ننشر لكم من خلال موقعكم " المساء الاخباري"
هيئة تحرير الشام تتخذ إجراءات لتسيير الحياة المدنية في حلب
أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ٢٥ نوفمبر إلى ١ ديسمبر ٢٠٢٤. إلى العناوين:
- هل تثبت “ردع العدوان” حاكمية الجولاني في سوريا؟
- هيئة تحرير الشام تتخذ إجراءات لتسيير الحياة المدنية في حلب
- القاعدة في اليمن تشيد بزحف المعارضة وتصفه ”بالنصر المبين“
وضيف الأسبوع، الأستاذ عروة عجوب، طالب الدكتوراة جامعة مالمو بالسويد والخبير في الجماعات الجهادية والسلفية؛ يحدثنا عن سيناريوهات ”اليوم التالي“ لـ “ردع العدوان” – شكل العلاقة بين الهيئة والجيش الوطني؛ والهيئة ومعارضيها.
“ردع العدوان”
تحت عناوين ”الثورة السورية: عدنا والعود أحمد،“ و ”الموعد دمشق،“ احتفى طيف واسع من معارضي النظام السوري بالزحف المنسق والمفاجئ الذي قادته فصائل معارِضة على حلب وحماة. هل سيتوقف الزحف عند حماة؟ كيف سيكون شكل خارطة سوريا في اليوم التالي؟ كيف سيكون شكل العلاقة بين الهيئة ومعارضيها من أفراد وفصائل، وبين الهيئة والجيش الوطني السوري في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون؟ الأسئلة أكثر من الإجابات. حتى الآن، نستعرض معالم الأسبوع الأول.
عسكرة منسقة ومنضبطة
في الساعات الأولى من يوم الأربعاء ٢٧ نوفمبر، قادت هيئة تحرير الشام ”فصائل عسكرية“ زحفت على قوات النظام السوري وحلفائه المتمركزة في حلب، فيما عُرف بعملية “ردع العدوان”.“ الهجوم كان منسقاً ومنضبطاً بحيث انطلقت الفصائل من عدة محاور تجاه ريف حلب الغربي ثم الجنوبي ملتفةً على المدينة بقطع أوتوستراد حلب – دمشق الدولي (M5).
في وقت قياسي، وبلا قتال عنيف وأحياناً بلا قتال، سقطت قرى ريف حلب وصولاً إلى مركز المدينة. معارضون في إدلب وخارجها تناقلوا صوراً وفيديوهات تُظهر ”فِرار“ قوات النظام من ناحية، وتكبد خسائر معتبرة في القوات الإيرانية المساندة من ناحية أخرى.
وهكذا، في الأيام الثلاثة الأولى، سيطرت فصائل “ردع العدوان” على حلب: المطار الدولي وقلعة حلب؛ وبلدتي نُبل والزهراء العلويتيين ”معقل المليشيات الإيرانية؛“
”فجر الحرية“
بعد ثلاثة أيام من انطلاق “ردع العدوان”، دخلت على الخط فصائل الجيش الوطني السوري التابع للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة المتمركز في مناطق شمال سوريا: درع الفرات وغصن الزيتون.
في الساعات الأولى من يوم السبت ٣٠ نوفمبر، أعلن الجيش الوطني عن انطلاق عملية ”فجر الحرية“ مستهدفاً المحور الشمالي لريف حلب حيث تتمركز قوات سوريا الديمقراطية ”قسد.“ في اليومين التاليين، سيطر الجيش الوطني على بلدة تل رفعت الاستراتييجة شمال حلب، وعلى مطار كويرس العسكري غرباً بما فيه الكلية الجوية. في ٢ ديسمبر، انتشر فيديو يظهر فيه عقيد من الجيش الوطني يحلق بمروحية في محيط المطار.
إلى الجنوب
ابتداء من يوم السبت ٣٠ نوفمبر، بدأت فصائل “ردع العدوان” الزحف على حماة من جهة الشمال؛ فيما ترددت أنباء عن استهداف وسط المدينة بالمسيرات.
