بعد مزاعم وجود معادن سامة في منتجاتها.. “ليندت” توضح لأخبار الآن حقيقة الشكاوى - المساء الاخباري

الكادميوم هو مادة “مسرطنة” محتملة للإنسان

“شوكولاتة ليندت تحتوي على معادن ثقيلة تسبب السرطان وأمراض الكلى!”.. بعد مرور أكثر من عام على مقال نشرته الجمعية الأمريكية للمستهلكين حول احتواء نوعين من ألواح شوكولاتة ليندت السويسرية الداكنة على معدني الرصاص والكادميوم، والدعوى الجماعية التي رُفعت في فبراير 2023 في الولايات المتحدة، وزعم فيها المدّعون أن ألواح الشوكولاتة الداكنة التي تنتجها الشركة وبالأخص تلك التي تحتوي على 70% و85% من الكاكاو تتضمن هذين المعدنين، ها هو الموضوع يعود للساحة من جديد.

فقد أُعيد فتح القضية مؤخراً، ولكن هذه المرة حاولت الشركة السويسرية وقف هذه الشكاوى الجماعية عبر تفكيك وعدها الخاص بالجودة، حيث تراجعت عن حجتها بشأن جودة منتجاتها، على الرغم من أنها تشكل جانباً مهماً من استراتيجية عملها.

وقال محامو الشركة المصنّعة للشوكولاتة إن عبارتي “تميّز” و”مصنوع من أفضل مكوّناتنا” الظاهرتين على الأغلفة كانتا مجرد “إعلان مبالغ به” حسب وصفهم، وذلك وفقاً لقرار ابتدائي أصدرته محكمة في نيويورك يعود تاريخه إلى أوائل سبتمبر الماضي واطلعت عليه وكالة فرانس برس.

ولكن شدّدت ليندت بعد ذلك على أن استخدام “حجة الجودة المبالغ فيها” كان بمثابة رد قانوني “فني” أمام محكمة أمريكية وليس اعترافاً بمنتجات ذات جودة رديئة.

ولم تقبل محكمة نيويورك طلب المجموعة السويسرية برفض الدعوى.

معادن في شوكولاتة ليندت.. ما حقيقة الأمر؟

حول هذا الأمر، تواصل فريق أخبار الآن مع المتحدث باسم شركة “ليندت آند سبرونغلي” السويسرية الذي نفى بدوره كل الادعاءات الواردة في الدعوى، حيث قال “نحن لا نتفق مع الادعاءات الواردة في الدعوى القضائية الأمريكية الحالية، وعدم قبول طلب الرفض من قِبَل المحكمة لا يشكل بأي حال من الأحوال حكماً على الموضوع”.

وأضاف في رده على أسئلة “أخبار الآن” عبر البريد الإلكتروني: “تظل مزاعم المدّعين غير مثبتة بالكامل، ونحن نستمر في الاختلاف معهم، وواثقين من أنه بمجرد تطوير السجل الواقعي والقانوني سيتم إثبات زيف المزاعم، ومع ذلك، يرجى ملاحظة أننا لا نعلق على هذا الأمر كثيراً، نظراً لأن القضية مازالت مُعلّقة”.

وأوضح المتحدث باسم الشركة السويسرية أنه “في الولايات المتحدة، وتحديداً في ولاية كاليفورنيا، هناك متطلب إقرار للشوكولاتة الداكنة، أي أنه عندما يحتوي المنتج على الكادميوم أو الرصاص بكميات أعلى من الحد المقرر، يجب أن تعلن الشركة عن هذه المواد”، مؤكداً على أن ليندت لم تتجاوز ذلك.

يُشار إلى أنه لا يوجد مستوى فيدرالي محدد على مستوى الولايات المتحدة للتعرض للرصاص والكادميوم حسبما ذكرت صحيفة ديلي ميل، ولكن الأبحاث التي أجريت عام 2017 حددت أن 62 ميكروغراماً من الكادميوم هو أعلى مستوى يمكن أن يتحمله شخص يزن 154 رطلاً يومياً عندما يتعلق الأمر بصحة الكلى.

وأضافت الصحيفة أن “إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تدرج مستوى تحمل الكادميوم عند 0.21 إلى 0.36 ميكروغرام من الكادميوم يومياً لكل حوالي 2 رطل من وزن الجسم، أو حوالي 25 ميكروغراماً لشخص يزن 154 رطلاً”.

أما حول معدن الرصاص، فلا يوجد مستوى آمن للتعرض له، ولكن الجرعة اليومية المقبولة من الرصاص في الغذاء حسب إدارة الغذاء والدواء، هي 2.2 ميكروغرام للأطفال، وحوالي 8.8 ميكروغرام للبالغين.

وأكد المتحدث باسم الشركة المصنّعة للشوكولاتة أن جميع إجراءات الجودة والسلامة لديهم تضمن أن تكون كافة المنتجات آمنة للاستهلاك، وأن سلامة وجودة الغذاء من الأمور الأساسية بالنسبة لمجموعة “ليندت آند سبرونغلي”.

