موقع بوابة المساء الاخباري

مؤمن الجندي يكتب: انكسار روح

في حياة كل إنسان لحظات تشبه الخريف، حيث تتساقط أوراق الأمل واحدة تلو الأخرى، حتى يصبح المشهد مليئًا بالفراغ والبرد! تتكرر المواقف وكأنها تعيد رسم ذات السيناريو، كما لو أن هناك حلقة مفقودة أو خطأ خفيًا في مسار حياتك.. تسأل نفسك في لحظة صدق نادرة: لماذا أنا؟ لماذا يتكرر هذا الألم كأنه عقاب دائم؟

السقوط ليس مجرد نهاية؛ بل هو رسالة مبطنة! قد تكون تلك اللحظة التي تنكسر فيها إرادتك هي اللحظة ذاتها التي تحتاج فيها إلى أن تعيد بناء ذاتك؛ أحيانًا، تكون الأزمة مجرد مرآة تعكس ذلك "الشيء الخاطئ" في حياتك، ذلك الركن المهمل الذي تخفيه عن نفسك قبل الآخرين.

في المشهد الأخير لمباراة الأهلي أمام باتشوكا، وقف محمود كهربا على بعد خطوات من تسديد الكرة، ليس فقط في شباك المنافس، بل في ذاكرة كل من يترقب لحظة الفرح! وبينما تهاوت الكرة بعيدًا عن المرمى، تهاوى الأمل مع خطواته المتثاقلة، تراجع وكأن العالم بأسره بات مكانًا ضيقًا لا يسعه.

في أعماق الطائرة التي تحلق على ارتفاع آلاف الأقدام، شاهدت صورة لمحمود كهربا يجلس في مقعده، منزوٍ كأن العالم بأسره قد ضاق عليه. بين يديه كتاب الله، يتلو آياته بصوت خافت لا يسمعه سوى قلبه المثقل، كان وجهه يحكي قصة لا تحتاج إلى كلمات؛ عيناه مسكونتان بحزن شفيف، وجبينه يروي عن انكسار روح تبحث عن ملاذ! كأنما الهواء من حوله أثقل، والصمت أكثر صخبًا.. بدا كمن يطلب من السماء أن تمسح عن صدره غبار الألم، أن تمنحه إشراقة أمل، أن تعيد ترتيب الفوضى التي تسكن أعماقه.. فهو الآن في لحظة مواجهة، ليس مع الجماهير التي تنتقده، ولا مع الإدارة التي تنتظر منه الاعتذار، بل مع نفسه! لماذا كل هذه الأحداث المتعاقبة في حياتك؟ الأمر أشبه بدعوة لإعادة ترتيب الفوضى الداخلية، لمعرفة أين يوجد الخطأ؟

كما أن العشب الأخضر يتعافى بعد كل موسم قاحل، كذلك نحن! من تلك اللحظات القاسية، يُولد التغيير، لكن فقط حين نقرر مواجهة أنفسنا بصدق.. كهربا ليس سوى رمز لحكاية إنسانية تتكرر: لحظة سقوط، يأس، ثم بزوغ نور خافت في الأفق؛ الاختبار الحقيقي ليس في السقوط، بل في النهوض واستعادة الاتجاه الصحيح.

أسير الهزيمة وطريق الهروب 

السقوط المتكرر ليس دائمًا فشلًا، بل أحيانًا يكون تدريبًا قاسيًا يهيئك لقادم أصعب! كل مرة تعثر فيها هي درس، وكل درس يحمل رسالة.. إن كنت ترى العثرة هزيمة، ستبقى أسيرًا لها، لكن إن قررت أن ترى فيها معلمًا، ستكتشف أنها تدفعك لتطوير نفسك، لتقوية نقاط ضعفك، ولتصبح شخصًا مختلفًا، أقوى، وأصدق مع ذاته.

في النهاية، حين تتكرر الأزمات، اعلم أن الإجابة ليست في الخارج، بل بداخلك وعلاقتك الروحانية مع الله! قد يكون الحل في تغيير نظرتك، أو في مواجهة ما تهرب منه منذ سنوات! أو البحث عن الخطأ.. أن تملك شجاعة السؤال: ماذا علي أن أترك؟ وماذا علي أن أبدأ؟ الإجابة لن تكون سهلة، لكنها حتمًا موجودة؛ وحين تجدها، ستكتشف أن السقوط كان الخطوة الأولى نحو الوقوف بشكل أقوى مما كنت تتصور.

للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا

أخبار متعلقة :