سلاح جديد: مسيّرات شاهين
أمر آخر ميّز هجمات “ردع العدوان” كان استخدام غير مسبوق لأسلحة متطورة أو على الأقل أسلحة جديدة.
لأول مرة تظهر ما يُسمى ”كتائب شاهين“ المتخصصة في تحليق الطائرات المسيرة محلية الصنع المحملة بالمتفجرات. معرفات الهيئة وصفتها ”بالصواريخ المجنحة.“ الإعلامي الأول في الهيئة، أحمد زيدان، قال إنها ”غيّرت قواعد اللعبة،“ إذ فاجأت قوات النظام وحلفائه وفجّرت مواقع لم تصلها القوات الراجلة. يُضاف إلى هذا السلاح، اغتنام المعارضة مروحيات وصواريخ من نوع ”الكونكورس“ خلفتها قوات النظام.
في اليوم التالي …
بموازاة السيطرة العسكرية على حلب، يبدو أن هيئة تحرير الشام – التي تقود “ردع العدوان” – أعدّت لليوم التالي باتخاذ إجراءات تُعزز سلطتها كحاكم فعلي في المناطق ”المحررة حديثاً.“
من أهم الإجراءات المتخذة هنا هو حفظ السلم الأهلي من قبيل تأمين المؤسسات الأجنبية والبعثات الدبلوماسية في حلب؛ وحماية الأقليات. فكان لافتاً أن نشرت معرفات معارِضة تقليدياً للهيئة تصريحات لرجال دين مسيحيين يدعون رعيتهم إلى الاطمئنان للواقع الجديد. يُضاف إلى ذلك بيانات صدّرتها إدارة الشؤون السياسية في المناطق المحررة التابعة لحكومة الإنقاذ، الجناح المدني للهيئة، موجهة للأكراد وأهالي نُبّل والزهراء العلويتيين تتعهد فيها الهيئة بضمان حقوقهم في ”سوريا جديدة تتسع لجميع أبنائها، دولة تحترم حقوق الجميع وتضمن العدالة والكرامة بين مكوناتها كافة.“
من ناحية أخرى، حرصت الهيئة على استمرار الخدمات في المناطق التي سيطرت عليها فبدأ العسكر بتسليم الأرض إلى حكومة الإنقاذ ”من أجل إعادة الخدمات وتفعيل المؤسسات التعليمية والخدمية والتجارية لها.“ كما سيّرت الهيئة دوريات الأمن العام ”لحماية ممتلكات الأهالي.“
والحقيقة أن هذه استراتيجية ليست جديدة على الهيئة. لنتذكر أنه عندما سعت الهيئة إلى التوسع شمالاً في درع الفرات وسيطرت فعلياً على عفرين في أكتوبر ٢٠٢٢، بدأت فوراً بتسيير فرق مدنية إنسانية لتسيير الحياة اليومية.
معارضو “هتش” بعد “ردع العدوان”
يبدو أن ثمة إجماع بين معارضي النظام السوري على تأييد هذا الزحف الجديد تجاه حلب وحماة – وربما أبعد منهما. المعارضون السوريون على اختلاف أطيافهم يعتبرون الآن أن الأولوية هي مقارعة النظام. يلفت هنا موقف معارضي هيئة تحرير الشام التي قادت فصائل ”ردع العدوان“ – حتى إن زعيم الهيئة أبا محمد الجولاني ظهر في اليوم التالي للمعارك ”يقود“ من غرفة العمليات؛ مما لا يدع مجالاً للشك في قيادة الهيئة.
حسابات معارضة كثيرة لم تذكر لفظ الهيئة وهي تنقل بفخر الأخبار القادمة من ساحة المعركة؛ فاكتفت بالإشارة بداية إلى ”فصائل الثورة ضمن غرفة عمليات الفتح المبين؛“ ولاحقاً استخدموا لفظ ”الفصائل العسكرية.“ في نفس الوقت، لم يُخف المعارضون إعجابهم ”بحسن الاعداد والعسكرة“ الذي أبدته الفصائل المقاتلة طوال أسبوع.
