ننشر لكم من خلال موقعكم " المساء الاخباري"
القاعدة في شبه القارة الهندية وطالبان: وثائق دولية تفضح أبعاد علاقتهم
- تحقيق أممي: القاعدة في أفغانستان تعيد هيكلة أجندتها وتوسّع علاقاتها الإقليمية
- القاعدة وتنظيم شبه القارة الهندية: توجهات جديدة وتحديات في ظل التحولات السياسية في أفغانستان
- العلاقة المعقدة بين طالبان والقاعدة تحت المجهر الدولي
أفاد التقرير الرابع والثلاثون لفريق المراقبة التابع لمجلس الأمن الدولي، الذي نُشر في منتصف عام 2024، أن وضع القاعدة في أفغانستان بقي كما هو منذ أغسطس 2021، حيث “ظل خاملاً” بينما يعيد تنظيم أجندته وهيكليته تحت مظلة “إمارة أفغانستان الإسلامية” (IEA).
وأشار التقرير إلى أن التنظيم، رغم افتقاره للقدرة على تنفيذ عمليات واسعة النطاق خارجياً في الوقت الحالي، يعزز علاقاته مع جماعات مسلحة أخرى في المنطقة، بما في ذلك آسيا الوسطى وباكستان، بموافقة ضمنية من طالبان الأفغانية.
ويستشهد التقرير بزيادة الهجمات المعقدة التي وقعت في باكستان خلال عام 2023 والتي تبنتها “حركة الجهاد في باكستان” (TJP)، وهي فصيل من طالبان الباكستانية يضم مقاتلين من طالبان الأفغانية والقاعدة فرع شبه القارة الهندية (AQIS).
وذكر النص أن كوادر من القاعدة تنقلت بحرية بين الشرق الأوسط وأفغانستان بناءً على أوامر من الزعيم الفعلي للتنظيم، سيف العدل، المقيم على ما يبدو في إيران.
سيف العدل ودعوة الهجرة إلى أفغانستان
العلاقة بين طالبان والقاعدة معقدة، خاصة بعد عودة الأولى إلى السلطة في أفغانستان، من ناحية، هناك تقارب أيديولوجي بين قيادة طالبان والقيادات الأساسية للقاعدة، يتجسد في البيعة التي قدمتها الأخيرة للأولى، ومن ناحية أخرى، تركز طالبان جهودها على إعادة بناء أفغانستان ولديها مشروع طويل الأمد يهدف إلى إرساء حكومة مستقرة ودائمة.
ومن أجل تحقيق هذا الهدف، فإن قيادة طالبان في قندهار تحاول تجنب أي وضع قد يعرّض استقرار أفغانستان الحالي للخطر.
وخلال السنوات الثلاث الأولى من حكمهم الفعلي في أفغانستان، أظهرت طالبان أنها تتبع خطًا من “النقاء الأيديولوجي” فيما يتعلق بالجوانب القانونية والدينية الداخلية، مع اتخاذ نهج سياسي ودبلوماسي أكثر براغماتية في العلاقات الدولية والاقتصادية.
وبإدراكها لهذا الوضع، عمدت القاعدة إلى إخفاء وجودها في أفغانستان وفي المنطقة بشكل عام.
وبعد غارة عام 2022 التي أودت بحياة زعيمه أيمن الظواهري، وجد التنظيم ملاذاً غير مستقر في أفغانستان، حيث يمثل في الوقت نفسه سيف ذو حدين قد يتحول إلى عبء على الإمارة إذا أصبح نشاط بعض أعضائها مكشوفًا.
ومع ذلك، حث سيف العدل مؤخرًا المسلمين والجهاديين بشكل خاص على زيارة أفغانستان لاكتساب الدروس الجهادية منها، مما يشكل دعوة ضمنية للهجرة.
هذا النداء تماشى مع بيان سابق نشرته القاعدة في شبه القارة الهندية، داعية المهنيين المهرة – من أطباء ومهندسين وغيرهم – إلى الانتقال إلى أفغانستان للمساعدة في إعادة إعمار البلاد.
توجه جديد لفرع القاعدة في شبه القارة الهندية
نتيجة لذلك، يبدو أن القاعدة قد اختارت استراتيجية هادئة في المنطقة، على عكس نشاطها المكثف في مسارح أخرى مثل أفريقيا، إضافة إلى حرب إعلامية واسعة تركز إما على إنجازات “الإمارة الإسلامية” – بقيادة التنظيم في شبه القارة الهندية – أو على الديناميات المحلية والعالمية، مثل تصاعد الحرب في غزة.
وتكشف منشورات القاعدة في شبه القارة الهندية عن الاتجاه الجديد الذي اتخذه الفرع الإقليمي للتنظيم في المنطقة فيما يتعلق بالجبهات الجديدة، سواء على الأرض أو في مجال الدعاية، حيث تركزت الجهود على باكستان من جهة، وشبه القارة الهندية بأكملها من جهة أخرى.
تأثير متلازمة طهران على القاعدة
وتزداد صعوبة وضع القاعدة بسبب أن القيادة العامة للتنظيم يُعتقد أنها مقيمة في إيران، وهو ما يثير استياء بعض الأعضاء والفروع الذين لا يرحبون بفكرة أن إيران قد تمارس نفوذاً على قيادة القاعدة.
وبعد 7 أكتوبر 2023، اتخذت بعض الفروع الإقليمية للقاعدة، مثل فرع التنظيم في جزيرة العرب وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين وفرع التنظيم في شبه القارة الهندية، خطابًا معاديًا للشيعة وأحيانًا لإيران، وإن كان ذلك بشكل متقطع.
ورغم أنه لم يوجه أي انتقاد علني ضد سيف العدل، إلا أن بعض أعضاء التنظيم تساءلوا عن سياسة القاعدة في ظل التأثيرات الإيرانية المتصورة.
وقد اعتمدت طالبان الأفغانية بعد أغسطس 2021 سياسة براغماتية تجاه إيران، تميز بين العلاقات بين الدول والحرب في غزة.
ومع ذلك، تعكس مشاعر قيادة طالبان التصريحات التي أصدرتها وزارة الخارجية الأفغانية بالتعازي في وفاة قادة بارزين من حركة حماس، مثل إسماعيل هنية ويحيى السنوار، والتي تكررت من قبل منظمات متشددة إقليمية، بما في ذلك طالبان الباكستانية والقاعدة فرع شبه القارة الهندية.
وعلى النقيض من ذلك، ظلوا صامتين حول وفاة زعيم حزب الله حسن نصر الله أو قصف إسرائيل للبنان.
وبالتالي، وعلى الرغم من أن طالبان تشترك مع القاعدة في أيديولوجية جهادية ودينية، ورغم وجود مؤشرات على احتمالات التعاون بين بينها وبين جماعات جهادية أخرى أو قبولها الضمني لأنشطتها، فمن غير المرجح أن تعرض الإمارة مشروعها طويل الأمد للخطر لصالح القاعدة أو الأعضاء المتأثرين ربما بالنفوذ الإيراني.