ننشر لكم من خلال موقعكم " المساء الاخباري"
برلمان كوريا الجنوبية يلغي قرار الرئيس بفرض الأحكام العرفية
الوضع في كوريا الجنوبية بدا وكأنه مفتوحا على كل الاحتمالات، وحبس العالم فيها أنفاسه متابعا تطورات متلاحقة في العاصمة سيول، بعدما أعلن الرئيس يون سوك يول، فرض الأحكام العرفية خلال بث تلفزيوني مباشر لم يتم الإعلان عنه مسبقاً، قبل أن يعود بعد ساعات، وبعد ردود فعل غاضبة، ليعلن امتثاله لقرار دستوري، برلماني ويعلن رفعها.
ما الذي حدث خلال تلك الساعات في كوريا الجنوبية؟.
الإعلان المفاجئ ليل الثلاثاء تبعه نشر القوى الأمنية والعسكرية في محيط الجمعية الوطنية البرلمان، وتجمهر مئات المواطنين في سيول عند أبوابه، فيما جرت محاولات فاشلة لمنع دخول أعضاء البرلمان للمبنى، إذ نجح عدد كاف من النواب، وصوّتوا بعد ساعات من القرار لوقف فرض الأحكام العرفية، إلا أن الجيش أعلن عدم الانصياع للقرار الدستوري.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن الجيش أنه سيواصل تطبيق الأحكام العرفية التي فرضها الرئيس يون إلى أن يقرر هو رفعها، وهو ما حدث فعلا، إذ خرج يون مجددا في خطاب متلفز قائلا: “قبل قليل، كان هناك طلب من الجمعية الوطنية برفع حالة الطوارئ، قمنا بسحب الجيش الذي نُشر لتطبيق عمليات الأحكام العرفية. سنقبل طلب الجمعية الوطنية ونرفع الأحكام العرفية”.
وقوبل الإعلان بفرحة في أوساط متظاهرين نزلوا إلى الشوارع احتجاجا على فرض الأحكام العرفية، خصوصا عند البرلمان.
ليلة طويلة
لم يكترث المحتجون في العاصمة لتأخر الوقت، ولا لقمع القوات الأمنية، وبقيوا في الشوراع وقبالة مبنى البرلمان حتى ساعات الفجر الأولى من يوم الأربعاء، ونقلت وكالة رويترز بثاً مباشراً من منطقة تواجدهم في وقت سابق، شاهده عشرات الآلاف عبر حسابها في منصّة إكس.
وعبر المتظاهرون في محيط مبنى البرلمان عن اعتراضهم بترديد عبارة “أوقفوا يون سوك يول”، الذي أعاد ذكرى قاتمة خضعت فيها بلادهم للحكم العسكري تحت سلطة الزعيمين الديكتاتوريين تشون دو هوان وروه تاي وو في الثمانينيات والتسعينيات، وشهدت حقبتهما قتل المئات واعتقال الآلاف وحظر الأنشطة السياسية وإغلاق الجامعات، إضافة للفساد المالي وعمليات الاختلاس المليونية من المال العام.
وكان هذا رد الفعل المباشر بعد الصدمة التي تلقوها في خطاب الرئيس المنتخب عام 2022، حيث أعلن فرض الأحكام العرفية، مع جملة قرارات تتسم بانتهاكات حقوقية.
يون برر قراره بأنه “من أجل حماية كوريا الجنوبية الليبرالية من التهديدات التي تمثّلها القوات الشيوعية، والقضاء على العناصر المناهضة للدولة التي تنهب حرية الناس وسعادتهم”.
وأضاف: “من دون أي اعتبار لحياة الناس، قام حزب المعارضة بشلّ الحكم لغرض إجراءات العزل (السياسي) والتحقيقات الخاصة وحماية قائدهم من القضاء”.
وتابع “جمعيتنا الوطنية (البرلمان) أصبحت ملاذا للمجرمين، ووكراً للديكتاتورية التشريعية التي تسعى إلى شلّ النظم القضائية والإدارية وقلب نظامنا الديمقراطي الليبرالي”.
وفي كلمته لم يقدم يون تفاصيل بشأن أي تهديدات محددة من كوريا الشمالية المسلحة نوويا، علما أن البلدين لا يزالان في حالة حرب رسميا منذ نهاية النزاع في شبه الجزيرة الكورية عام 1953.
وتعد كوريا الجنوبية ذات النظام السياسي الديمقراطي حليفا رئيسيا في آسيا للولايات المتحدة التي تنشر آلاف الجنود على أراضيها.
وتمكن نحو 190 نائباً من أصل 300 من دخول مبنى البرلمان بعد منتصف ليل الثلاثاء الأربعاء بالتوقيت المحلي، وصوّتوا بالإجماع لصالح وقف فرض قانون الأحكام العرفية والمطالبة برفعه.
وتتمتع المعارضة بالغالبية في مجلس النواب، لكن يون يعتبرها “قوى مناهضة للدولة عازمة على قلب النظام”.
وأفادت وكالة “يونهاب” الرسمية بأن أوامر صدرت لكل الوحدات العسكرية في البلاد لتعزيز مستوى تأهبها للطوارئ وجاهزيتها العملانية.
خلافات مادية
وكانت ليلة الثلاثاء حلت على سيول بعد تعثّر السلطات التشريعية والتنفيذية من الوصول لاتفاق على ميزانية العام المقبل 2025.
وأقر نواب المعارضة في لجنة نيابية الأسبوع الماضي، مقترح ميزانية مخفّضة بشكل كبير، إذ تم اقتطاع نحو 4,1 تريليون وون (2.8 مليار دولار) من الميزانية التي اقترحها يون.
وخفّضت المعارضة صندوق الاحتياط الحكومي وميزانيات النشاطات لمكتب الرئيس والادعاء والشرطة ووكالة التدقيق التابعة للدولة، كما ذكرت فرانس برس.
واتهم يون، نواب المعارضة باقتطاع “كل الميزانيات الضرورية لوظائف الدولة الأساسية، مثل مكافحة جرائم المخدرات والحفاظ على السلامة العامة” مما يعنى برأيه “تحويل البلاد الى ملاذ آمن للمخدرات وحالة من الفوضى في السلامة العامة”.
وكان استطلاع لمعهد غالوب الأميركي أظهر الأسبوع الماضي أن شعبية يون تراجعت إلى 19 في المئة فقط، مع إبداء أغلبية المستطلعة آراؤهم عدم رضاهم على إدارته للاقتصاد والجدل المحيط بزوجته كيم كيون هي.
بتهمة التمرد
أعلن الحزب الرئيسي المعارض في كوريا الجنوبية أنّه سيرفع دعوى قضائية ضدّ الرئيس يون سوك يول وعدد من كبار معاونيه الأمنيين بتهمة “التمرد”، وذلك بسبب فرضه الأحكام العرفية في البلاد.
وقال “الحزب الديموقراطي” في بيان “سنرفع دعوى بتهمة التمرّد” ضدّ كلّ من رئيس الجمهورية ووزيري الدفاع والداخلية و”شخصيات رئيسية في الجيش والشرطة متورطة” في إعلان حالة الأحكام العرفية، مشيرا إلى أنّ المعارضة ستسعى كذلك إلى عزل الرئيس عبر محاكمته برلمانيا.