لكن هذا لم يمنع معارضين تقليديين من تأكيد موقفهم حتى في هذا الظرف. أبو يحيى الشامي قال: “فرحنا بالفتوحات السريعة لا يمنعنا ولا ينسينا وضع العلامات على الطريق والملاحظات الهامة.“حساب قناة أبو محمد نصر دعا إلى ”تشكيل مجلس شورى حقيقي لإدارة المناطق المحررة، والخلاص من حكم الفرد؛“ كناية عن الجولاني أو حتى الهيئة.
آخرون كانوا أكثر حدة مثل السعودي ماجد الراشد أبي سيّاف الذي سمّى الجولاني عندما دعاه إلى ”الاعتزال“ حتى ”تجتمع الفصائل وتتوحد الصفوف بالشورى على من يختارونه.“
جانب مهم في هذه العلاقة مع الذات هو ملف معتقلي الرأي – المعارضين المعتقلين لدى هيئة تحرير الشام. وهنا، استغل المعارضون بيان الهيئة الموجه إلى نُبّل والزهراء؛ فعلّق الدكتور فاروق كشكش وقال: ”كان الأولى أن يطبق الجزء الأخير من البيان، على سكان ادلب قبل تطبيقه على سكان نبل والزهراء، حيث تكون ادلب مكان يتسع الجميع وسلطة تحترم حقوق الجميع وتضمن العدالة والكرامة، وتطلق سراح معتقلي الرأي.“
المعارضون دعوا إلى إطلاق سراحهم وسمّوا بعضهم مثل أبي يحيى الجزائري، القيادي المُقال من حراس الدين ممثل القاعدة في الشام والمسجون منذ أربعة أعوام؛ وأبي شعيب المصري، الشرعي المنشق عن الهيئة، الذي تحداهم رغم اعتقاله مراراً. الهيئة استجابت في الأيام الأولى لمثل هذه الدعوات فأطلقت سراح شريف أبي عبدالهادي وشهم العلوان.
القاعدة تؤيد “ردع العدوان”
منذ اليوم الأول ”ل”ردع العدوان”،“ أشار بعض المحللي – تلميحاً وتصريحاً – إلى علاقة الهيئة بالقاعدة. عارفون صححوا المعلومة مذكرين بأن الهيئة قطعت علاقتها بتنظيم القاعدة منذ ٢٠١٦ قطيعة دراماتيكية لا تختلف عن القطيعة بين التنظيم و داعش. فكيف تعامل الجهاديون مع هذه المجريات؟ تنظيم القاعدة في اليمن نشر في ١ ديسمبر بياناً بعنوان ”تأييد ومباركة ل”ردع العدوان” النصيري في شامنا الحبيب؛“ وصف أحداث نوفمبر ”بالنصر المبين“ و”المناسبة العظيمة.“ البيان لم يذكر الهيئة أو الفصائل ضمن “ردع العدوان”.
الخبيرة في الشأن الجهادي في خدمة BBC Monitoring السيدة مينا اللامي، لفتت إلى دعوة البيان إلى ”واجب“ القتال تحت راية ”التوحيد“. واعتبرت أن في هذا تذكيراً للهيئة ”بمسؤولياتها كجماعة إسلامية، ومحاولةً لتهدئة المتشددين الذين ينتقدون الهيئة ويتهمونها بالتجرؤ على المبادئ الإسلامية من أجل تحقيق مكاسب سياسية.“
في هذا الملف، لفت الباحث أيمن التميمي إلى صور نشرها الحزب الإسلامي التركستاني في سوريا – وهو حزب من مسلمي الصين الإيغور. الصور تبين مشاركة مقاتلي الحزب في “ردع العدوان” إلى جانب الهيئة من سراقب جنوب شرق إدلب إلى مورك شمال حماة.
الباحث آرون زيلين علّق: ”ما لم تستغني الهيئة عن مقاتلين أجانب مثل هؤالاء المُدرجين على قوائم الإرهاب الأمريكية؛ فإن أمريكا لن ترفع اسم الهيئة من تلك القوائم.“
أخبار متعلقة :