ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، اليوم الأحد أن روسيا رغم أنها تتظاهر باللامبالاة حيال الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي سوف تنطلق رسميًا بعد يومين، فإنها ربما تميل بهدوء تجاه المرشح الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترامب.
وقالت الصحيفة في مستهل مقال تحليلي إن أجندة ترامب الدولية تبدو أكثر ملاءمة لأذواق الكرملين، ولكن حتى خططه لإنهاء الحرب في أوكرانيا قد لا تكون مقبولة لدى الرئيس فلاديمير بوتين.
وأضافت الصحيفة أن الأمر بدا وكأنه أقوى تأييدا من روسيا لمرشح رئاسي أمريكي حتى الآن، وعندما سُئل عما إذا كان يفضل دونالد ترامب أو كامالا هاريس، ابتسم الرئيس الروسي بوتين وقال للحضور في المنتدى الاقتصادي الشرقي في مدينة فلاديفوستوك الروسية في شهر سبتمبر الماضي:" كان الرئيس الحالي السيد جو بايدن هو المفضل لدينا إذا كان بإمكانك تسميته كذلك. لكن تم إبعاده من السباق، وأوصى جميع أنصاره بدعم السيدة هاريس. حسنًا، سنفعل ذلك وسندعمها".
ورأت "واشنطن بوست" أن تصريحات بوتين كانت عبارة عن سخرية جيوسياسية خفيفة مصممة لإخفاء شعور ما في موسكو بأن روسيا ستكسب الكثير من رئاسة ترامب الثانية حتى مع التقليل علنًا من أهمية الانتخابات الأمريكية التي سوف تنطلق بعد غد الثلاثاء.
ونقلت "واشنطن بوست" عن مسئولين أمريكيين ووثائق سبق أن أوردتها أن الكرملين وجهاز الاستخبارات العسكرية الروسي نفذوا حملات تضليل متعددة تستهدف هاريس وزميلها في الترشح تيم والز، بالإضافة إلى إثارة الشكوك حول صحة التصويت، وبالنسبة لبوتين، قالت "واشنطن بوست" إن الانتخابات الأمريكية تأتي في منعطف حرج، حيث يواجه الزعيم الروسي والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ضغوطًا متزايدة بسبب استمرار العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا واقترابها من نهاية عامها الثالث.
وأبرزت أن الكرملين سعى، منذ غزوه أوكرانيا في فبراير 2022، إلى تقويض الدعم الغربي لأوكرانيا والترويج لوجهات نظر انعزالية يمينية متطرفة حتى أن أجندة ترامب ربما تتوافق مع أجندة موسكو، حيث انتقد ترامب مرارًا وتكرارًا الإنفاق الأمريكي على المساعدات لكييف. لكن في موسكو، ظل المزاج العام حتى الآن أكثر هدوءًا في العلن بل واتسم باللامبالاة بشكل واضح مقارنة بسنوات الانتخابات الماضية.
الانتخابات الأمريكية والاحتفال بفوز ترامب
وأعادت الصحيفة الأمريكية إلى الأذهان وقائع عام 2016 عندما انفجر مجلس النواب الروسي " الدوما" بالتصفيق بعد إعلان فوز ترامب في تلك الانتخابات.
ونظم الناشطون المحافظون حفلات انتخابية في موسكو، بينما أشاد الدعاة الروس بفوز ترامب باعتباره عصرًا جديدًا للعلاقات الأمريكية الروسية.
وهنأ بوتين ترامب على فوزه في برقية، معربًا عن أمله في أن يعمل الرئيس الجديد معه للمساعدة في "قيادة العلاقات الروسية الأمريكية للخروج من حالتها الحالية من الأزمة".. ولكن في السنوات الثماني التي تلت ذلك، ساءت العلاقات المشتركة، خاصة منذ بدء العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا. وفي العام الماضي، ألغى بوتين تصديق روسيا على معاهدة الحظر النووي، التي تحظر التفجيرات التجريبية النووية وتوقف الحوار بين موسكو وواشنطن بشأن مسائل الأمن الاستراتيجي.
وقد اقترح ترامب أنه يمكنه تحسين العلاقات، وتحدث بإعجاب متكرر عن بوتين وقال في مقابلة إعلامية أجراها يوم الخميس الماضي إنه سيسحب روسيا من تحالفها المتعمق مع الصين، وزعم مرارًا وتكرارًا أنه يمكنه وقف القتال في أوكرانيا في يوم واحد. ومع ذلك، يقول قِلة في موسكو إنهم يعتقدون أن ترامب يمكنه تحقيق تحول كامل في العلاقات، خاصة بعد القليل من التغيير خلال ولايته الأولى.
وقال مسئول سابق في الكرملين لا يزال يعمل في الدوائر الحكومية وتحدث للواشنطن بوست بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة أمور حساسة:" بالطبع نحن نريد ترامب. هذا واضح، لكن نتيجة هذه الانتخابات لن تكون عامل تغيير لروسيا. لقد أصبح الوضع رهيبًا حقًا. العلاقات الأمريكية الروسية في طريق مسدود. والجميع رهينة لذلك، حتى بوتين". في الوقت نفسه، سعت وسائل الإعلام الحكومية الروسية إلى تصوير الانتخابات المقبلة باعتبارها الشرارة التي قد تشعل "حربًا أهلية جديدة" في أمريكا، في حين هاجم بعض النواب الروس هاريس بشكل غير متناسب ودافعوا عن ترامب، كما يقول المحللون، مكررين الإهانات التي وجهتها وسائل الإعلام اليمينية المتطرفة في الولايات المتحدة وتكرار تصريحات الكرملين وغالبًا ما تم تصوير هاريس على أنها غير متماسكة وسخر المعلقون التلفزيونيون من ضحكها.