يُذكر بأن الرابطة الوطنية للحلويات الأمريكية قد ردّت على مقال جمعية المستهلكين الذي نُشر في نهاية العام 2022 في بيان لها قائلة بأنه “خَلُص تحقيق أجراه خبراء من خلال تسوية سابقة بموجب الاقتراح 65 في كاليفورنيا إلى أن الكادميوم والرصاص موجودان في الكاكاو والشوكولاتة بسبب التربة، وأن تنظيف حبوب الكاكاو أثناء معالجتها يقلل من نسبة وجود المعدنين في منتجات الشوكولاتة”، مؤكدة على أن المنتجات المذكورة في هذه الدراسة – ومن ضمنهم لوحي الشوكولاتة الداكنة لشركة ليندت – متوافقة مع متطلبات الجودة والسلامة بنسبة أقل بكثير من الحدود التي حددتها التسوية.

الرصاص والكادميوم.. ما مدى خطورتهما؟

يعد التعرض المستمر والطويل الأمد للمعادن الثقيلة حتى ولو لكميات صغيرة خطيراً على الصحة، حيث أنه وفقاً لسلطات الصحة العامة الأمريكية، فإن تناول أونصة واحدة فقط يومياً من الشوكولاتة الداكنة قد يزيد من مستوى تعرضنا للرصاص والكادميوم بنسبة كبيرة، وبالتالي إصابتنا بمجموعة من المشاكل الصحية.

ويقول توندي أكينلي، الباحث في سلامة الأغذية في Consumer Reports: “يؤدي التعرض المتكرر للرصاص لدى البالغين، على سبيل المثال، لمشاكل في الجهاز العصبي والمناعي ويسبب ارتفاع ضغط الدم وتلف الكلى ومشاكل في الإنجاب كذلك”.

ويضيف أكينلي: “إن خطر التعرض لمثل هذه المعادن يكون أكبر على الحوامل والأطفال الصغار، حيث يمكن أن تسبب لهم مشاكل في النمو، وتؤثر على نمو الدماغ، وتؤدي لانخفاض معدل الذكاء بالنسبة للصغار”.

كما يمكن أن يؤثر الرصاص على سلوك الأطفال، فيتسبب بانخفاض مدى الانتباه لديهم، وزيادة السلوك المُعادي للمجتمع، وانخفاض التحصيل التعليمي.

ويقول الخبراء إن الأطفال يمكنهم امتصاص حوالي 50% من الرصاص المتناول بعد الانتهاء من وجبة الطعام، وما يصل إلى 100% على معدة فارغة، ولا يوجد مستوى آمن للرصاص بالنسبة لهم.

وتصف وكالة حماية البيئة الأمريكية معدن الكادميوم بأنه “مادة مسرطنة” محتملة للإنسان، ومن الممكن أن يؤدي استهلاك مستويات منخفضة منه لإتلاف الكلى.

وبينما لا يأكل معظم الناس الشوكولاتة كل يوم، فإن 15% يفعلون ذلك حسب بعض الأبحاث، وحتى إن لم تكن تستهلك الشوكولاتة، فإن الرصاص والكادميوم لا يزالان يشكلان مصدر قلق بالنسبة إليك، حيث يمكن العثور عليهما في العديد من الأطعمة الأخرى كـ”البطاطا الحلوة والسبانخ والجزر”، ويمكن أن تتراكم كميات صغيرة من مصادر متعددة وتصل لمستويات خطيرة، ولهذا السبب من المهم أن نحد من تعرضنا لمثل هذه المعادن قدر الإمكان، حسب قول أكينلي.

الجدير بالذكر أن المقال الذي نشرته جمعية المستهلكين الأمريكية في نهاية العام 2022 حول احتواء لوحي شوكولاتة ليندت الداكنة على معدني الرصاص والكادميوم لم يكن موجهاً للشركة السويسرية وحسب، بل اختبرت الجمعية آنذاك 28 لوح شوكولاتة داكنة يتم بيعهم في الولايات المتحدة.

وكان أحد ألواح “ليندت” من بين المنتجات الثمانية التي عُثر فيها على نسبة عالية من الكادميوم، فيما كان اللوح الآخر المُصنّع من قِبَل الشركة نفسها من بين عشرة ألواح تحتوي على نسبة عالية من الرصاص.

وبعد نشر التقرير، قدّم مستهلكون في كل من ولاية ألاباما وكاليفورنيا وفلوريدا وإلينوي ونيفادا ونيويورك بشكوى ضد شركة الشوكولاتة السويسرية في أمريكا، حيث أنه رغم احتواء ألواح شوكولاتة أخرى على تركيزات أعلى من المعادن الثقيلة، إلا أنهم قد شددوا خلال شكواهم على أنهم “دفعوا مبالغ أعلى” مقابل شراء منتجات “ليندت” بهدف الحصول على شوكولاتة عالية الجودة، مؤكدين على أن الشركة قد سوّقت لمنتجاتها بشكل مخادع عبر كتابة “مصنوعة بخبرة بـأفضل المكونات” و”آمنة ولذيذة” وهي في الحقيقة عكس ذلك حسب قولهم.