب تأثير الوجبة على رحلات الجلوكوز في الدم بعد الإفطار، ما يشكل أهم التغيرات اليومية في نسبة السكر في الدم المرتبطة بالغذاء.
ولسوء الحظ، فإن الأدلة القوية التي تدعم فوائد نسبة السكر في الدم المرتبطة بالتوقيت لا تزال قليلة.
تناولت الدراسة الحالية هذه الثغرات في الأدلة من خلال دراسة التأثيرات المشتركة لاختلاف أوقات الإفطار وممارسة المشي الحاد بعد الإفطار على نسبة السكر في الدم بعد الأكل لدى مرضى السكري من النوع الثاني (T2D) البالغين، التزمت الدراسة بمنهجية تجربة عشوائية مضبوطة تم إجراؤها في ظل ظروف حياة حرة وتضمنت 14 مشاركًا أستراليًا تتراوح أعمارهم بين 30 و70 عامًا مصابين بمرض T2D الذي تم تشخيصه سريريًا.
لتحسين موثوقية الدراسة وتجنب الملاحظات المربكة المحتملة، تم استبعاد المشاركين إذا كانوا يستهلكون حاليا مكملات الأنسولين، أو السلفونيل يوريا، أو مجموعات من عوامل سكر الدم المتعددة. بالإضافة إلى ذلك، تم أيضًا استبعاد المشاركين الذين يلتزمون بالنظام الغذائي الكيتوني، أو صيام اليوم البديل، أو أنماط الأكل المقيدة بالوقت، أو أولئك الذين يمارسون نشاطًا بدنيًا يتجاوز الإرشادات الأسترالية.
تم استخدام اختبار المواقف الغذائية (EAT-26) لفحص المشاركين لمعرفة مخاطر اضطراب الأكل الأساسي، إلى جانب تقييمات وظيفة خلايا بيتا وتكوين الجسم باستخدام اختبارات الدم وقياس امتصاص الأشعة السينية المزدوجة الطاقة (DXA)، على التوالي. تم تعيين المشاركين بشكل عشوائي إلى مجموعات الإفطار "المبكر" (07:00) أو "منتصف" (09:30) أو "المتأخرة" (12:00).
طُلب من المشاركين الذهاب في نزهة سريعة لمدة 20 دقيقة بعد 30 إلى 60 دقيقة من تناول الإفطار وتسجيل استهلاك الطعام اليومي وعادات النوم باستخدام تطبيق Research Food Diary أو السجلات المكتوبة بخط اليد، تم استخدام أجهزة مراقبة الجلوكوز المستمرة (CGMs) وأجهزة مراقبة النشاط لتتبع مستويات الجلوكوز والنشاط، في حين شملت التحليلات الإحصائية حساب المساحة الإضافية تحت المنحنى (iAUC) ونماذج التأثيرات المختلطة الخطية.
من بين 14 مشاركًا تم تسجيلهم في البداية، انسحب أحدهم لأسباب شخصية، وتم استبعاد اثنين لعدم الالتزام ببروتوكولات الدراسة، كشفت السجلات أن تغيير مواعيد الإفطار لم يغير بشكل كبير إجمالي استهلاك الطاقة اليومي للمشاركين أو تكرار تناول الطعام.
وكشف تحليل البيانات أن توقيت الإفطار قد غيّر بشكل كبير مستوى iAUC، حيث أظهرت مجموعات الإفطار "المتوسطة" و"المتأخرة" انخفاضًا قدره 57 مليمول/لتر × 2 ساعة و41 مليمول/لتر × 2 ساعة، على التوالي، مقارنة بمن يتناولون الإفطار "في وقت مبكر"، وكانت الأفواج المتوسطة والمتأخرة لا يمكن تمييزها إحصائيا عن بعضها البعض.
جدير بالذكر أن 20 دقيقة من التمارين بعد الإفطار لوحظ أنها تحسن بشكل طفيف نتائج iAUC "المبكرة" و"المتأخرة" ولكن لم يكن لها أي آثار قابلة للقياس على مستهلكي وجبة الإفطار "المنتصف".
تقدم الدراسة الحالية أول دليل قوي على تأثيرات توقيت تناول وجبة الإفطار على تعديل نسبة السكر في الدم بعد الأكل لدى البالغين الذين يعانون من مرض السكري من النوع الثاني.
وكشفت نتائج الدراسة أن تأخير تناول وجبة الإفطار إلى الساعة 09:30 أو 12:00 يمكن أن يحسن بشكل كبير نتائج نسبة السكر في الدم مقارنة بالاستهلاك المبكر (07:00 ساعة).
من المثير للدهشة أن 20 دقيقة من المشي بعد الإفطار لم تسفر إلا عن تحسينات طفيفة في نتائج نسبة السكر في الدم عند الساعة 07:00 و12:00 ساعة، ولكن لم تحقق أي فوائد عند الساعة 09:30.
وهناك ما يبرر إجراء أبحاث مستقبلية لتأكيد هذه النتائج، واستكشاف دور النشاط البدني في نسبة السكر في الدم بعد الأكل لدى أعداد كبيرة من السكان، وتقييم الجدوى طويلة المدى لتعديل توقيت الإفطار وممارسة الرياضة في ظروف المعيشة الحرة.
المصدر: news-medical.
أخبار متعلقة :