أحمد هريدي
أحمد هريدي
الإعلان المبكر عن استعداد التنظيمات الإرهابية السورية لفتح سفارة إسرائيلية في دمشق عندما يتحقق لها ما تتمنى وينجح مخطط "إسقاط نظام الحكم في سوريا"، واعترافها الصريح عبر وسائل الإعلام العبرية بأنها تطلب دعمًا سياسًيا وعسكريًا من إسرائيل وحلفائها، يقدم إجابات واضحة وصريحة على العديد من التساؤلات حول طبيعة العلاقة بين إسرائيل والتنظيمات الإرهابية.
في الأول من ديسمبر 2024، نقلت إذاعة "مكان" العبرية تصريحات الباحث الإسرائيلي المتخصص في شئون الشرق الأوسط، موتي كيدار، التي أكد فيها أن قادة من التنظيمات السورية المسلحة يسعون إلى خطوات غير مسبوقة مع إسرائيل، وقال كيدار إنه "على اتصال مستمر مع قادة الفصائل السورية، والانطباع الحاصل لديه هو أنهم لا يعتبرون إسرائيل عدوًا، بل إنهم يخططون لفتح سفارة اسرائيلية في دمشق وبيروت في حال نجاحهم في القضاء على حكومة بشار الأسد وعلى تموضع إيران وحزب الله في سوريا"، وأضاف: "إن قادة الفصائل يعتبرون أن إسرائيل هي الحل وليست المشكلة".
وبعد أيام قليلة، وتحديدًا في الرابع من ديسمبر 2024، ظهر إرهابي مسلح يزعم أنه أحد ضباط ما يسمى "الجيش السوري الحر" على قناة i24news العبرية ليزعم أن العدو المشترك الآن هو النظام الإيراني وأذرعه في المنطقة. وأشاد الإرهابي المُلثم بالدور الذي تلعبه إسرائيل والإدارة الأمريكية القادمة بقيادة دونالد ترامب في مواجهة هذا العدو، واصفًا القصف الإسرائيلي لمواقع حزب الله بـ"المبارك". وأضاف: "نحن ننتظر العمل معًا لتحقيق الاستقرار والقضاء على التهديد الإيراني".
وفي السادس من ديسمبر 2024، كشفت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن قائدًا عسكريًا في تنظيم ما يسمى "الجيش السوري الحر" وافق على إجراء مقابلة عبر الهاتف بشرط عدم الكشف عن هويته، وتحدث عن أهداف الحملة الجارية، ورؤيته لمستقبل سوريا والعلاقات مع إسرائيل، والدعم الذي يمكن تقديمه للتنظيمات المسلحة، وقال: "نحن منفتحون على الصداقة مع الجميع في المنطقة، بما في ذلك إسرائيل. ليس لدينا أعداء غير نظام الأسد وحزب الله وإيران.. ما فعلته إسرائيل ضد حزب الله في لبنان ساعدنا كثيرًا. والآن نحن نعتني بالباقي"، وأضاف: "سنسعى إلى السلام الكامل مع إسرائيل، وسنعيش جنبًا إلى جنب كجيران. ومنذ اندلاع الحرب، لم نُدل بأي تعليقات انتقادية ضد إسرائيل، على عكس "حزب الله" الذي صرح بأن هدفه تحرير القدس ومرتفعات الجولان.. تركيزنا الوحيد هو التخلص من الأسد والميليشيات الإيرانية"، على حد وصفه، وتابع: "سأقول فقط إننا ممتنون لإسرائيل على ضرباتها ضد حزب الله والبنية التحتية الإيرانية في سوريا، ونأمل أن تزرع إسرائيل وردة في الحديقة السورية بعد سقوط نظام الأسد وأن تدعم الشعب السوري لصالح المنطقة"، على حد زعمه.
وأردف: "ينبغي لإسرائيل أن تفكر في ضرب القوات المدعومة من إيران أينما تراها. نحن نحاول منعهم على الطرق ونصب كمائن لهم، لكن ينبغي لإسرائيل أيضًا أن تتحرك من الجو".
هذه التصريحات والمواقف تعيد إلى الأذهان زيارة الدكتور كمال اللبواني، أحد قادة التنظيمات السورية إلى إسرائيل في سبتمبر 2014، والذي وصفته صفحة "إسرائيل تتكلم العربية" عبر "الفيسبوك" بـ"مانديلا سوريا". خلال الزيارة أثنى اللبواني على الدور الإنساني المزعوم الذي تقوم به إسرائيل في علاج الجرحى السوريين في مستشفى "زيف" الطبي شمال إسرائيل. ونقلت الصفحة عن المعارض السوري المزعوم قوله لنائب رئيس مركز "زيف" الطبي الذي رافقه خلال الزيارة: "أشعر بالتقدير الكبير لما يقدمه المركز للجرحى السوريين من أبناء شعبي الذين جرحوا في الحرب من علاج طبي، وأعتبره لفتة إنسانية مؤثرة تمهد الطريق لتآلف القلوب بين الشعبين وتبعث على الأمل في حلول السلام في أيام أكثر هدوءا".
وقدمت الصفحة الإسرائيلية تعريفًا للمعارض المزعوم وقالت: "يعتبر د.كمال اللبواني منذ ما يزيد على عقدين في عداد أبرز الناشطين الليبراليين من أجل حقوق الإنسان في سوريا".
وختامًا، يبدو أن العلاقة بين التنظيمات الإرهابية السورية وإسرائيل قد تجاوزت مرحلة ما كان يُسمى "التنسيق الإنساني" لتصل إلى التنسيق السياسي والاستراتيجي. هذه التحركات والحرب بالوكالة تفتح الباب أمام جدل واسع حول مستقبل سوريا والتحالفات الإقليمية في ظل المتغيرات والمستجدات. ويبقى السؤال: هل ستعيد هذه التحركات رسم خريطة الصراع في المنطقة، أم أنها مجرد خطوة تكتيكية ضمن مؤامرة دولية كبرى لا تتوقف عند نشر الفوضى في سوريا؟